قرطاج - العرب اليوم
قرطاج، تلك المدينة التي تحتضنها شواطئ شمال إفريقيا، تعد من أروع الوجهات السياحية التي تجمع بين عبق التاريخ وروعة الطبيعة، لتأخذ زائريها في رحلة عبر الزمن تستكشف من خلالها حضارة قديمة لا تزال آثارها تنطق بقصص نساء ورجال عاشوا قبل آلاف السنين. ليست مجرد أطلال وحجارة، بل هي قصة حضارة تفاعلت مع الشرق والغرب، وتألقت في التجارة والثقافة، حيث يمتزج الأسطورة بالواقع.
يبدأ الزائر رحلته في تل بيرصا، الموقع الأثري المرتفع الذي يقدم إطلالة بانورامية على الخليج والموانئ التي صممت بذكاء لتمويه الأسطول القرطاجي. هنا، يمكن تخيل حياة القرطاجيات والقرطاجيين في عصور هانيبال، وهم يسيرون في أزقة المدينة القديمة. عند سفح التل، تقع صهاريج المعلقة، تلك الخزانات الرومانية التي كانت جزءًا أساسياً من نظام إمداد المياه، شاهدة على عبقرية الهندسة القديمة وقدرتها على توفير الحياة في المدينة.
ويُكمل الزائر تجربته في متحف قرطاج، الذي يحتوي على قطع أثرية مذهلة من توابيت حجرية إلى فسيفساء ملونة، تنقل الزائر إلى عوالم من الأساطير والتاريخ. بالقرب من المتحف تقع كاتدرائية الأكروبول الفرنسية، بمزيجها الفني الفريد من الطرز المعمارية، والتي تضفي سحراً خاصاً على المكان.
لا تكتمل زيارة قرطاج دون التوقف عند حمامات أنطونين الرومانية، أضخم مجمع حمامات عرفته المنطقة، والتي كانت رمزاً للترف والراحة في العصور القديمة، رغم أن ما تبقى منها اليوم مجرد أساسات وأقواس مغطاة بالعشب تحكي قصص حياة من استمتعوا بها.
ومن المسرح الروماني، الذي كان يستوعب آلاف المتفرجين ويستضيف عروضاً فنية واجتماعية مهمة، إلى الفيلات الرومانية الفاخرة، مثل فيلا الطيور التي تأسر الزائرين بساحتها الداخلية وزخارفها الفنية، تعكس كل زاوية من قرطاج ثراء وعمق تاريخي. وفي النهاية، يقدم المدرج الروماني الكبير، بسعته التي تفوق ستة وثلاثين ألف متفرج، دليلاً آخر على أهمية هذه المدينة كملتقى للثقافة والترفيه.
زيارة قرطاج ليست مجرد رحلة سياحية بل تجربة روحية تعيد للزائر تواصله مع ذاته، وتُلهمه بجمال الحضارة والتاريخ، فتتنفس بين أحضانها عبق الماضي وقوة الحاضر. هل أنت مستعدة للغوص في هذه المغامرة التي تجمع بين التاريخ، الأسطورة، والطبيعة؟
قد يهمك أيضـــــــــــا
أرسل تعليقك