وسط تصاعد الترقب الدولي، يواجه اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس اختبارًا حاسمًا مع انتظار مصادقة الحكومة الإسرائيلية مساء الخميس، في الوقت الذي تتواصل فيه الغارات الجوية والقصف المدفعي على قطاع غزة، وتستمر المساعي الدولية لضمان دخول الاتفاق حيز التنفيذ دون انتكاسات.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن رسميًا موافقة كل من إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة، بعد مفاوضات مطوّلة احتضنتها مدينة شرم الشيخ بمشاركة قطر ومصر وتركيا. واعتبر ترامب الاتفاق "يومًا عظيمًا للمنطقة والعالم"، مشيدًا بالوسطاء وداعمًا جهود إعادة إعمار غزة وفتح الطريق أمام سلام أوسع.
وبحسب تفاصيل الخطة التي كشف عنها البيت الأبيض، تشمل المرحلة الأولى من الاتفاق الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع منذ عامين، وانسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية ضمن ثلاث مراحل، تمهيدًا لنشر قوة استقرار دولية. ومن المقرر أن تجتمع الحكومة الإسرائيلية في تمام الساعة 18:00 بالتوقيت المحلي لمناقشة خطة إطلاق سراح الرهائن والمصادقة على الاتفاق، في وقت أكّد فيه مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العد التنازلي لوقف إطلاق النار لن يبدأ إلا بعد هذه المصادقة الرسمية.
ورغم الأجواء السياسية المتفائلة، لا تزال العمليات الميدانية مستمرة، حيث أفاد مراسلون محليون بوقوع غارات على مدينة غزة واستهداف شارع الرشيد، مع تقدّم دبابات إسرائيلية نحو مناطق النازحين، ما يثير المخاوف من تعطيل أو تقويض الاتفاق قبل دخوله حيز التنفيذ.
من جانبها، اعتبرت حركة حماس أن الاتفاق "ينهي الحرب، ويضمن انسحاب الاحتلال بالكامل، ويفتح الباب لتبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية"، مشيدة بالجهود الإقليمية والدولية، وداعية إلى ضمان التزام إسرائيل الكامل ببنود الاتفاق، ومنع أي محاولة للتنصّل أو المماطلة.
على الصعيد الدولي، قوبل الاتفاق بترحيب واسع. السعودية أعربت عن أملها بأن يكون خطوة نحو سلام شامل وعادل، مثمنة دور الرئيس ترامب والوسطاء. كما رحّب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالاتفاق، واصفًا إيّاه بـ"اللحظة التاريخية التي تجسّد انتصار إرادة السلام على منطق الحرب"، بينما أكدت وزارة الخارجية المصرية أن الوزير بدر عبد العاطي سيتوجه إلى باريس للمشاركة في مناقشات ما بعد الحرب.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدوره عبّر عن دعمه للاتفاق، داعيًا إلى تنفيذ فوري لبنوده، وإطلاق سراح جميع الأسرى، وإنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 1967. أما الأردن، فوصف الاتفاق بأنه ثمرة جهود حاسمة قادها ترامب، مؤكدًا رفضه لأي ضم للضفة الغربية.
منظمة الصحة العالمية أعلنت استعدادها لتكثيف مساعداتها الصحية داخل قطاع غزة فور دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، بينما عبّر الكرملين عن ترحيبه بالاتفاق لكنه دعا إلى تحويل التفاهمات إلى أفعال ملموسة، في ظل الشكوك التي تحيط بمدى التزام الأطراف.
ورغم كل الجهود المبذولة، لا تزال المعضلات الميدانية والسياسية ماثلة. استمرار القصف الإسرائيلي يثير تساؤلات حول توقيت وجدّية تنفيذ الاتفاق، فيما تُبقي حالة عدم الثقة المتبادلة بين الأطراف احتمالات التصعيد قائمة. كما أن المصادقة النهائية من قبل الحكومة الإسرائيلية تبقى نقطة مفصلية، خاصة في ظل الانقسامات الداخلية حول شروط الاتفاق وتوقيته.
ومع انتظار نتائج اجتماع الحكومة الإسرائيلية مساء اليوم، يترقب المجتمع الدولي ما إذا كانت هذه المبادرة تمثل بداية فعلية لإنهاء حرب مستمرة منذ عامين، أم مجرد هدنة مؤقتة في صراع أعمق لم تُحسم معاركه بعد.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
ترامب قد يزور الشرق الأوسط نهاية هذا الأسبوع وسط تقدم في مفاوضات شرم الشيخ
في الذكرى الثانية للحرب حماس تعلن شروطها الحاسمة لاتفاق وقف النار مع إسرائيل في مفاوضات مصرية
أرسل تعليقك