ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل
آخر تحديث GMT22:58:57
 العرب اليوم -

ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل

تنظيم "داعش" تطارد العائدين إلى الموصل
بغداد ـ نهال قباني

تمثل العودة بالنسبة إلى سكان البلدة القديمة في الموصل، تدريباً على محاولة النسيان، وتحمل الشوارع آثار الأهوال التي مروا بها، سواء خلال الحكم الوحشي لتنظيم داعش أو على مدار 9 أشهر من المعارك الشرسة لاستعادة المدينة من المتشددين، وقالت أم عبد الله، وهي تتجول في الحي الذي عادت إليه في يناير (كانون الثاني)، إنّه “في هذه الزاوية جلد (داعش) أولادي لتحدثهم في غير دورهم..، وفي هذه الزاوية قتلوا أبي عندما حاول منعهم”، ويبعد الموقع بضعة كيلومترات عن منزلها في حي باب الجديد، ورغم خلع الباب الأمامي لم يهدم المنزل مثل غالبية المنازل الأخرى في الشارع الذي كانت تعيش فيه 40 أسرة لم تعد منها إلا ثلاث فقط.

وعادت أم عبد الله على مضض إلى الحي الذي لا توجد به كهرباء ولا مياه جارية؛ لأن الوضع فيه أفضل حالاً من مخيم اللاجئين الذي كانت تعيش فيه، وعلى بعد بضعة شوارع، قالت أم رسل إنها عادت أيضاً في الآونة الأخيرة إلى الحي الذي أصيب فيه زوجها خلال غارة جوية، مضيفة "بعض جيراننا لا يريدون العودة؛ فهم يقولون إنهم لا يزالون يعانون ذكريات أليمة مما مروا به ولا يمكنهم العودة..، لكن كان علينا أن نعود، لم يكن لدينا خيار آخر”، وقبل العودة، كانت أم رسل تعيش في الجزء الشرقي من الموصل، المعقل الرئيسي لـ”داعش” في العراق، الذي تعرض لأضرار بالغة من جراء القصف والمعارك، وكان كثيرون من سكان المدينة القديمة من بين آخر من غادروا الموصل، ومع اشتداد القتال في ربيع 2017، تراجع المتشددون أكثر إلى الداخل، حيث المباني المتلاصقة في الحي التاريخي، واستولوا على منازل بأكملها وحولوها إلى قواعد مؤقتة؛ مما أجبر الأهالي على اللجوء إلى مخابئ تحت الأرض.

وأكّد مؤيد (45 عاماً): “عشنا لمدة 3 أشهر في القبو قبل أن يحرروا مناطقنا في السابع من يوليو (تموز)” الماضي، وأجبر مقاتلون من “داعش” يتحدثون اللغة الروسية، مؤيد على العيش مع والدته وأطفاله وأحفاده في القبو الصغير، حيث لا توجد نوافذ، بعدما استولوا على منزله في حي الزنجيلي في الربيع الماضي، وأشار مؤيد الذي امتنع عن ذكر اسمه بالكامل إلى أن المسلحين “كان لديهم كل ما يحتاجون إليه”، وأضاف إنه مع عدم وجود مياه شرب نظيفة أو طعام، عاشت أسرته على طحين مخلوط بمحلول ملحي سرقه من معدات طبية لمقاتلي “داعش”، وعانى مؤيد من الجوع والهزال قبل أن تطهر قوات الأمن العراقية شارعه وتنجح في إجلاء المدنيين الذين عاشوا شهوراً تحت القصف المكثف، لم يكن الأمر كذلك دائماً، فعندما جاء تنظيم داعش للمرة الأولى إلى المدينة كان موضع ترحيب من قبل بعض السكان الذي كانوا يعانون، وقال مؤيد، وهو تاجر يبيع الملابس المستعملة: “في الواقع لم يتغير شيء في البداية، كان بوسعنا التحرك والذهاب إلى السوق والسير في الشوارع وتبادل الحديث والجميع يرحبون ببعضهم بعضاً، حتى الوافدون الجدد بملابسهم الغريبة”، وكان كثير من السكان يعتقدون أنهم ارتاحوا من قوات الحكومة التي يقولون إنها عاملتهم معاملة سيئة وميزت ضدهم مذهبياً، بل كانوا سعداء بالتقاط أنفاسهم من تفجيرات السيارات الملغومة التي عانوا منها منذ شن تنظيم “القاعدة”، سلف “داعش”، تمرداً استمر أعواماً.

وسرعان ما بدأ “داعش” بناء جهاز ما يسمى بـ”دولة الخلافة”، بما في ذلك إنشاء حكومة محلية جديدة، وقال عبد الستار الحبو، مدير بلدية الموصل الحالي، إن بعض موظفي المدينة غادروا الموصل، لكن بقي معظمهم، وهؤلاء إما أجبروا على العمل أو انضموا طواعية إلى النظام الجديد، وعمل التنظيم على ضمان نظافة الشوارع وتعبيد الطرق، وقال بعض السكان إن الإدارة المحلية لـ”داعش” التي كان يديرها فرنسي من أصل مغربي، كانت أكثر كفاءة من النظام السابق، ووفر المتشددون خدمات ومواد غذائية بأسعار مدعمة لبعض فقراء المدينة، غير أنهم فرضوا أيضاً نظاماً لـ”تحصيل الزكاة”، وأصدروا سلسلة مراسيم تغطي جميع جوانب الحياة العامة والخاصة، وتراوحت العقوبات بين قطع الأيدي وقطع الرؤوس؛ مما دفع كثيرين ممن أيدوا التنظيم في البداية إلى التحول عنه، وكشف مؤيد أنّه “كنت أعيش في خوف دائم من الوقوع في مشكلات مع الشرطة الدينية أو أي مقاتل كبير يمر بجانبي”، وأضاف، إن الجرائم قد تكون صغيرة مثل التدخين أو عدم الالتزام بالملابس الشرعية، ومع بدء الحرب واشتداد أوارها لاحقاً، منع تنظيم داعش سكان البلدة القديمة من مغادرتها، واستخدمهم دروعاً بشرية لحماية الأعداد المتضائلة من مقاتليه، وقال مؤيد مستذكراً المشهد: “قتلوا أربعة أشخاص حاولوا الهرب من الحي خارج منزلي مباشرة..، فعلوا ذلك علانية لإجبار الناس على البقاء، ولبث الرعب في قلوبنا، لم يسمحوا لنا بإزالة الجثث حتى بدأت تتحلل”.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب
 العرب اليوم - بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
 العرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 19:05 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

زيلينسكي يطالب أميركا بتسليم أسلحة بعيدة المدى فوراً
 العرب اليوم - زيلينسكي يطالب أميركا بتسليم أسلحة بعيدة المدى فوراً

GMT 06:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إنقاذ السودان تأخر كثيرا

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:03 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 30 امرأة بمسيرة استهدفت "تجمع عزاء" شرق الأبيض بالسودان

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 06:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ظاهرة فاروق حسنى!

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء ديكور يكشفون عن 5 ألوان يجب تجنّبها في خزائن المطبخ

GMT 17:35 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد قوة الرضوان في حزب الله

GMT 09:51 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الممثلة الأميركية ديان لاد عن 89 عامًا

GMT 13:47 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 18:36 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام شاهين تكشف حقيقة خلافها مع لبلبة بطريقتها الخاصة

GMT 09:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 3 مواطنين مصريين بصواعق رعدية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab