لندن ـ العرب اليوم
أفادت دراسة بأن مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية -بما في ذلك الأسيتامينوفين والإيبوبروفين- تُسهم بشكل غير مباشر في ظهور مقاومة لمضادات الميكروبات.
تُمثل هذه الظاهرة -التي تُطور فيها الكائنات الدقيقة قدرتها على مقاومة الأدوية التي نستخدمها للقضاء عليها وعلاج العدوى- مشكلة صحية عالمية مُتطورة.
ووفقاً للدراسة الأولى من نوعها، قد لا تُعزز الأدوية الشائعة مقاومة مضادات الميكروبات عند استخدامها منفردة فحسب؛ بل قد يكون لها تأثير مُضاعف عند استخدامها معاً.
إلى ذلك، قام باحثون في جامعة جنوب أستراليا بتقييم تفاعل الأدوية غير المُضادة للمضادات الحيوية مع المضاد الحيوي واسع الطيف سيبروفلوكساسين، المُستخدم لعلاج التهابات الجلد والأمعاء والمسالك البولية الشائعة؛ والإشريكية القولونية (E. coli) وهي بكتيريا شائعة تُسبب التهابات الأمعاء والمسالك البولية.
واكتشفوا أن الأسيتامينوفين والإيبوبروفين يُزيدان بشكل ملحوظ من الطفرات البكتيرية، ما يجعل الإشريكية القولونية شديدة المقاومة للمضاد الحيوي.
وحذَّر الباحثون من أن هذا الأمر له آثار صحية خطيرة، وخصوصاً بالنسبة للأشخاص في دور رعاية المسنين؛ حيث يتم إعطاؤهم أدوية متعددة بانتظام، على سبيل المثال للأمراض المزمنة.
وتُعدّ مقاومة مضادات الميكروبات «أحد أبرز التهديدات العالمية للصحة العامة والتنمية»، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وتشير التقديرات إلى أن مقاومة مضادات الميكروبات البكتيرية ساهمت في نحو 4.95 مليون حالة وفاة عالمياً في عام 2019 وحده، وكانت مسؤولة بشكل مباشر عن 1.27 مليون حالة وفاة من تلك الحالات.
وصرحت رييتي فينتر، مؤلفة البحث وأستاذة علم الأحياء الدقيقة، لمجلة «نيوزويك»: «تنشأ مقاومة مضادات الميكروبات عندما تتطور البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات، لمقاومة تأثيرات الأدوية المصممة للقضاء عليها، وهذا يعني أن المضادات الحيوية والعلاجات الأخرى تفقد فعاليتها، ما يجعل علاج العدوى أصعب، وأحياناً يكون مستحيلاً. ونتيجة لذلك، يزداد خطر انتقال الأمراض، والإصابة بأمراض خطيرة، والعجز طويل الأمد، والوفاة، بشكل ملحوظ».
وقيّمت الدراسة 9 أدوية شائعة الاستخدام في دور رعاية المسنين. وشملت هذه الأدوية إيبوبروفين (مسكن للألم مضاد للالتهابات)، وديكلوفيناك (مضاد للالتهابات لعلاج التهاب المفاصل)، وأسيتامينوفين (باراسيتامول للألم والحمى)، وفوروسيميد (لارتفاع ضغط الدم)، وميتفورمين (لارتفاع مستويات السكر في الدم المرتبط بمرض السكري)، وأتورفاستاتين (للمساعدة في خفض الكوليسترول والدهون في الدم)، وترامادول (مسكن ألم قوي بعد الجراحة)، وتيمازيبام (يستخدم لعلاج مشكلات النوم)، وسودوإيفيدرين (مزيل للاحتقان).
وقالت فينتر: «لقد عرَّضنا ميكروب الأمعاء للأدوية مرة واحدة فقط لملاحظة هذه الآثار. وقد يؤدي الاستمرار في استخدام هذه التركيبات الدوائية إلى تفاقم الحالة».
ولا يُشكِّل تناول مسكنات الألم بمفردها مشكلة كبيرة؛ بل إن استخدام أدوية متعددة مع المضادات الحيوية هو ما يُثير القلق. وأضافت فينتر: «زادت الأدوية من معدل اكتساب الطفرات، بما يصل إلى 12 ضعفاً (أصبحت البكتيريا الآن أكثر مقاومة للمضاد الحيوي بـ12 ضعفاً). وعند الجمع بين الدواءين، حمل كل ميكروب أيضاً مزيداً من الطفرات، ما أدى إلى مقاومة هذه الكائنات الحية المتحورة لمستويات عالية من المضاد الحيوي».
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك