لندن - العرب اليوم
قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن القصف الإسرائيلي الأخير الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة، يشكل نقطة تحول في نظرة دول الخليج إلى مصادر التهديد الإقليمي، معتبرة أن إسرائيل باتت تُنظر إليها باعتبارها الخطر الأمني الأكبر، متجاوزة بذلك إيران التي طالما شغلت هذا الموقع لسنوات.
وفي مقال تحليلي كتبته سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس، أكدت الكاتبة أن الضربة الجوية التي استهدفت مفاوضين من حركة حماس داخل قطر، تتجاوز مجرد عملية اغتيال معزولة، بل تمثل تحولًا جوهريًا في فهم دول الخليج لترتيبات الأمن الإقليمي، وتضع إسرائيل في قلب معادلة التهديد.
وأشارت فاكيل إلى أن الولايات المتحدة، الحليف الأمني التقليدي لدول الخليج ولقطر بشكل خاص، وقفت مكتوفة الأيدي أمام القصف الإسرائيلي الذي استهدف حيًا سكنيًا في العاصمة الدوحة بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2025. وقالت إن هذا الموقف الأمريكي المتخاذل فُسر خليجيًا على أنه تخلي ضمني عن الشركاء الإقليميين في لحظة مفصلية.
وأضافت الكاتبة أن إسرائيل تبرر هجماتها المتكررة خارج حدودها بأنها ضربات استباقية لأغراض أمنية، مستندة إلى هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول التي نفذتها حركة حماس. إلا أن مهاجمة الدوحة — التي تستضيف قيادة حماس السياسية وتلعب دورًا وسيطًا في مفاوضات التهدئة، وتضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط — يشير إلى أن إسرائيل باتت تتصرف على نحو أكثر جرأة، مدفوعة بصمت الحلفاء.
تاريخيًا، كانت دول الخليج تُعرّف التهديد الأمني الإقليمي من خلال النفوذ الإيراني، سواء بسبب برنامج طهران النووي، أو دعمها لما يُعرف بمحور المقاومة، أو بسبب قدرتها على تنفيذ هجمات مباشرة مثل ما حدث في استهداف منشآت أرامكو عام 2019. إلا أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة، وتوسع عملياتها العسكرية لتشمل لبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، وصولًا إلى قطر، قد أوجدت قناعة جديدة لدى عواصم الخليج بأن التهديد الإسرائيلي لم يعد أقل شأنًا من الإيراني، بل قد يكون الأكثر إلحاحًا.
وتوقفت الكاتبة عند دلالات الضربة الأخيرة في الدوحة، مشيرة إلى أنها وقعت في حي هادئ قرب قصر زاره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مايو الماضي، ما زاد من رمزية الموقع، وطرح تساؤلات حول الجدية الأمريكية في ضمان أمن حلفائها الخليجيين.
وبحسب المقال، فإن الرد الخليجي المتوقع على هذا التصعيد قد يتمثل في خطوات استراتيجية مثل تعميق التعاون الإقليمي فيما بينهم، وتنويع الشراكات الأمنية خارج المحور الغربي التقليدي، بما في ذلك تعزيز العلاقات مع الصين وتركيا ودول أخرى. كما قد تُعيد بعض دول الخليج تقييم مسار التطبيع مع إسرائيل، والذي كان قائمًا رغم اعتراضات داخلية وشعبية، بناءً على حسابات التوازن الاستراتيجي.
وتختتم فاكيل مقالها بالتأكيد على أن الضربة الإسرائيلية في الدوحة شكّلت لحظة فاصلة في إدراك دول الخليج للواقع الإقليمي الجديد، مشيرة إلى أن الحكومات الخليجية باتت تدرك أن النظام الأمني القديم لم يعد صالحًا، وأن سيادة الدول قد تُضحى بها باسم تحالفات لم تعد تضمن الأمن. وتطرح الكاتبة سؤالًا مفتوحًا: "السؤال لم يعد إن كانت دول الخليج سترد، بل كيف؟".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الغارديان البريطانية تقرر مغادرة منصة X وتتهمها بنشر "مؤامرات متطرفة وعنصرية"
بيت لحم تلغي أحتفالات الميلاد بسبب حرب غزة والغارديان تقول لو ولد يسوع اليوم فسيولد تحت الأنقاض
أرسل تعليقك