الرياض –العرب اليوم
أوضح الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي عضو هيئة كبار العلماء، أن الانتحار (قتل الانسان نفسه) يعد في الشرع كبيرة من كبائر الذنوب متوعدا عليها بالعذاب الشديد يوم القيامة.
وقال "ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامه"، فمن تردى من شاهق أو احتسى سماً أو وجأ نفسه بحديدة فإنه يعذب بمثل ما فعله بنفسه يوم القيامة.
وأضاف: "لشدة قبح هذا الفعل وعظم جرمه عند الله فقد امتنع رسول الله عن الصلاة على فاعله كما ورد ذلك في الحديث الصحيح، ﻷن المنتحر غير راض بقضاء الله وقدره وغير ملتزم بما أمر الله به عباده من الصبر على المصائب وهذا دليل ضعف الإيمان"، منوهاً إلى أن هذا الحكم الشديد والوعيد بالعقوبة الأليمة إنما يكون لمن أقدم على هذا الفعل وهو بكامل قواه العقلية أما إذا كان في عقله خلل يرفع عنه التكليف حال الإقدام على ذلك الفعل كالمجنون والمعتوه فلا يؤاخذ عند الله بشيء مما فعل ﻷنه في تلك الحال غير مكلف إذ التكليف منوط بالعقل.
وقدم عضو هيئة كبار العلماء نصيحته لكل مسلم أن يكون قوي الصلة بربه في المحافظة على الطاعات التي تقربه إلى الله وتقوي ثقته بربه وحسن تدبيره وأن ما يصيبه من بلاء في نفسه أو ماله أو ولده أو غير ذلك فإنه خير له إذا صبر واحتسب، مضيفاً "ليعلم المؤمن أن بلاء الدنيا ﻻ يساوي شيئا مع عذاب الآخرة فمن تعجل الموت وقضى على نفسه فإنه لن يخرج بذلك مما هو فيه من البلاء وسيقع فيما هو أشد".
استشاري نفسي يؤكد أن المنتحر يؤثر بجريمته سلباً على أسرته
وعدد الدكتور محمد بن عبدالله المطوع وكيل كلية العلوم الاجتماعية وأستاذ علم النفس المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الأسباب التي تدفع الشخص نحو الانتحار، موضحاً أنه تتعدد وتختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى؛ فقد تكون أسبابه في مرحلة المراهقة نتيجة فشل العلاقات العاطفية أو بسبب فقدان حبيب كالأم أو الأب أو الزوجة أوالمخطوبة، أما أسبابه في مرحلة الشيخوخة فغالباً ما تكون بسبب الاكتئاب الحاد الناتج عن الأزمات النفسية أو العزلة الطويلة أو المرض الذي لا يرجى برؤه فيتعرض هذا الكبير إلى اكتئاب حاد قد يؤدي بصاحبه إلى الانتحار إن لم يعالج مبكراً.
وأشار الى أسباب الانتحار في وسط العمر؛ منها إدمان المخدرات أو المشكلات الاجتماعية والضغوط غير العادية التي تجعل بعض الأشخاص لا يتحملها فيقدموا على الانتحار، لافتاً إلى أسباب الانتحار التي يمكن إيجازها في أربعة أسباب، هي: الأمراض النفسية الناتجة عن ضغوط الحياة الشديدة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وضعف الوازع الديني. وشدد المطوع على أهم الصفات التي تمكن الأسرة من التنبأ بأن ابنها يفكر في الانتحار منها: الانعزال والاكتئاب اللذان يعدان أكبر مؤشر على الرغبة في الانتحار. وقال: "على أسرته أن تتأكد بأنه يمكن أن يقدم على الانتحار في أي لحظة ومن ثم عليها المبادرة فوراً في علاجه. وقدم الدكتور محمد المطوع توجيها للشخص الذي يفكر في الانتحار، قائلا: "يجب أن يتقي الله في نفسه لأنه لا يجوز قتل النفس شرعاً بالانتحار أو غيره من الطرق، وعليه أن يتذكر أن المسلم مبتلى فمن صبر واحتسب فله من الله عظيم الأجر والثواب، وعليه أن يتأكد بأن رفع البلاء بيده عز وجل وعليه أن يبادر بعلاج نفسه إن كان سبب إقباله على الانتحار هو الاكتئاب أو ضغوط نفسية أو اجتماعية أو مرض، كما يجب عليه أن يتأكد بإمكان علاج هذه الأمراض النفسية وانه يمكن الشفاء منها تماماً كحال باقي الأمراض العضوية ولا ييأس من رحمة الله فضلاً عن أهمية الابتعاد عن العزلة الاجتماعية لأنها من أسباب الإقدام على الانتحار.
وأوضح الدكتور ماطر بن عواد الفريدي الاستشاري النفسي الإكلينيكي، أن الأسرة أهم عامل يؤثر في التكوين النفسي على الفرد، إذ أن أي تفكك او انعدام في الترابط الأسري يؤدي الى ارتكاب العديد من المشكلات بين أفرادها من أهمها الانتحار. وبين أن بعض الدراسات أظهرت ان المنتحر يسهم في تخلخل استقرار جو الأسرة متمثلاً في خفض مستوى الوفاق بين الوالدين وتأزم الكثير من الخلافات داخل الأسرة التي يتحول على إثرها المنزل إلى جحيم لا يطاق؛ فيحدث العنف والطلاق وتشريد الأبناء، كما يمتد اثر انتحار احد أفراد الأسرة عليها اجتماعيا ومن ذلك إعطاء المثل السيئ لأفراد أسرته بسبب فعلته ونقل عادة الانتحار إلى بقية أفراد الأسرة والتأخر الدراسي، وإفراز أطفال منحرفين وتدهور مستوى الطموح لديهم. وشدد الفريدي على أهمية التوعية المستمرة بجريمة الانتحار بين فئات المراهقين بأسلوب يتناسب مع طبيعة فهمهم وخصائصهم الشخصية حتى لا تأتي بنتائج عكسية، وان يستخدم الآباء أساليب تربوية تعتمد على الحوار المتبادل بينهم وبين الأبناء وخاصة في مرحلة المراهقة، وكذلك المتابعة المستمرة من الأسرة للأبناء بأسلوب غير منفر وبعيدا عن التسلطية، والتقويم والتدخل السريع لمعالجة أي انحرافات سلوكية أولا بأول، مؤكداً أهمية استشارة العاملين في مجال الصحة النفسية والخدمة الاجتماعية حول أفضل الأساليب التربوية في كيفية التعامل مع مشكلات المراهقين، حسبما ذكرت صحيفة «الرياض».
أرسل تعليقك