كشفت مصر عن إنتاج طائرة مسيّرة انتحارية جديدة تحمل اسم "جبار 150"، وهي أول طائرة من هذا النوع تُصنَّع محلياً بالكامل، وفق ما أعلنته إحدى الشركات الخاصة المشاركة في معرض "إيديكس" للصناعات الدفاعية الذي تنظمه سنوياً وزارة الدفاع المصرية.
تقول الشركة المُصنِّعة إن "جبار 150" تتمتع بقدرات هجومية عالية، إذ يمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 1500 كيلومتر، وبسرعة تبلغ 200 كيلومتر في الساعة، والتحليق لمدة تقارب عشر ساعات متواصلة. كما تستطيع حمل ما بين 40 و50 كيلوجراماً من الذخائر.
وتعمل الطائرة بأنظمة GPS ونظام الملاحة بالقصور الذاتي (INS)، الذي يتيح لها تحديد الهدف بواسطة مستشعرات حرارية في حال التعرض للتشويش على نظام تحديد المواقع.
وتمثل "جبار 150" النموذج الأول في سلسلة جديدة من المسيرات الانتحارية تشمل "جبار 200" و"جبار 250".
أشارت وسائل إعلام إيرانية إلى وجود تشابه بين "جبار 150" والمسيّرة الإيرانية "شاهد-136".
وقالت ليز كريغ، الصحفية المتخصصة في الشؤون الدفاعية، إن التصميم يبدو مستلهماً من "شاهد-136"، التي تُعد من أنجح طائرات الهجوم أحادي الاتجاه خلال السنوات الأخيرة. وأضافت أن فعالية الطائرة الإيرانية تعود إلى هيكلها الصغير ومقطعها الراداري المحدود وقدرتها على تنفيذ هجمات واسعة، ما جعلها "أداة فعالة لتقويض دفاعات العدو الجوية".
وأوضحت لبي بي سي أن مصر "ليست الدولة الأولى التي تصمّم طائرة انتحارية مستوحاة من شاهد-136، ولن تكون الأخيرة"، معتبرة أن "كل الدول ترغب في تقليد المسيرة الإيرانية التي أحدثت تحولاً في القتال الجوي".
وأضافت أن ميزات "شاهد" وفّرت فرصة لـ"اللاعبين الصغار" على الساحة الدولية لتحدي القوى الكبرى، واصفة الطائرة بأنها "سلاح مُزعزع للاستقرار" نظراً لتأثيره الكبير وتكلفته المنخفضة.
لكن الشركة المصرية المُصنِّعة نفت وجود أي صلة تقنية بالطائرة الإيرانية، مؤكدة أن التشابه يقتصر على الشكل الخارجي.
وقال العميد محمد سيد، المستشار بالشركة المنتجة، إن "الطائرة مختلفة تماماً، بفكر وأيدٍ مصرية، ومختلفة عن أي طائرة شبيهة أو أي نوع من المسيرات الموجودة في العالم". وأضاف أن مصر "تبدأ من حيث انتهى الآخرون، وتطوّر التكنولوجيا بما يناسب استخداماتها واحتياجاتها في المنطقة".
وأثارت "شاهد-136" جدلاً واسعاً منذ دخولها الخدمة، فهي طائرة أحادية الاتجاه تحمل نحو 50 كيلوجراماً من الذخائر، وتُدمَّر عند مهاجمة هدفها، ويمكنها الطيران لمسافة تصل إلى نحو 2000 كيلومتر.
ورغم محدودية حساساتها مقارنة بالأنظمة الأكثر تطوراً، فإن انخفاض تكلفة إنتاجها وسهولة استخدامها جعلاها أداة استراتيجية فعّالة، وغالباً ما تُستخدم لفتح ثغرات في شبكات الدفاع الجوي قبل إطلاق الصواريخ الباليستية أو الذخائر الطائرة.
واستخدمت إيران هذا النوع من المسيرات بكثافة في مواجهتها العسكرية مع إسرائيل في يونيو/ حزيران الماضي، في محاولة لتشتيت الدفاعات الجوية الإسرائيلية عبر دفعها لاستخدام صواريخ اعتراضية مرتفعة التكلفة مقارنة بالطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة. كما زوّدت طهران روسيا بكميات محدودة من هذا الطراز عام 2021، واستُخدمت لاحقاً في الحرب ضد أوكرانيا.
وتُعرف هذه الطائرات باسم "الطائرات أحادية الاتجاه" لأنها تتدمّر مع الهدف. وشهد استخدامها توسعاً ملحوظاً في عدة نزاعات، من بينها الحرب الروسية الأوكرانية والمواجهة بين إسرائيل وإيران، إضافة إلى استخدامها من قبل جماعات مسلحة مثل الحوثيين في اليمن.
ويقول هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا، إن دولاً مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين توسعت أيضاً في تصنيع هذه الطائرات بعد استخدامها المكثف خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن هذه المسيرات منخفضة التكلفة نسبياً مقارنة بقدراتها التدميرية، لكنها لا تحسم المعارك بمفردها، إذ "تكمل منظومة الطائرات الأخرى وتُستخدم في مهام محددة ولها إضافة مقبولة".
وأضاف الحلبي أن تقييم هذه الطائرات يعتمد بشكل أساسي على "الاستخدام العملياتي وحُسن اختيار الأهداف"، وليس فقط على مواصفاتها الفنية مثل المدى والحمولة.
وفي السياق ذاته، توضح كريغ أن الحرب الروسية الأوكرانية، التي دخلت عامها الرابع، أبرزت أهمية الطائرات المسيّرة باعتبارها وسيلة استطلاع وهجوم وتشويش منخفضة الكلفة مقارنة بالمقاتلات التقليدية مثل طائرات الـ«إف-16» التي تبلغ تكلفة الواحدة منها نحو 90 مليون دولار، بينما لا تتجاوز تكلفة المسيّرات بضعة آلاف من الدولارات.
وفي أغسطس/ آب 2025، أصدر موقع "غلوبال فاير باور" تصنيفه السنوي لأقوى جيوش العالم لعام 2025، بعد دراسة شملت 145 دولة اعتماداً على أكثر من 60 عاملاً، من بينها القدرات العسكرية والمالية واللوجستية.
وعربياً، حافظ الجيش المصري على صدارته، محتلاً المرتبة التاسعة عشرة عالمياً.
ويشير التصنيف، الذي منح مصر مؤشر قوة قدره "0.3427"، إلى بقائها ضمن أقوى 20 جيشاً في العالم، رغم تراجعها عشر مراتب خلال أربع سنوات مقارنة بتصنيف عام 2020 الذي احتلت فيه المركز التاسع عالمياً.
وكان تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) الصادر في مارس/ آذار 2022، قد صنّف مصر ضمن أكبر عشر دول مستوردة للسلاح في العالم خلال الفترة بين 2017 و2021، إذ جاءت في المركز الثالث بعد الهند والسعودية.
لكن تقرير "سيبري" الصادر في أبريل/ نيسان 2024 خلا من اسم مصر ضمن الدول التي زادت إنفاقها العسكري، ما يشير إلى تراجع مشتريات السلاح خلال تلك الفترة.
وإلى جانب عمليات شراء واسعة خلال العقد الماضي، تؤكد مصر أيضاً توجهها نحو التصنيع العسكري، وكان آخر منتجاتها المدرعة "سيناء 200"، وهي أحدث ناقلة جند مصرية مُحصّنة ضد قذائف الـ"آر بي جي".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك