كيف يتحول الالتهاب من عملية طبيعية في الجسم إلى سبب لمشاكل صحية خطيرة
آخر تحديث GMT12:17:44
 العرب اليوم -

كيف يتحول الالتهاب من عملية طبيعية في الجسم إلى سبب لمشاكل صحية خطيرة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - كيف يتحول الالتهاب من عملية طبيعية في الجسم إلى سبب لمشاكل صحية خطيرة

متى يتحول الالتهاب من وسيلة دفاع إلى خطر صحي
القاهرة ـ العرب اليوم

"ثلاث علامات تشير إلى أنك تعاني من الالتهاب المزمن"..."10 أطعمة مضادة للالتهاب"..."أفضل مكملات غذائية لمقاومة الالتهاب"..."الالتهاب هو أصل كل الأمراض"...هذه أمثلة على عناوين مقالات ومقاطع فيديو في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي انتشرت بشكل متزايد خلال الأعوام القليلة الماضية مع تصاعد الاهتمام بالالتهاب، رغم أنه ليس مفهوماً جديداً على الإطلاق في مجال الطب.

فما المقصود بالالتهاب؟ وهل هو بالفعل بهذه الخطورة؟
الالتهاب الحاد مقابل الالتهاب المزمن

يوصف الالتهاب بأنه رد فعل الجهاز المناعي عندما يتعرض الجسم لإصابة أو لعدوى فيروسية أو بكتيرية. فعندما تجرح يدك ويصاب الجرح بالعدوى البكتيرية مثلاً، أو عندما ترتطم ركبتك بمنضدة، فإن الجزء المتأثر يصبح مؤلماً وساخناً عند لمسه ويحمر لونه، وقد يتورم أيضاً.
يقول البروفيسور لوك أونيل مدير مجموعة أبحاث الالتهاب بكلية الكيمياء الحيوية وعلم المناعة بجامعة ترينيتي دَبلين بأيرلندا إن "هذه الأشياء تحدث لأن النسيج المصاب بالعدوى أو بجرح يفرز ما يسمى وسائط الالتهاب، والتي تزيد من تدفق الدم إلى المنطقة المتأثرة، ولهذا تصبح ساخنة وحمراء اللون. ثم تغادر كرات الدم البيضاء مجرى الدم وتدخل إلى النسيج المصاب. وأحياناً ما يتسرب سائل البلازما من الوعاء الدموي، وهو ما يسبب التورم. وتبدأ النهايات العصبية في إطلاق إشارات بسبب هذه التغيرات، وهذا هو ما يسبب الألم".

الغرض من هذه الآلية هو القضاء على أية عوامل ممرضة تحاول التسلل إلى النسيج المصاب. ثم يتم إصلاح النسيج وتختفي تلك الأعراض وتعود الأمور إلى طبيعتها. وتعمل هذه الآلية بصورة مماثلة عندما نصاب بعدوى مثل الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي.

الأمثلة السابقة يطلق عليها مصطلح "الالتهاب الحاد" (acute inflammation)، وهي عملية في غاية الأهمية للدفاع عن الجسم والبدء في التعافي، وبدونها قد تتفاقم الجروح وتصبح العدوى قاتلة.

تحدث المشكلة عندما يخرج الالتهاب عن السيطرة، أو يستمر لفترة طويلة، ويواصل الجهاز المناعي ضخ كرات الدم البيضاء وغيرها من المواد الكيميائية لإطالة العملية. الجسم في هذه الحالة يظن أنه معرض للهجوم المستمر، وهو ما يضطر الجهاز المناعي إلى مواصلة المعركة إلى أجل غير مسمى – وهذا ما يطلق عليه "الالتهاب المزمن" (chronic inflammation).

لكن لماذا يخفق الجهاز المناعي في بعض الأحيان في وقف الالتهاب؟ وما العواقب؟

"هذا سؤال مهم، إجابته هي أننا لا نعرف"، هكذا أخبرني البروفيسور أونيل، مضيفا: "قد يعود السبب جزئياً إلى الجينات الوراثية، بمعنى أن يكون هناك تباين جيني في البروتينات المرتبطة بالالتهاب قد يجعلها مفرطة النشاط، أو في البروتينات المضادة للالتهاب يجعلها لا تؤدي وظيفتها بالشكل الصحيح. وعندما يصبح الالتهاب مزمناً، حينها يصاب الشخص بالأمراض الالتهابية".

كيف نفرق بين الالتهاب الحاد والالتهاب المزمن؟

قد يكون عدم زوال الالتهاب بعد تأدية مهمته في الدفاع عن الجسم من سمات الالتهاب المزمن.

يقول البروفيسور فيليب كولدر أستاذ علم المناعة الغذائية بجامعة ساوثهامبتون بإنجلترا لـ بي بي سي عربي إن "الالتهاب المزمن الشديد أو "عالي الدرجة" عادة ما يصاحبه ألم وتورم، وأحيانا فقدان في إحدى وظائف الجسم، ومن ثم يدرك الشخص أنه يواجه مشكلة، وقد يحاول التغلب عليها من خلال تناول العقاقير الشائعة المضادة للالتهابات مثل الأسبرين أو الأيبوبورفين وغيرهما من دون استشارة الطبيب"، مضيفا أن الشخص يلجأ إلى الطبيب عندما تكون الأعراض شديدة للغاية، فيصف له الطبيب مضادات التهاب قوية – والتهاب المفاصل مثال على الإصابة بالالتهاب الشديد أو عالي الدرجة.

لكن عندما يكون الالتهاب خفيفاً أو "منخفض الدرجة" أحياناً قد لا يدرك الشخص وجوده لعدم تسببه في الألم، "هذا النوع من الالتهاب، الذي قد يستمر لسنوات، يُعتبر ضاراً على المدى البعيد، إذ إنه يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتراجع القدرات الإدراكية"، وفق البروفيسور كولدر.
هل الالتهاب "سبب كل الأمراض"؟

هناك الكثير من الأبحاث التي تشير إلى وجود ارتباط بين الالتهاب المزمن وعدد من الأمراض، من بينها:

    مرض القلب

    النوع الثاني من مرض السكري

    بعض أنواع السرطان

    التهاب المفاصل

    أمراض الأمعاء الالتهابية مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي

    أمراض الأيض

    التدهور الإدراكي

    فقدان العظام والعضلات المرتبط بالتقدم في العمر

    الاكتئاب

يقول بعض الخبراء الطبيين الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، أو "المؤثرين الطبيين" كما يطلق عليهم، إن الالتهاب هو "سبب كل الأمراض". فهل هذه العبارة صحيحة، أم أنها تنطوي على تبسيط مخل؟

يقول البروفيسور أونيل إن العبارة "ليست غير معقولة، إذ يمكن النظر إلى المرض على أنه اضطراب في الجسم، والجسم يحفز الالتهاب للاستجابة لهذا الاضطراب، لكنه يمكن أن يسهم لاحقاً في تطور المرض. بيد أن هناك ما يمكن وصفه بالأمراض الالتهابية "الكلاسيكية" التي تصاحبها الأعراض الرئيسية للالتهاب مثل الاحمرار والتورم والألم والحرارة. الإصابة بكل هذه الأشياء تعني بالتأكيد وجود التهاب".

أما البروفيسور كولدر فيرى أن هذه العبارة من قبيل الخرافات التي يروج لها البعض على وسائل التواصل، ويضيف أنه "لا شك في أن الالتهاب ممكن أن يكون ضاراً، وهو عامل مساهم رئيسي في العديد من الحالات الصحية الشائعة، لكن من غير المرجح أن يكون المساهم الوحيد في اعتلال الصحة".

يربط الكثير من الأبحاث والدراسات بين السمنة والالتهاب المزمن. على سبيل المثال، تعريف السمنة وفقاً لدراسة أجراها علماء من جامعة كولونيا الألمانية ونشرت عام 2022 هو أنها "حالة من الالتهاب المزمن منخفض الدرجة يتسبب في العديد من أمراض الأيض".

يقول البروفيسور كولدر إن "السمنة هي حالة من تراكم الدهون الزائدة في الجسم، ونطلق على دهون الجسم مصطلح "النسيج الشحمي". وعندما تزداد كمية الدهون في الجسم تصبح ملتهبة. نعرف ذلك من خلال قياس المواد الكيميائية الموجودة في الدم والتي تشير إلى وجود التهاب. وإذا فقد الشخص بعض دهون الجسم، تقل كميات هذه المواد. ولكن عندما تكون أعلى مما ينبغي، فإن أجزاءً أخرى من الجسم، مثل الكبد والبنكرياس والأوعية الدموية، تصبح ملتهبة. وربما يكون هذا هو أحد أسباب أن السمنة تزيد من خطر الإصابة بأمراض الكبد والسكري والقلب".

وعادة ما يتم الحديث عن أن العلاقة بين السمنة والالتهاب تشبه الحلقة المفرغة، إذ قد تتسبب زيادة الوزن المفرطة في الالتهاب، والذي بدوره يصعّب من فقدان الوزن ومن ثم يؤدي إلى تفاقم السمنة.

يقول كولدر إن "الشخص المصاب بالسمنة ربما يعاني من التهاب في الأنسجة الشحمية، وقد ينتشر هذا الالتهاب فيصيب أنسجة أخرى في الجسم. كما أن الالتهاب من الممكن أن يضعف استجابة الجسم للإنسولين (مقاومة الإنسولين)، وهذا بدوره قد يؤدي إلى الإسهام في تعزيز السمنة. لكن بالعودة إلى نقطة البدء، السمنة هي التي تؤدي إلى الالتهاب وليس العكس. الالتهاب ينخفض إذا فقد الشخص المصاب بالسمنة بعض دهون الجسم".

تشير المقولة الإنجليزية "you are what you eat" (أنت ما تأكل) إلى الأثر المباشر للطعام الذي نتناوله على صحتنا، وعلاقة النظام الغذائي بالالتهاب ليست استثناءً.

ينصح الأطباء دائماً بتفادي الأطعمة فائقة المعالجة أو على الأقل الحد من تناولها، لأنها عادة ما تحتوي على نسب عالية من الملح والسكر والدهون المشبعة والسعرات الحرارية وتفتقر إلى العناصر الغذائية المهمة مثل الألياف والفيتامينات والمعادن. وتضم هذه الأطعمة المشروبات المحلاة ورقائق البطاطا وبعض الوجبات الجاهزة والأيس كريم. وقد ربطت دراسات عديدة بين تلك الأطعمة وبين زيادة خطر الإصابة بحالات مرضية مثل النوع الثاني من مرض السكري والقلب والسمنة. فهل توجد علاقة بين الأطعمة فائقة المعالجة وبين الالتهاب؟

يقول البروفيسور كولدر إن "الدهون المؤكسدة والسكريات المعدلة والدهون المتحولة والمشبعة والسكريات البسيطة من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم الالتهاب، أو تهيئ بيئة في الجسم تفضي إلى الالتهاب. الوجبات التي تحتوي على كميات كبيرة من هذه المكونات يرَجح أن تسهم في زيادة الالتهاب في الجسم".

انتشر في الفترة الأخيرة مصطلح آخر هو "نظام غذائي مضاد للالتهاب". فهل هناك بالفعل نظام غذائي يمكن أن يحمي الجسم من مخاطر الالتهاب المزمن؟

يرى البروفيسور أونيل أن هذا المصطلح "ربما كان مبالغاً فيه لوصف الدور الذي يمكن أن يلعبه الغذاء. هناك دليل على أن النظام الغذائي غير الصحي (الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة مثلاً) من الممكن أن يساهم في الإصابة بالأمراض الالتهابية، ومن ثم فإن النظام الغذائي الصحي يمكن أن يساعد في تقليل الخطر".

يتفق معه البروفيسور كولدر على أن النظام الغذائي الصحي بشكل عام يرتبط بتقليل الالتهابات. ومن بين الأمثلة التي يعطيها: النظام الغذائي المتوسطي، ونظام داش (DASH) المصمم لخفض الضغط وتعزيز صحة القلب، ونظام مايند (MIND) الذي يجمع بين النظامين السابقين بهدف تعزيز صحة الدماغ، والنظام الغذائي النوردي (Nordic) نسبة إلى دول شمال أوروبا مثل النمارك والسويد والنرويج، والذي يركز على الأطعمة المحلية والموسمية والحبوب الكاملة والأسماك وزيت الزيتون والخضروات والمكسرات والدواجن، فضلا عن الكثير من الأنظمة الغذائية الآسيوية التقليدية.

بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي، يشدد كولدر على أهمية زيادة النشاط البدني والحصول على قسط كافٍ من النوم وتقليل التوتر قدر الإمكان.

هناك الكثير من الأشياء التي يتم الترويج لها لمكافحة الالتهاب، وعلى رأسها المكملات الغذائية وبعض العلاجات التي تدخل ضمن نطاق ما يعرف بالطب التكميلي أو البديل.

لكن البروفيسور أونيل يقول إن الأدلة التي تدعم فوائد المكملات الغذائية محدودة، مضيفا: "وجهة نظري العامة بشأن الأساليب البديلة هي أنها قد تأتي ببعض الفوائد، ولكن معظم هذه الفوائد ربما يكون نتيجة لتأثير الدواء الوهمي (البلاسيبو)".

أما في حالة الإصابة بأمراض التهابية مثل التصلب المتعدد أو التهاب المفاصل، فإن أونيل يشدد على أنه من غير المرجح أن تؤدي تغييرات نمط الحياة وحدها إلى فوائد كبيرة فيما يتعلق بإبطاء تدهور تلك الحالات المرضية، وينصح بالذهاب إلى الطبيب "للحصول على أفضل وسائل لتخفيف حدة المرض وإبطاء تطوره، إذ إن غالبية الأمراض الالتهابية تتدهور عندما تُترك من دون علاج".

قد يهمك أيضـــــــــــــــا

أدوية متاحة قد تمنع الإصابة بمرض السكري

 

7 عوامل تسبب ارتفاعًا مفاجئًا فى نسبة السكر

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف يتحول الالتهاب من عملية طبيعية في الجسم إلى سبب لمشاكل صحية خطيرة كيف يتحول الالتهاب من عملية طبيعية في الجسم إلى سبب لمشاكل صحية خطيرة



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab