قانون الحشد الشعبي يضع العراق امام ازمة سياسية حادة
آخر تحديث GMT21:14:48
 العرب اليوم -

قانون الحشد الشعبي يضع العراق امام ازمة سياسية حادة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - قانون الحشد الشعبي يضع العراق امام ازمة سياسية حادة

عناصر من الشرطة العراقية
بغداد - العرب اليوم

يجد العراق نفسه اليوم أمام مفترق طرق خطير، ليس فقط بسبب تعقيدات المشهد الداخلي وانقسام القوى السياسية حول قانون الحشد الشعبي، بل أيضًا بفعل الضغوط الدولية المتزايدة، وعلى رأسها التحذيرات الأميركية من إقرار القانون بصيغته الحالية.

القضية تحولت من مجرد مسودة تشريعية إلى أزمة وطنية تهدد بفتح باب مواجهة مع واشنطن، وفي الوقت نفسه تعمّق الشرخ الداخلي بين المكونات العراقية.مصادر سياسية عراقية أكدت أن الحكومة تتجه لسحب مسودة مشروع قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي من البرلمان، بعد أن تبيّن أن بعض فقراته تحتاج إلى تعديلات أعمق ونقاشات أشمل.

هذا التراجع جاء في ظل رسالة لافتة من رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، أعلن فيها أنه تلقى تحذيرات أميركية واضحة من مغبة تمرير القانون بصيغته الحالية.

السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل خضع العراق للتهديدات الأميركية؟، وهل يفتح القانون الباب أمام أزمة داخلية، أم يتحول إلى مواجهة سياسية مع واشنطن خصوصًا مع إعلان القوات الأميركية نيتها تنفيذ انسحاب مبكر من العراق، على خلاف الجدول الزمني المتفق عليه؟

منعطف سياسي جديد

رسم أستاذ العلوم السياسية معتز النجم، خلال حديثه إلى ستوديو وان مع فضيلة، صورة قاتمة لما قد يحمله هذا القانون، حيث يقول النجم: "الحكومة العراقية، أعتقد ما بعد الانسحاب الأميركي، أدركت خطورة أن تخرج خارج إرادة الولايات المتحدة.. العراق لا يزال مرهونًا بالولايات المتحدة سواء من الناحية الاقتصادية أو حتى السياسية".

من هذا المنطلق، يرى النجم أن قانون الحشد الشعبي يمثل منعطفا خطيرا في تاريخ العراق الحديث. فهو من جهة يعكس طموحات بعض القوى السياسية في تثبيت نفوذها، لكنه من جهة أخرى يضع العراق في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

النجم يحدد مسارين متناقضين يتحكم كل منهما بمسار النقاش حول القانون:

    المسار الوطني الذي ينادي بمصلحة العراق الجامعة والالتزام بالبوصلة الدولية.
    المسار الحزبي الذي يوظف الحشد الشعبي كأداة سياسية لتعزيز نفوذ كتل معينة، خصوصًا قوى "الإطار التنسيقي".

ويضيف: "اليوم نطالب الحكومة أن تنظر بمنظار وطني جامع للمصلحة العراقية.. العراق بموقعه الجيوستراتيجي والجيواقتصادي لا يمكنه أن يخرج من البوصلة الدولية، ولا سيما في ظل النزاعات الإقليمية والصراعات الدولية الراهنة".

انقسامات داخلية تعقّد المشهد

أشار النجم خلال حديثه إلى أن الانقسام داخل المشهد السياسي العراقي هو أبرز ما يعقّد تمرير القانون. الحكومة الحالية التي تقودها كتلة ائتلاف إدارة الدولة تعاني من تباينات داخلية حادة، خصوصًا بين مكوناتها المنضوية ضمن "الإطار التنسيقي".

الإطار، بحسب النجم، مقسّم إلى جناحين: فريق يصر على تمرير القانون لتعزيز شرعية الحشد الشعبي، وآخر يخشى العواقب الدولية وردود الفعل الأميركية.

