موسكو - حسن عمارة
في خضم التوترات المستمرة حول الحرب في أوكرانيا، وتراجع فرص التوصل إلى حل دبلوماسي خلال الأشهر الأخيرة، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرة أخرى خيبة أمله من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، معتبراً أن الرئيس الروسي "خذله"، وذلك رغم الجهود التي قال إنه يبذلها لإنهاء الحرب. من جهته، أكد الكرملين أن بوتين لا يزال مهتماً ومنفتحاً على تسوية النزاع عبر المفاوضات، مشيراً إلى أن موسكو تتوقع من واشنطن، بقيادة ترامب، خطوات جدية لدفع الملف نحو حل سلمي.
المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، قال في تصريحات صحافية الأحد إن الرئيس بوتين، شأنه شأن ترامب، "ما زال يبدي اهتمامه وانفتاحه لدفع الملف الأوكراني نحو مسار التسوية السلمية"، مؤكداً أن الكرملين يعوّل على أن تبذل الإدارة الأميركية، وعلى رأسها ترامب شخصياً، جهوداً حقيقية في هذا المسار، مضيفاً: "بعدها سنرى ما ستؤول إليه النتائج"، وفق ما نقلت وكالة "تاس" الروسية. وفي سياق متصل، لمح بيسكوف إلى أن بريطانيا قد تكون أبلغت ترامب بنيتها الاستمرار في الضغط على روسيا وتشديد العقوبات، معتبراً أن هذه التدابير لا تساهم في تهيئة الظروف الملائمة لأي تسوية.
الكرملين كان قد أشار يوم الجمعة إلى أن الرئيس الأميركي لا يزال ملتزماً بمحاولات التوصل إلى حل للأزمة الأوكرانية، على الرغم من تصريحاته التي انتقد فيها بوتين بحدة. وذكرت الرئاسة الروسية أنها تتفهم مشاعر ترامب، واصفة موقفه بـ"العاطفي"، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن الإدارة الأميركية الحالية لا تزال تملك الإرادة السياسية للعمل من أجل التوصل إلى تسوية.
وكان ترامب قد عبّر خلال مؤتمر صحافي يوم الخميس، جمعه برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، عن استيائه من بوتين، مشيراً إلى أنه خذله رغم محاولاته المتكررة للوساطة. وعاد ليكرر هذا الشعور مساء السبت قائلاً إن "ظنه خاب بصديقه الروسي"، في إشارة إلى استمرار الهجمات الروسية على أهداف أوكرانية.
يأتي هذا التوتر في التصريحات بين الزعيمين في وقت لا تزال فيه الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة منذ اندلاعها في فبراير 2022، وقد أسفرت حتى الآن عن آلاف القتلى ونزوح ملايين المدنيين، بالإضافة إلى عقوبات دولية غير مسبوقة فُرضت على روسيا. ورغم الدعوات المتكررة للحل، لم تُفضِ أي من جولات التفاوض السابقة إلى نتيجة ملموسة، وسط تمسك كييف بانسحاب كامل للقوات الروسية، وإصرار موسكو على ضمانات أمنية طويلة الأمد، وتثبيت ما تصفه بـ"الواقع الجديد" على الأرض.
وعلى الرغم من العلاقات الشخصية التي ربطت ترامب ببوتين في السابق، واعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحوار المباشر مع موسكو خلال ولايته الأولى، فإن الحرب الأوكرانية وضعت العلاقة بينهما في موضع اختبار جديد، خاصة مع سعي ترامب إلى الظهور كوسيط سلام خلال حملته الرئاسية الحالية. وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المراقبين أن تصريحاته جزء من استراتيجية سياسية داخلية، يراها آخرون محاولة جدية لإعادة واشنطن إلى طاولة التفاوض، خصوصاً مع ما تبديه موسكو من مرونة مشروطة في التصريحات الرسمية.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك