في تطور لافت على طريق إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين في قطاع غزة، أعلنت متحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية أن جميع الأطراف المعنية قد وقعت، صباح اليوم الخميس، على المسودة النهائية للمرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، عقب مفاوضات مطولة بين إسرائيل وحركة حماس، استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية برعاية إقليمية ودولية.
وقالت المتحدثة شوش بيدروسيان، خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب، إن وقف إطلاق النار سيبدأ خلال 24 ساعة من اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي هذا المساء، في حال وافق الوزراء على شروط المرحلة الأولى التي تم إقرارها في مصر صباح اليوم. وأشارت إلى أن المجلس الوزاري المصغر سيجتمع عند الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي، يليه اجتماع للحكومة الكاملة بعد ساعة للمصادقة النهائية على الاتفاق.
وبحسب بيدروسيان، سيتحرك الجيش الإسرائيلي فور المصادقة لإعادة انتشاره إلى ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، وهو ما سيُبقيه في مواقع تتيح له السيطرة على نحو 53 بالمئة من مساحة قطاع غزة، وهو ما يتوافق مع ما ورد في "خريطة ترامب"، التي تشكل الأساس الفني للاتفاق. وأكدت أن حركة حماس ستكون أمام مهلة 72 ساعة، تبدأ فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، للإفراج عن الرهائن المتبقين لديها.
في المقابل، نشرت حركة حماس عبر قناتها الرسمية على تطبيق تلغرام صوراً لأعضاء وفدها المفاوض وهم يناقشون خرائط تفصيلية للانسحاب الإسرائيلي، وقالت إنها تتعلق بالمناطق التي سيتم إخلاؤها في المرحلة الأولى، بحسب ما تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ، وفق خطة الانتشار الجديدة.
في السياق ذاته، أكد مصدر مطّلع على المفاوضات أن مراسم التوقيع الرسمي على الاتفاق ستُجرى في مصر مساء اليوم الخميس، بمشاركة جميع الأطراف الراعية. وتزامنًا مع هذا الإعلان، كشفت وكالة "رويترز" أن قوة مهام مشتركة دولية ستُشكّل لتحديد مواقع رفات الرهائن الإسرائيليين الذين يُعتقد أنهم قُتلوا داخل القطاع خلال الحرب.
وفي تطور متصل، أفادت شبكة "بي بي سي" البريطانية بأنها حصلت على الجدول الزمني الكامل لتنفيذ الاتفاق، والذي يتضمن خطوات متدرجة تشمل: وقف إطلاق النار، إعادة انتشار القوات، إطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، إدخال المساعدات، وبدء عملية إعادة الإعمار.
على الصعيد الفلسطيني، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، الخميس، بدء العمل ضمن منظومة طوارئ استعداداً لاستقبال السجناء والمعتقلين المتوقع الإفراج عنهم في إطار الاتفاق. وأفادت المؤسستان في بيان مشترك بأن الإفراج عن عشرات المعتقلين سيتم على الأرجح يوم السبت المقبل، وأن طواقم خاصة جرى إعدادها في الضفة الغربية، لا سيما في محافظة رام الله والبيرة، لاستقبالهم وتنظيم عودتهم إلى عائلاتهم.
في موازاة ذلك، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اجتماع في باريس لدعم المبادرة الأميركية، إن بلاده مستعدة للمشاركة في قوة دولية لتثبيت الاستقرار في قطاع غزة، مشيراً إلى أن تسريع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية "يتناقض مع خطة ترامب"، التي أكد دعمه لها.
سياسيًا، لا يزال الموقف الإسرائيلي الداخلي يشهد تباينًا. فرغم ما أعلنته المتحدثة باسم الحكومة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان مقتضب، إنه "لا يوجد وقف لإطلاق النار حالياً"، ما فسّره مراقبون بأنه محاولة للضغط على الأطراف الداخلية قبل اجتماع الحكومة مساء اليوم. في الوقت ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يستعد بالفعل لإعادة الانتشار بموجب الاتفاق.
وفي خطوة رمزية تعكس أهمية الاتفاق، رجّحت مصادر دبلوماسية أن يزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب منطقة الشرق الأوسط يوم الأحد المقبل، لحضور إعلان بدء تنفيذ المرحلة الأولى من خطته التي تسعى إلى إنهاء النزاع الدامي في غزة، والتي تحمل اسمه.
كل هذه التحركات تعكس حجم الزخم السياسي والدولي المحيط بالاتفاق، وسط آمال بتحقيق انفراجة حقيقية في ملف غزة، بعد عامين من الحرب التي تسببت في دمار واسع، وفقدان الآلاف من الأرواح.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
الحية وفد حماس جاء إلى شرم الشيخ لإجراء مفاوضات جادة لوقف الحرب على غزة
حماس تعلن الموافقة على تسليم السلاح ضمن آلية بإشراف دولي
أرسل تعليقك