في المقابل، لا يزال المكون السني والمكون الكردي على تحفظهما الصريح، حيث ينظران إلى القانون كأداة تهدد التوازن السياسي القائم منذ 2003، وتعزز هيمنة الفصائل الشيعية المسلحة على مفاصل الدولة.

الحشد بين الشرعية الدستورية والممارسات المقلقة

من الزاوية القانونية، يذكّر النجم بأن الدستور العراقي، في مادته التاسعة، لا يسمح بوجود قوات خارج المنظومة الأمنية الرسمية. صحيح أن قرار مجلس النواب رقم 40 لعام 2016 شرّع هيئة الحشد وربطها بالقائد العام للقوات المسلحة، لكن الممارسات على الأرض تجاوزت هذا الإطار.

هذا الواقع أفرز أزمة ثقة داخلية، حيث ينظر العراقيون بعين الريبة إلى ممارسات بعض الفصائل التي تمتلك أذرعًا سياسية وعسكرية واقتصادية، الأمر الذي يقوّض سيادة الدولة ويهدد الاستقرار الداخلي.

البعد الأميركي

أحد أخطر أبعاد الأزمة هو الموقف الأميركي. التحذيرات التي نقلها رئيس البرلمان ليست مجرد ملاحظات عابرة، بل تعكس تهديدا مبطنا بفرض عقوبات أو اتخاذ خطوات سياسية ضد الحكومة العراقية.

النجم أوضح أن واشنطن تنظر إلى القانون كرسالة "تحد"، خصوصا في ظل انسحاب عسكري مبكر من العراق. أي محاولة من قوى "الإطار التنسيقي" للذهاب بعيدًا في تحدي الإرادة الأميركية قد تفتح الباب أمام مواجهة مباشرة.

ما الذي يجب تغييره؟

من وجهة نظر النجم، فإن التعديلات المطلوبة عراقياً يجب أن تضمن:

- دمج الحشد الشعبي بالكامل داخل المنظومة الأمنية الرسمية.
- إلغاء أي أنشطة اقتصادية أو سياسية للفصائل المسلحة.
- ضمان استقلال القرار السياسي العراقي عن نفوذ القوى المسلحة.
- إرسال رسائل تطمين للداخل والخارج بأن الحشد يعمل في إطار الدولة فقط.

العراق بين اختبار السيادة وضغوط الخارج

ما بين التحذيرات الأميركية والانقسامات الداخلية، يجد العراق نفسه اليوم أمام اختبار صعب للسيادة الوطنية. فإما أن ينجح في صياغة قانون يدمج الحشد الشعبي داخل مؤسسات الدولة بشكل كامل ويحفظ التوازن الداخلي، أو أن ينزلق إلى أزمة جديدة تهدد استقراره السياسي والأمني.

القانون، في نهاية المطاف، ليس مجرد نص تشريعي، بل مرآة لصراع أعمق بين مشروع دولة وطنية جامعة، ومشاريع حزبية مسلحة تريد فرض نفوذها.

وبقدر ما يمثل القانون لحظة مفصلية، فإنه أيضًا يكشف هشاشة التوازنات الداخلية وضغوط الخارج، ليترك العراق أمام منعطف خطير قد يحدد مستقبله لسنوات مقبلة.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

العراق يحمل الولايات المتحدة مسؤولية الهجوم على مقر الحشد الشعبي

الحشد الشعبي العراقي يُطلق عملية أمنية في جبال حمرين

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون الحشد الشعبي يضع العراق امام ازمة سياسية حادة قانون الحشد الشعبي يضع العراق امام ازمة سياسية حادة



نوال الزغبي تتألق بصيحات الموضة الحديثة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 14:48 2025 الإثنين ,25 آب / أغسطس

أسعار النفط تصعد وسط مخاوف حول المعروض

GMT 15:55 2025 الإثنين ,25 آب / أغسطس

شيرين عبدالوهاب تفكر جدياً في اعتزال الفن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab