غزة ـ صفا
لم تسلم الرسائل النصية القصيرة من الوسائل الاستخبارية التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي لمخاطبة الفلسطينيين في قطاع غزة ضمن حملته المهووسة للبحث عن أنفاق "هجومية" للمقاومة الفلسطينية قرب الحدود مع القطاع، والتي يرى مراقبون أنها تحتاج لوقت وجهد كبير لتجهيزها.
"عندك معلومة عن أنفاق قريبة من السلك الحدودي فاتصل بـ.." بهذه العبارة البسيطة عمد الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا إرسالها إلى هواتف نقالة لمواطنين في القطاع بهدف الحصول على معلومات عن أنفاق قد تكون المقاومة الفلسطينية قد حفرتها لتنفيذ عمليات هجومية.
وفجر كشفٌ "نوعي" للجيش الإسرائيلي قبل نحو أربعة أشهر لنفق "العين الثالثة" جنوب القطاع الذي حفرته كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس ذعرًا في أوساط الجيش خشية من أنفاق مماثلة بهدف أسر جنود أو تنفيذ عمليات هجومية ضد مستوطنات وبلدات محاذية للقطاع.
وبدأت الاستخبارات الإسرائيليّة بعيد اكتشاف النفق جهود لمعرفة هويّة الذين حفروا النفق والذين ساعدوهم عبر تأمين المنزل الذي بدأت عمليّة الحفر منه، من خلال الاتصال بمنازل الفلسطينيّين بواسطة الهواتف الأرضيّة أو إثارة النقاشات حول النفق عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحصيل أي معلومة مهما كانت صغيرة.
المختص بالشأن الإسرائيلي بغزة وليد المدلل يقول إن "سلاح الأنفاق الفلسطيني يشكل أهمية استراتيجية لدى الجيش ويحاول بكل السبل الاستيضاح عن تفاصيلها وأماكنها وتوريط مواطنين من خلالها".
ويرى المدلل في حديث لوكالة "صفا" الخميس أن وجود أنفاق في قطاع غزة يعني احتمال إعادة سيناريو أسر الجندي جلعاد شاليط مرة أخرى وإعادة جولات تفاوض طويلة لاستعادته، لذلك تلجأ المخابرات للتواصل مع مواطنين واهمةً نفسها بأنها ستحبط حفر نفق أو تدمر آخرًا.
ويلفت إلى أن لجوء الاحتلال إلى إرسال الرسائل أو الاتصالات المباشرة محاولة فاشلة للعب على الحاجز النفسي والاقتصادي للمواطنين، إضافةً إلى محاولة الاحتلال للحفاظ على "الهدوء النسبي" مع القطاع.
وينبه إلى أن مخابرات الاحتلال تعيش حاليًا نُدرة في توفر المعلومات بعد الجهود التوعوية للأجهزة الأمنية بغزة في حملاتها للقضاء على التخابر مع الاحتلال، ما يضطر الاحتلال للجوء إلى كل طريقة يمكن من خلالها الحصول على معلومة.
ويقول المختص إن: "إسرائيل تسعى إلى التواصل مع مواطنين تدعي أنهم يتضررون من وجود هذه الأنفاق، على أن يتم تحقيق منفعة متبادلة لكلا الطرفين عبر تحطيم النفق".
تعطش
ويؤكد عميد أكاديمية فلسطين للعلوم الأمنية كمال تربان أن هذا الأسلوب الجديد يؤكد على أن تعطش الاحتلال للحصول على معلومات عن الأنفاق تضاعف بعدما طوَر الفلسطينيون من منظومتهم الأمنية وتمكنهم من الحد من عدد العملاء بعد تدفق تلك المعلومات في السابق.
ويوضح تربان لوكالة "صفا" أن الاحتلال يسعى لتقديم عروضٍ سخية لمن يعانون من مشاكل اقتصادية أو اجتماعية مثلاً لإشباع تعطش المخابرات للحصول على معلومات.
وكانت داخلية غزة حذرت المواطنين من الرد أو التفاعل مع الرسائل القصيرة المرسلة من مخابرات الاحتلال على هواتفهم، قائلةً إن "هذه الأساليب تعبر عن العجز الأمني للاحتلال في الوصول لأهدافه وستبوء كل هذه المحاولات بالفشل أمام وعي أبناء شعبنا".
ويشير المتحدث باسم وزارة الداخلية بغزة المقدم إسلام شهوان إلى أن هناك عجز إسرائيلي واضح في معركة "صراع الأدمغة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية".
يشار إلى أن "نفق العين الثالثة" الذي اكتشف شرق القطاع امتد لنحو 2.5 كيلو متر، ويمتد لنحو 300 متر داخل "إسرائيل" فيما استغرق أشهرًا طويلة من الحفر دون علم الجيش الإسرائيلي مطلقًا.
وكان تقرير لصحيفة "سوف هشفوع" العبرية قال إن خبراء حركة حماس يعلمون جيدًا الصعوبة الكامنة في مواجهتهم البرية والجوية والبحرية للجيش، لكن بالمقابل لهم أفضلية على الجيش على صعيد باطن الأرض، وهذه الاستراتيجية معدة لتمكين الحركة من تحويل ضعفها العسكري إلى نقطة قوة".
وأضافت الصحيفة أن "عملية استراتيجية قادمة من أنفاق غزة باتت مسألة وقت".
أرسل تعليقك