القندسعن الحب وخذلان الأمكنة
آخر تحديث GMT08:17:10
 العرب اليوم -

"القندس"عن الحب وخذلان الأمكنة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "القندس"عن الحب وخذلان الأمكنة

الدوحة ـ وكالات

يبدأ الروائي السعودي محمد حسن علوان روايته 'القندس' باستهلال يحاول فيه مقاربة عجائبية، إذ يتخذ من حيوان القندس وملامحه الخارجية محاولة اختزال صفات العائلة التي ينتمي إليها البطل، وفي الأثناء لا ينسى إجراء مفارقات بين الحيوان النهري وبين سكن عائلته هناك في الرياض. ويعدد 'غالب' ملامح العائلة، فأخته نورة لها سنان بارزان يشبهان سن القندس، وعيناها تشبهان عيني أمه في حدتهما وصرامتها، كما أن للقندس يدين واحدة شحيحة تشبه أخاه سليمان في تقتيره، وأخرى قوية تنزع ثمار الحياة كأبيه. يوميات وإشراقات تبدو تلك الإشراقة في رواية علوان صنارة يصيد بها قارئا، يتوقع أن تأخذه إلى عالم مشحون بالغرائبية، لكن ما إن تمضي الصفحات قليلا حتى ينقطع معها نفس الروائي في بناء معمار روائي جذاب، ومعها ينقطع نفس القارئ الذي يشعر أنه يقرأ يوميات لشاب سعودي ينتقل في البلدان ويحط في بورتلاند، وينتقل معه القارئ في رحلاته وعودته الدائمة إلى الرياض مسقط رأسه وموطن حكاياته. ولأن الرواية سرد يقترب من السيرة الذاتية واليوميات، فقد بدا أن الأسلوب الأمثل للسرد يتمثل في استخدام ضمير المتكلم. وإذا كان هذا أسلوبا شائعا وسهلا يسمح للكاتب بالتدفق وأن ينوب عن شخصياته، فإن صعوبته تكمن في الحاجة إلى مخيلة تديم السرد وتبعد الملل عن المتلقي، ومن جهة أخرى، قدرة على إغناء الشخصيات وتركها تتجول بحرية في فضاء الرواية، بدلا من أن تتحول إلى دمى يحركها السارد. وهكذا عندما يفلت علوان شخصياته ويفك أسرهم تدب في روايته حيوية وجاذبية، كما في حال 'ثابت' صديق جده وأبيه، عندما يأخذ على عاتقه سرد حكاية جد البطل، وجدل القرية والمدينة (الرياض). يحفر عميقا في ذاكرة المكان ويقدم لوحات ساحرة عن الجد الذي يكسي حياته بالأسطورية، لتكون واحدة من الشخصيات الغنية والمعقدة التي تحضر في الرواية، وإن كان الحديث عنها بضمير الغائب من خلال ثابت. حكاية مكان يعاين الروائي الشاب مدينة الرياض في تحولاتها وقد 'شربت النفط' واتسعت شمالا وجنوبا، ومعها حكاية الأب الذي تشي الرواية بغناه، بينما تفاجئ خاتمتها بقلة ما يتركه للورثة إلى حد أن ابنه سليمان ينوي نبش قبر الوالد (تخييل روائي) للمقلب الذي شربه. وفي حكاية البطل غالب نشأة في كنف أب قمعي يعذبه بالفلقة، وحكاية عن حب غير مكتمل يجمعه مع غادة (زوجة دبلوماسي) ولوحات وصفية طويلة عن اغترابه في أميركا. لولا خيط السرد الذي يفلت مرارا من علوان ويبدو مرده إلى رغبة في بناء رواية طويلة، لكانت لغته التي لا تخلو من إشراقات وصفية ومتانة في تراكيبها، قادرة على إنجاز عمل مدهش لو لجأ فيه إلى الاختزال والتكثيف وإغناء شخصيات بأصواتها، ضمن بناء سردي يوجز حكاية يمكنها أن تشوق وتشد متلقيها إليها. ثمة في الرواية حالة اغتراب يعيشها البطل لا تختلف كثيرا عن تلك التي يحياها الكثيرون في أي من مجاميع المجتمع الذي ينتمي إليه، ويحمل غالب اغترابه المقيم من الرياض إلى أي مكان يحل فيه ويرتحل إليه. ومن باب حسن الظن بقدرة الروائي الذي يمتلك لغة عالية وحكائية غزيرة، فإن الملل الذي يتسرب إلى المتلقي مقصود، لأن بطله وسارده تختزل حياته كلها بالملل والمشاريع غير المكتملة: طفولة ناقصة ودراسة لم تكتمل بسبب بحث عن العائلة لم يكتمل. ولعل الرواية بكل تفاصيلها هي البحث الذي لم يقدمه غالب لجامعته، وحب ناقص لا نهاية سعيدة له رغم استمراره عشرين عاما، وخذلان الأمكنة التي لم تكن كسد القندس.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القندسعن الحب وخذلان الأمكنة القندسعن الحب وخذلان الأمكنة



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 00:06 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

قطر.. بعد الضّربة ليست كما قبلها

GMT 00:08 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

ضرب قطر… شنّ حرب على السّلام

GMT 07:10 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

معالي الوزيرة وصلت

GMT 03:47 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعلن طلب مسؤولين بحماس مغادرة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab