أمستردام ـ أ.ش.أ
محطتي الأخيرة في هولندا كانت المدينة الساحرة روتردام، عاصمة الرياضة في البلد وثاني أكبر مدينة بعد العاصمة أمستردام. يبلغ عدد سكانها 616 ألف نسمة، %50 منهم من ذوي خلفية مهاجرة.
ورغم أن روتردام هي عاصمة الرياضة في هولندا بفضل الأحداث الرياضية الكبرى التي تنظمها وبفضل إنفاق بلديتها ما لا يقل عن 50 مليون يورو سنويا على الرياضة وبناء المنشآت والبنية التحتية المتعلقة بهذا القطاع، إلا أن سكان المدينة لا يعشقون كثيرا ممارسة الرياضة، حيث تقتصر نسبة الممارسين لها على 46% من السكان، عدا أن نسبة السمنة لدى أطفال المدينة تبلغ %25.
الاستثمار في الرياضة لتلميع سمعة المدينة
وبهذا الخصوص يقول مدير إدارة الرياضة والثقافة في مجلس المدينة السيد بيتر فان فين، إن المدينة تحاول أن تنشر الوعي بممارسة الرياضة من خلال تنظيم حوالي 30 حدثا رياضيا بارزا في السنة مثل بطولة التنس لمصنفي اللعبة وماراثون روتردام، مضيفا "إلا أن المدينة تضم 377 ملعبا رياضيا و114 صالة لمماسة الرياضة و11 مسبحا مغطى ومسبحين مكشوفين، إضافة إلى 56 ملعبا لممارسة الرياضات المختلفة من قبل الشباب، وثلاثة أندية محترفة لكرة القدم، وأخيرا 380 ناديا رياضيا".
ولخص فان فين الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها المدينة من خلال استراتيجيتها الرياضية في "زيادة نسبة ممارسة الرياضة، وتسخير الرياضة لخدمة قطاعات الاقتصاد والصحة والتعليم وكذا الخدمات الاجتماعية. وأخيرا، الاستثمار في الرياضة يعني الاستثمار في صورة وسمعة روتردام وتحويل أنظار العالم نحوها كوجهة رياضية أولى".
مؤسسة رياضية لمساعدة المرضى والمعوزين
على عكس المدن الهولندية، تعاني روتردام من شبح البطالة، حيث يبلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون بطالة دائمة 40 ألف عاطل. ولهذا تضطر المدينة لدفع 500 مليون يورو سنويا للرعاية الاجتماعية. من جهة ثانية، هناك أحياء فقيرة في المدينة لا تتوفر على المنشآت الرياضية، والقطاع الخاص نادرا ما يستثمر في القطاع الرياضي، لأن هذا القطاع من وجهة نظره لا يدر أرباحا كثيرة. لهذا فالعبء كله يقع على كاهل مجلس المدينة، لكن المجتمع المدني يلعب دورا كبيرا في دعم المبادرات الحكومية، حيث بادر إلى إنشاء مؤسسات خيرية للمساعدة في نشر ثقافة الرياضة وسط السكان. ولعل مؤسسة "سبورت سيبورت" خير نموذج لمبادرات المجتمع المدني في روتردام، حيث تم إنشاء هذه المؤسسة بمبادرة خاصة بهدف مساعدة المرضى والفقراء على الخروج من أزماتهم ومواجهة مشاكلهم عبر الرياضة.
تم إنشاء هذه المؤسسة، المتواجدة في أحد الأحياء الشعبية بروتردام سنة 2002، وتعمل مع فئة معينة من المواطنين، مثل الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والمرضى. وتعمل مؤسسة "سبورت سيبورت" على مساعدتهم على تخطي مشاكلهم الصحية والاجتماعية عبر الرياضة، مثل مرضى التوحد.
وتساند هذه المؤسسة 350 ناديا رياضيا في المدينة، وتحصل على تمويلها من الأعضاء والرعاة، إضافة إلى دعم من الحكومة الهولندية.
ولا يقتصر دور هذه المؤسسة على مساعدة هؤلاء الأشخاص، بل تبذل جهدا كبيرا في جعل جميع الأشخاص الذين تتعامل معهم يندمجون في ثقافة واحدة، مع أنها تجد صعوبة كبيرة في التعامل مع مختلف الشخصيات والديانات، خصوصا وأن الرياضات التي تمارسها جماعية ككرة القدم والهوكي.
نادي Feyenoord Rotterdam
لا يمكن أن تغادر روتردام دون أن تعرج على رمزها ومفخرتها نادي "فينورد روتردام". هذا النادي، الذي كان يحمل اسم "ويلهيلمينيا" عند تأسيسه سنة 1908، قبل أن يغير إلى فينورد سنة 1912، هو أحد أنجح الأندية في الدوري الهولندي، حيث فاز باللقب 14 مرة، إضافة إلى أنه أول وآخر ناد هولندي يتوج بلقب الدوري الأوروبي، إضافة إلى حصوله على لقب دوري أبطال أوروبا مرتين.
لكن إذا أردت أن تمر رحلتك بسلام في روتردام، وبالذات بالقرب من ملعب "دي كويب"، لا تذكر اسم "أياكس أمستردام" على لسانك. فهناك حقد دفين بين الغريمين التقليديين وشجار دائم وصل إلى حد منع جماهير الفريقين من دخول ملعب الغريم.
وحول أداء الفريق في الدوري قال مسؤول الإعلام والعلاقات الدولية بالنادي جيدو فادير إن الفريق عانى مشاكل اقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية، لكن هذا لم يمنع النادي من تحقيق نتائج جيدة خلال العشر سنوات الأخيرة بفضل أكاديمية الشباب التابعة للنادي، التي اختيرت أفضل أكاديمية للشباب أربع مرات متتالية في هولندا". وأوضح فادير في تصريح خص به الشرق أن 21% من لاعبي المنتخبات الهولندية ينحدرون من أكاديمية فاينورد، لافتا إلى أن هناك ارتباطا وثيقا وتاريخيا بين النادي وجماهيره وهذا ما يفسر قاعدته الجماهيرية العريضة.
ويحتل الفريق المركز الثالث حاليا في سلم ترتيب الدوري، وبهذا الخصوص قال فادير "لا نملك ميزانية كبيرة، حيث نحصل على التمويل من الرعاة وانتقالات اللاعبين ومبيعات متجر النادي، لكن هذا لا يمنعنا من المنافسة هذه السنة على لقب الدوري. أما بخصوص دوري أبطال أوروبا، فعلينا أن ننهي الموسم الحالي في المركز الأول أو الثاني، ثم نلعب التصفيات".
وحول العلاقات المجمدة مع أياكس أمستردام، قال المسؤول الإعلامي إن الأمر يشبه الصراع بين ريال مدريد وبرشلونة، مضيفا "نحاول أن نطبع العلاقات، لكن المنافسة ستظل موجودة ولا تشمل كرة القدم فقط، بل المدينة والسكان أيضا، ولهذا لا نستطيع السيطرة على الأمور، بالتالي تم الاتفاق على ألا يحضر جماهير فاينورد مباريات الفريق في أمستردام ولا جماهير أياكس مباريات فريقهم في روتردام".
أرسل تعليقك