بيروت ـ كمال الأخوي
في إطار الزيارة التي قام بها الموفد الرئاسي والسفير الأميركي في تركيا إلى لبنان، أكدت الولايات المتحدة على ضرورة أن تتخذ الحكومة اللبنانية خطوات جادة وعاجلة لنزع سلاح وبنية حزب الله، معتبرة أن هذا الأمر هو شرط أساسي لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. وقد لقيت الورقة اللبنانية المقدمة للرد على مطالب الإدارة الأميركية وصفاً بـ"الإيجابي"، لكن المصادر تشير إلى أن هذه الورقة ليست مرضية بشكل كامل، ما يعكس استمرار التوتر والاختلاف في التوجهات بين الطرفين.
تأتي هذه التحذيرات في ظل تدهور كبير في العلاقة بين الإدارة الأميركية والحكومة اللبنانية، التي شهدت انهياراً في الثقة خلال الأشهر الماضية بسبب ما وصفته واشنطن بعدم الجدية في التعامل مع ملف نزع السلاح، لا سيما في الجنوب اللبناني حيث تنشط ميليشيات حزب الله. فقد تعرض الجيش اللبناني لانتقادات من قبل المسؤولين الأميركيين بسبب تأخيره في تنفيذ العمليات، وتسريب المعلومات التي تتيح لعناصر حزب الله تفادي مصادرة أسلحتهم، ما دفع بعض المسؤولين الأميركيين للسخرية من أداء الجانب اللبناني.
وقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بأن القوات المسلحة اللبنانية حققت تقدماً في نزع سلاح حزب الله في جنوب الليطاني، لكنه أكد أن هناك عملاً أكبر يجب إنجازه يشمل كل لبنان، مشدداً على أن نزع السلاح يجب أن يشمل أيضاً البنى التحتية لحزب الله والتنظيمات الخارجية. وأوضح أن الإجراءات الأمنية وحدها لن تكون كافية لتحقيق الاستقرار، بل يجب أن تترافق مع إصلاحات اقتصادية وقضائية تضمن الاستقرار المالي وتعيد الثقة الدولية إلى لبنان.
هذه الرسائل الأميركية تحمل أيضاً إشارات واضحة بأن الوقت الحالي هو فرصة تاريخية يجب على لبنان استغلالها، خاصة بعد الضعف الذي أصاب حزب الله إثر الحرب الإسرائيلية الأخيرة وسقوط نظام الأسد في سوريا، حيث ترى واشنطن أن هناك فرصة سانحة لتحقيق تقدم حقيقي في منطقة الشرق الأوسط إذا ما تم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
في الوقت نفسه، وجهت الإدارة الأميركية تحذيراً شديد اللهجة إلى الحكومة اللبنانية بأن استمرار حزب الله في إعادة بناء قوته عبر التمويل والتهريب سيجعل المواجهة معه أكثر صعوبة في المستقبل، داعية إلى اتخاذ إجراءات صارمة وسريعة لنزع السلاح بالقوة إذا لزم الأمر. وخلص المتحدث باسم الخارجية إلى أن واشنطن لا تريد أن ترى حزب الله أو أي تنظيم إرهابي آخر يستعيد قدرته على ارتكاب أعمال عنف تهدد أمن لبنان وإسرائيل.
يأتي هذا الموقف الأميركي في سياق التوترات الإقليمية المتصاعدة، مع استمرار الضغوط الدولية على لبنان لإصلاح نظامه الإداري والمالي ومواجهة نفوذ الميليشيات المسلحة التي تعيق استقرار البلاد وتؤثر سلباً على العلاقات الدولية. وتؤكد واشنطن في خطابها أن الحل يبدأ من الدولة اللبنانية نفسها، التي يجب أن تثبت قدرتها على فرض سيادتها وإعادة بناء مؤسساتها بعيداً عن نفوذ القوى غير الحكومية.
الملف اللبناني يبقى أحد أهم الملفات الحساسة التي تتابعها الإدارة الأميركية، خاصة مع تغيرات المنطقة وتطورات المشهد السياسي في الشرق الأوسط، حيث تُعد قدرة لبنان على تحقيق الاستقرار والتوافق السياسي عاملاً حاسماً في استقرار المنطقة برمتها. وفي ظل هذا الواقع، تبقى الدعوات الدولية إلى لبنان متواصلة لتعزيز سيادة الدولة ونزع سلاح الميليشيات، من أجل بناء مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً للشعب اللبناني.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
حزب الله يؤكد أن التهديدات الإسرائيلية لن تدفعه للتخلي عن السلاح
نعيم قاسم يؤكد على عدم ترك السلاح قبل انسحاب إسرائيل ويصف "ورقة باراك" بالاستسلامية
أرسل تعليقك