مصر تستقبل رئيس وزراء الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية
آخر تحديث GMT23:26:46
 العرب اليوم -

مصر تستقبل رئيس وزراء الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مصر تستقبل رئيس وزراء الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية

العاصمة الإدارية الجديدة
القاهرة - سعيد الفرماوي

وصل رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج إلى العاصمة المصرية القاهرة في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين، وذلك في ظل سعي القاهرة المتواصل لتعميق الشراكة مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وتحمل الزيارة رسائل قوية تدل على أن الرهان على الصين أصبح جزءًا من الاستراتيجية الوطنية لمصر، التي تسعى إلى تنويع شركائها الاقتصاديين وتحقيق تنمية مستدامة عبر جذب استثمارات ضخمة من الصين في قطاعات متعددة.

تشير البيانات الرسمية إلى أن عدد الشركات الصينية العاملة في مصر تجاوز 2800 شركة، بإجمالي استثمارات يزيد على 8 مليارات دولار، مع توقعات لزيادة الاستثمارات لتصل إلى أكثر من 15 مليار دولار خلال عام واحد. من أبرز المشاريع الجارية التي تشرف عليها الشركات الصينية في مصر هي منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي يتم بناؤها بتكلفة 3.8 مليار دولار من قبل شركة الإنشاءات الصينية الحكومية، وتضم المنطقة حالياً أكثر من 14 وزارة مصرية وتدار وتشغل على المدى الطويل من قبل الشركة الصينية. وفي قطاع النقل، دخل القطار الكهربائي الذي يربط العاصمة الإدارية بالقاهرة الكبرى حيز التشغيل بعد استثمار ضخم شاركت فيه 15 شركة صينية بقيمة 1.2 مليار دولار.

وفي مجال الطاقة المتجددة، تم توقيع اتفاقيات بين شركات مصرية وصينية لبناء محطات رياح في خليج السويس بطاقة تصل إلى 1100 ميجاواط، إضافة إلى مشروعات صناعية مثل مصنع إنتاج السيارات الكهربائية الذي تطوره شركات مشتركة بين مصر والصين، مما يدعم جهود مصر نحو تطوير صناعات متقدمة تواكب التحولات العالمية.

تسعى مصر إلى استثمار التحولات في الاستراتيجية الصينية التي تركز على تقليل الانبعاثات الكربونية، مما يدفع الشركات الصينية إلى نقل مصانعها خارج البلاد، مما يوفر لمصر فرصة ذهبية لتوطين صناعات جديدة وتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي والتصديري. وبفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، تعد مصر بوابة مهمة للشركات الصينية للوصول إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية والعربية، بالإضافة إلى تمتعها بقوة عاملة كبيرة ومتنوعة ومدربة على مستوى جيد، مما يعزز من جاذبية السوق المصري للاستثمارات الأجنبية.

ورغم النجاح الملحوظ في جذب الاستثمارات، تواجه العلاقات الاقتصادية بين البلدين بعض التحديات، أبرزها البيروقراطية والتمويل، تعقيدات الإجراءات الجمركية، والحاجة إلى استقرار تشريعي وسعر صرف مستقر، لتوفير بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة. كما أن التغيرات في القوانين الضريبية وتأخر الإجراءات تؤثر على جداول التنفيذ للشركات الصينية التي تشتهر بالتزامها بالمواعيد الصارمة.

على الصعيد الجيوسياسي، تحرص مصر على الحفاظ على توازن علاقاتها مع القوى الاقتصادية الكبرى، حيث تستضيف فعاليات ومبادرات مع شركاء أمريكيين، وفي الوقت ذاته تعزز من علاقاتها الاستراتيجية مع الصين في إطار سياسة تنويع الشركاء وتقليل الاعتماد على التمويلات الغربية، ما يعكس رؤية مصر لاقتصاد عالمي متعدد الأقطاب. ويُنظر إلى التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة كعامل محفز لتقارب اقتصادي أكبر بين مصر وبكين.

في قطاع التكنولوجيا الحديثة، تحتضن مصر عدداً من الشركات الصينية الكبرى مثل "هواوي" و"شاومي" و"زد تي إي"، وتم تأسيس صندوق استثماري مشترك بقيمة 300 مليون دولار مع جامعة "تسينغهوا" للتركيز على الذكاء الاصطناعي وتصميم أشباه الموصلات، إضافة إلى مشروعات لإنشاء مصانع ألياف ضوئية ومراكز تدريب وتأهيل في مجالات البرمجة والتقنيات الحديثة، مما يدعم تحول مصر إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا والابتكار.

بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 17 مليار دولار في 2024، مع نمو مستمر مقارنة بالعام السابق، إلا أن هناك تحديات هيكلية، منها عدم توازن الميزان التجاري الذي يميل لصالح الصين، حيث تستورد مصر سلعاً بقيمة كبيرة مقابل صادرات محدودة، إضافة إلى تعقيدات في الإجراءات والمعايير الفنية التي تعوق تصدير المنتجات المصرية إلى السوق الصينية.

تلعب عضوية البلدين في تجمع "بريكس" دوراً محورياً في دعم العلاقات الاقتصادية، من خلال تسهيل التعاون المالي والتنموي عبر بنك التنمية الخاص بالمجموعة، وتيسير التجارة بالعملات المحلية بين الجنيه المصري واليوان الصيني، مما يحد من الاعتماد على الدولار ويقلل من مخاطر تقلبات أسعار الصرف.

تعمل مصر على تنفيذ خطة طموحة لجذب المزيد من الاستثمارات الصينية، مع التركيز على إقامة مشاريع صناعية وزراعية مشتركة، وتسريع إجراءات الاستثمار داخل المناطق الاقتصادية الخاصة مثل قناة السويس، لتعزيز دور مصر كبوابة استراتيجية تربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
ويعتبر قطاع السياحة من القطاعات الواعدة في العلاقات بين البلدين، مع توجه مصري لزيادة الحصة من السياح الصينيين عبر تنويع الوجهات وتعزيز الجذب السياحي.

ختاماً، تمثل الشراكة الاقتصادية بين مصر والصين نموذجاً متقدماً للعلاقات الدولية في العصر الحديث، حيث تجمع بين مصالح التنمية الاقتصادية والتوازنات الجيوسياسية، مع توجه مصري واضح لجعل الصين شريكاً استراتيجياً رئيسياً في مسيرة التنمية الوطنية والتحديث الاقتصادي، مستفيدة من الفرص التي تتيحها التحولات العالمية والتغيرات في سلاسل التوريد العالمية.

  قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

القمة العربية في القاهرة تعتمد خطة مصر لإعمار غزة وتدعو لنشر قوات حفظ سلام وتدين وقف إدخال المساعدات للقطاع

الحكومة المصرية تنفي وجود عجز في مواردها المالية وتؤكد انتقال موظفيها للعاصمة الجديدة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر تستقبل رئيس وزراء الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية مصر تستقبل رئيس وزراء الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية



درّة زروق بإطلالات كاجوال مثالية في صيف 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 14:49 2025 الإثنين ,07 تموز / يوليو

4 نصائح طبيعية لنوم جيد في الحرارة الشديدة

GMT 00:32 2025 الأربعاء ,09 تموز / يوليو

استشهاد 12 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي بغزة

GMT 01:59 2025 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

إصابة جندي إسرائيلي بانفجار عبوة ناسفة في نابلس

GMT 16:13 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

حنان مطاوع تثير الجدل برسالة غامضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab