أرض المدامع تكشف كنوزها أمام البشر
آخر تحديث GMT17:14:46
 العرب اليوم -

"أرض المدامع" تكشف كنوزها أمام البشر

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "أرض المدامع" تكشف كنوزها أمام البشر

الرباط ـ وكالات

«أرض المدامع» هي الرواية الثانية، بعد أولى هي «سرير الأسرار» للروائي المغربي البشير الدامون (المركز الثقافي العربي). والمدامع، في التاريخ، هي أوانٍ صغيرة مصنوعة من زجاج غير شفاف كان الرومان يجمعون فيها الدموع عند فراق حبيب أو وفاة عزيز. وفي الرواية، هي الأواني التي يعثر عليها سيد القصر في كهف تحت الأرض، بعد مغامرة كلفته حياة زوجته، وفيها دموع الملكة جونيا أورانيا على زوجها بطليموس. وبذلك، تكون «أرض المدامع»، أرض التاريخ والحزن والكنوز والأسرار، هي الفضاء الروائي الذي يجمع بين الحاضر والماضي، بين الواقع والحلم، بين التاريخ والأسطورة. في هذا الفضاء المتخيّل تدور الأحداث، وتتحرّك شخصيات الرواية بحثاً عن كنوز تحلم بها، وتخوض دونها مسارات صعبة ومتعرّجة، فيعثر بعضها على كنزه، ويعود بعضها الآخر من الغنيمة بالإياب، ويصرّ البعض الثالث على متابعة البحث. تدور أحداث الرواية بين مدينتي تطوان وفاس المغربيتين، في الثمانينات من القرن الماضي. وترصد محاولات الشخصيات تغيير الواقع القائم بالفعل المباشر أو بالحلم والسعي لتحقيقه، بالعمل الفردي أو بالعمل الجماعي، ويكون لكل شخصية مخاضها الذي يترتب عليه نتائج معيّنة. فنحن أمام شخصيات قلقة، لوجودها في واقع سفلي، أو لوجودها في واقع جيد لا تكتفي به وتتطلع إلى واقع أفضل. ولكل شخصية حكايتها المتقاطعة مع حكايات الآخرين في شكل أو في آخر، ولكلٍّ كنزها الذي تحلم به وتبحث عنه. الشخصية المحورية في الرواية هي الراوية ثلاثة من فصولها الخمسة، المنخرطة في الأحداث والشاهدة عليها، وهي تنتمي إلى القاع الاجتماعي في ولادتها ونشأتها، وتناضل لتغييره في شبابها، وتدفع دون نضالها ثمناً كبيراً. تبدأ الراوية الرواية بجملة «أعبر بحراً من الليل» (ص 9)، وتنهيها بجملة «إنني ملزمة بمواصلة العبور» (ص 222)، حتى لتبدو حياتها، ما خلا محطات قليلة، عبوراً متواصلاً في الليل، فهي لقيطة نشأت في دار للمومسات، والمفارق أن مديرة الدار ممّا الزاهية تعهّدتها بتربية صارمة، فلا تنزلق إلى أفكار أحمد المتحرّرة، زميلها في الجامعة، ولا تسقط في إغراءات أمير، ابن سيد القصر، وتحفظ جسدها وروحها. تنخرط في النضال مع رفاق الجامعة وآخرين ضد النظام الرأسمالي الحاكم والطبقة الرأسمالية، فتوزّع المنشورات، وتتظاهر حتى إذا ما أخذ النظام يطارد المشاركين لاعتقالهم، تتدبّر ممّا الزاهية إخفاءها في قصر الباشا، هي التي كانت أخفته في شبابه حين مرّ بظروف مشابهة. تلبي دعوة أمير، ابن سيد القصر، لاكتشاف السراديب التي تزعم وصيّة قديمة أنها تحتوي على كنز لكنهما لا يعثران على شيء، ويأتي تدخّل سيدة القصر في اللحظة المناسبة لينقذها من الخوض في سراديب الجسد، وليجهض علاقة عاطفية كانت آخذة في التبلور بينها هي الآتية من القاع الاجتماعي وبين أمير المتحدّر من طبقة السادة. وتكون المفارقة أن الطبقة التي تناضل ضدها تقوم بحمايتها، ما يُسقط روائيّاً طبقيّة الصراع. تُعتقل وتخضع لأبشع أنواع التعذيب، ولا تبوح بأسماء شركائها في توزيع المنشورات والحض على التظاهر، ثم يُطلق سراحها لتردي وضعها الصحي. تقودها خطاها ذات حلم إلى الفردوس غير أنها ترفض كل الإغراءات للبقاء فيه، وتصرّ على العودة والعبور، وتشهد على نفسها أنها أثمن كنز (ص 222). تتهاوى الكنوز التي حلمت بها تباعاً، يسقط كنز التغيير بقمع النظام الحاكم، يسقط كنز الحب والارتباط بأحمد زميلها الجامعي بترفّعها عليه، يسقط كنز الحب مع أمير بخضوعه لإرادة أمه، يسقط كنز السراديب بعدم العثور عليه، يسقط كنز الفردوس بإعراضها عنه، تكتشف في نهاية المطاف أنها، بصبرها ومعاناتها ورفضها الإغراءات وعدم خضوعها للضغوط، هي الكنز الحقيقي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أرض المدامع تكشف كنوزها أمام البشر أرض المدامع تكشف كنوزها أمام البشر



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بتدمير جميع الأنفاق في قطاع غزة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 09:06 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يوقف حفله في دبي بسبب نيللي كريم وأحمد السقا

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 20:43 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لتحسين صورتها في أميركا

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab