ماركيز في رائعته ساعة نحس حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية
آخر تحديث GMT06:18:37
 العرب اليوم -

ماركيز في رائعته "ساعة نحس" حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - ماركيز في رائعته "ساعة نحس" حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية

واشنطن ـ وكالات

" كنا نشكو طوال سنوات من أن شيئا  لا يحدث فى هذة البلدة ، و فجأة بدأت المأساة ، كما لو كان الرب قد أعد  كل شئ بحيث إن ما كف عن الحدوث طوال سنوات طويلة يبدأ فى الوقوع  " هكذا كان حال قرية  " ماكوندو  "  القرية الأسطورية التى تقع بها أحداث  معظم روايات الكاتب الكولومبى الكبير " غابرييل جارسيا ماركيز  " . و نحكى هنا عن " ساعة نحس " الرواية من أعمال ماركيز المبكرة  ، و التى كانت أساسا لرواياته بعد ذلك تدور أحداث ساعة نحس فى قرية تعيش فى حالة حصار فى زمن ديكتاتورى حيث يسيطر الجيش على السلطة بيد من حديد ، فالقرية تحكمها حكومة طوارئ  بعد فترة من الحروب الأهلية و الاضطرابات السياسية ، لكن تحدث أشياء تقلب حياة القرية رأسا على عقب ، فلا أحد يدرى ماذا يدور خلف الأبواب و فى الطرقات . فى بداية الرواية تشعر بأن القرية و ساكنيها غارقون فى السكون ،  و لكن مع دقات أغنية  " سيفيض البحر بدموعى " التى دوت فى القرية ، يتحول الهدوء لثورة و فيضان  ، و  عندما يصبح  الألم حصيناً في مواجهة المسكنات ، فالإنفجار هو المنتظر .  فإذا القرية تستيقظ ذات يوم على مقتل " باستور " العازف الشاب الذى  اعتادت القرية على سماع أنغامه و أغانيه فى الصباح الباكر ، وبرغم حالة الانفعال التى تعيشها المدينة ، و لكن حرص العمدة - الملازم بالجيش  - أن يوجه إنذاره " حذار إذا قلب أحد على المدينة ، فسألقيه بالسجن " . نشرات الفضائ  برغم مقتل باستور ، أعلن مدير السينما عن عرض الليلة ، و لكن من أوقفه القس " أنجيل  "  ، فقال له مدير السينما " فى العام الماضى قتل رجال الشرطة بأنفسهم رجلا داخل دار السينما ، و ما إن خرجوا بالجثة حتى استمر العرض"  ، و عندما يرد القس بأن الأمور أصبحت مختلفة الآن ، يجيب المدير " حين يجرون الانتخابات مرة أخرى سيعود القتل من جديد ، دائما و منذ كانت المدينة يحدث الشئ ذاته " .  " أعتقد أن أياما مريرة تنتظرنا " هكذا قالها القس بأسى . كان الجميع يتداول قصة بلدة أطاحت بها نشرات الفضائح فى أسبوع واحد ، فانتهى الأمر بسكانها إلى قتل بعضهم بعضا ، فكانت إحدى هذة المنشورات سبب مقتل " باستور  " ، و كان ذلك مدعاة للذعر بالقرية  ، فكانت البلاد تتعافى من أوجاعها القديمة  ، و الكارثة الراهنة قد تثير المتاعب . أما عن رجل العدل بالقرية القاضى " أركاديو  "  فكان سكيرا ، لم يدخل مكتبه منذ تعيينه منذ 11 شهر ،  و لا عجب من ذلك فالمكتب يحمل ذكريات مريرة ، فعلى نفس الكرسى مات القاضى السابق لأنه أصر أن يضمن حرمة " الاقتراع  "  ، فحيته الشرطة بوابل من الرصاص أردته صريعا بمقعده  ، كما تم قتل  نائب الأمن العام  بكعوب البنادق . و عندما دخل أركاديو المكتب رسمه لنا " ماركيز  " بحس ساخر متشبع بالمرارة ، فتجد أمامك " صورة العدالة معصوبة العينين و تحمل الميزان فى يديها " ، و صورة أخرى كما وصفها ماركيز : " رجل أصلع سمين مبتسم يتقاطع على صدره وشاح الرئاسة و تحته كلمات مذهبة ، السلام و العدل !! "  يستمر ماركيز فى سخريته حينما تُسأل إمرأة عجوز عن صحتها فترد : " كل يوم أتحسن بصورة أفضل حتى أتمكن من الاقتراع  ! " و عندما قال العمدة للقس : " أعطس يا أبت نحن فى زمن الديمقراطية  " .  و يسخر ماركيز قائلا  : " نظام جديد ساد العالم ، و لم يستطع العثور على أحد أفلح فى فهمه " . كان القس أنجيل الوحيد الذى يرى أن المدينة مثالية ، و أن نشرات الفضائح ما هى إلا نتاج حسد لمدينتهم المثالية . و أرملة مونتيل التى اتهمها الناس بالجنون لأنها أرادت أن تتخلى عن أملاك زوجها ، التى جمعها على حساب دماء الأبرياء ، فعندما وصل حزبه إلى السلطة ، هددت الشرطة خصومه السياسيين بالقتل ، و ابتاع أرضهم و قطعانهم لقاء ثمن حدده بنفسه  ، و بتلك الأملاك الطائلة يظل له اليد العليا حتى لو تغيرت الحكومة  . أرادت الأرملة المغادرة للأبد ، حتى أن بناتها مقيمات فى باريس رافضات العودة إلى هذة البلاد البربرية التى يقتل بها الطلاب فى الشوارع  . ثم ينقلنا ماركيز إلى محل الحلاق المتمرد الذى يتخفى خلف يافطة " الكلام فى السياسة ممنوع " ، و عندما كان يحدث أحد زبائنه  " كارمايكل " محامى أرملة مونتيل ، الذى كان يرى أن حالة الاضطهاد انتهت منذ عام و مازال الناس يتحدثون عنها ، فرد الحلاق إن حالة التخلى التى يعيشونها هى أيضا اضطهاد . كان كارمايكل رجلا محايدا هكذا يقول عن نفسه فماذا يملك رجل فى رقبته 11 طفلا ، و لكن رغم ذلك كان نفس الرجل الذى تحمل السجن فيما بعد ، رافضا أن ينقل أملاك أرملة مونتيل إلى العمدة الجشع  . العمدة الديكتاتور الصغير فى المكان الذى يجلس به  العمدة ، جلس به العقيد " أوريليانو بوينديا " -  الذى يتكرر اسمه فى روايات ماركيز - لوضع شروط الاستسلام فى الحرب الأهلية الأخيرة  ، و قربه بموضع الثكنات كان يرقد أسرى معسكرات التعذيب . و يتذكر العمدة ليلة قدومه إلى البلدة فى منتصف نهار " مسحوق "  فى مدينة ظلت  " مستعصية " الولوج  ، هبط على المدينة  خلسة  فجرا  و كان يحمل أمرا بجعل المدينة " تخضع بأى ثمن  "  ، و بتعليمات أحد أنصار الحكومة المجهولين و ثلاثة عتاة الإجرام تم للعمدة ما أراد . و من طرائف العمدة أنه أمر الحلاق بإزالة يافطة " الكلام فى السياسة ممنوع  " قائلا  : " الحكومة هنا هى الوحيدة المخولة صنع أى شئ ، إننا نحيا فى ظل الديمقراطية و لا أحد يستطيع منع الناس من التعبير عن أفكارهم  !! " يا لها من جملة متناقضة ، و كأنه يقول  لهم حق التعبير و للسلطة صنع ماتشاء ، حتى حرية التعبير أمر مشكوك بصحته  . و عدما سُئل العمدة بما هو مشغول البال  ، رد قائلا  " بالفقراء " و قال :  " علينا أن نجعل هذة البلدة أفضل لأسوء !! "  ، و من كرمه عندما غطت الأمطار بيوت الفقراء ، و أرادوا نقلها لربوة أعلى ، فسمح لهم بنقلها على أرض الحكومة مجانا ، ثم ذهب للقاضى يقدم أوراق بملكيته للأرض و يطلب أن تعوضه الدولة على سكن الفقراء بها  !! " نتيجة للانتخابات الأخيرة قامت الشرطة بمصادرة و إتلاف البطاقات الانتخابية للحزب المعارض ، و الان لم يعد لدى أغلبية سكان البلدة أى وسيلة لإثبات هويتهم  ، و قال العمدة  : " أولئك الذين ينقلون دورهم لا يعرفون حتى أسمائهم  " . عندما تباهى العمدة أنه أعطى الأرض للفقراء و قال " الحال مختلف الآن ، فالحكومة الجديدة تهتم بأحوال المواطنين " قاطعته  امرأة قائلة  " أنتم لم تتغيروا .. كانت تلك مدينة طيبة قبل قدومكم  " . كان العمدة غاية فى الجشع و لم يترك أحدا لم يساومه ، أو يستولى على أملاكه ، فحرر قاتل باستور مقابل " 10 عجول " ، قائلا له أنه حصل على صفقة جيدة ، فقد صدرت الأوامر بقتله و مصادرة أمواله لتتمكن الحكومة من دفع النفقات الطائلة للانتخابات فى المقاطعة بأسرها . ضرس معار دون ساباس هو من قدم لمونتيل القائمة الكاملة لأسماء الذين تربطهم صلات بجماعات الثوار ، و هذا سبب كونه القائد الوحيد من  المعارضة الذى استطاع البقاء فى البلدة ،  و لكن بقى زعيم آخر الطبيب . كان  العمدة يقض مضجعه ألم " ضرسه  " ، و هذة ليست أول مرة يستعين بها ماركيز بألم الضرس ليقض مضاجع الحكام فى رواياته ، فهو رمز بأنهم أبدا لن يهنأوا بحكمهم المطلق ، و سيوجد دوما من يعارضهم . الطبيب جيرالدو رفض معالجة العمدة ، فاقتحم عيادته مع عساكره  ، و هدد بقتل زوجته ، و أدعوا أن الطبيب يخفى أسلحة بمنزله ، و قاموا بتمزيق كل ما فى الدار . فاضطر الطبيب لمعالجته على مضض ، و عندما طالب العمدة أن يخدره قبل أن يخلع ضرسه ، رد عليه قائلا :  " إنكم أيها القوم تقتلعون دون مخدر " .  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماركيز في رائعته ساعة نحس حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية ماركيز في رائعته ساعة نحس حين هدمت نشرات الفضائح عرش الطاغية



GMT 10:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
 العرب اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 10:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
 العرب اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 19:22 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

القمة العربية.. لغة الشارع ولغة الحكومات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab