أساور إلكترونية تراقب نومك وأكلك وتمارينك الرياضية
آخر تحديث GMT18:40:50
 العرب اليوم -

أساور إلكترونية تراقب نومك وأكلك وتمارينك الرياضية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - أساور إلكترونية تراقب نومك وأكلك وتمارينك الرياضية

واشنطن ـ وكالات

قبل أسبوعين لفت انتباهي وجود إسوار رمادي غريب على رسغ واحد من ألمع شخصيات الإعلام في نيويورك. كان التصميم لافتاً للنظر إلى حد بعيد، وأنيقاً ومرتباً. لكن لم يكن القصد من ذلك هو التعبير بالأزياء عن وجهة نظر معينة، أو المساهمة في قضية خيرية مهمة. هذا الشخص، الذي سأدعوه أندي، بدأ في الفترة الأخيرة باستخدام هذه القطعة البلاستيكية ليسجل – بصورة مستمرة – حركات جسمه، من حيث مقدار التمارين الرياضية، والأكل، والنوم. وهو لا يكتفي فقط بمتابعة هذه البيانات بنفسه يوميا، وإنما كذلك يُحَملها من موقع على الإنترنت، حيث يمكن متابعتها من قبل جميع أصدقائه. راح أندي يشرح لي سلوكه، في الوقت الذي تناول فيه هاتفاً ذكياً وأراني الشاشات التي تعرض البيانات الحيوية على حلقته من الأصدقاء الذين يرتدون الأساور (وهي مجموعة من قبيل الشخصيات التي تعمل في صناديق التحوط على الساحلين الشرقي والغربي للولايات المتحدة، والمحامين وأصحاب المشاريع وما إلى ذلك). وقال: "نستطيع أن نرى الإحصائيات الخاصة بكل واحد منا". من الواضح أن هؤلاء المحترفين المهنيين لديهم هوس بمراقبة أوقات نومهم، وعدد المرات التي يستيقظون فيها ليلاً، وعدد ساعات النوم العميق التي يتمتع بها كل شخص. وأضاف أندي وهو يضحك: "إنها الموضة الجديدة." وقد أصبح ارتداء هذه الشارات – التي تصنعها شركات من قبيل نايْك وجوبون – علامة على الكبرياء بين أترابه. ولا شك أن الآراء لدى قراء "فاينانشيال تايمز" بخصوص هذه الظاهرة ستكون متباينة إلى حد بعيد. بالنسبة إلى كثير من المراقبين، فكرة ارتداء جهاز يتقصى وينقل البيانات حول إيقاعاتك الحيوية يبدو أمرا دخيلا إلى حد فظيع. فنحن نعيش في الأصل في عالم تخضع فيه أغلبيتنا للمراقبة أثناء ساعات اليقظة. وحين تستطيع الآلات الآن متابعتنا أثناء نومنا، فإن هذا يخلق مستويات جديدة من إمكانيات المراقبة، وبصورة مضاعفة، وذلك بالنظر إلى قدرة الشركات والحكومات على مراقبة الإنترنت. لكن قبيلة ارتداء الأساور تستأذن في أن تخالفنا الرأي. يقول جوزيف تيجاردِن، المتحدث باسم شركة نايْك: "ليس هناك من يُكرهك على مشاركة هذه المعلومات، فهذا أمر اختياري". فضلاً عن ذلك، من الممكن أن تنتج عن ذلك منافع شخصية واجتماعية. إن ضغط الأتراب يمكن أن يكون عاملاً تحفيزياً قوياً في تشجيع الناس باتجاه نمط حياة صحي أكثر من ذي قبل – وتشير بعض الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يبدأون في ارتداء هذه الأساور الإلكترونية على ما يبدو يقومون بقدر من التمارين يزيد بنسبة 25 في المائة عن ذي قبل. لكن ما يفتتني هو عنصر المفارقة الثقافية في هذا الأمر. قبل 20 سنة، وقبل أن أصبح صحافية، قضيتُ وقتاً طويلاً أُمعِن الفكر (والتحير) بخصوص مفاهيم الخصوصية. في ذلك الحين كنت أعمل في مجال الأنثروبولوجيا الثقافية في مجتمعات التبت وطاجيكستان، حيث يوجد اختلاف بيِّن هناك في مواقف واتجاهات الناس تجاه الفضاء الشخصي. في كل ليلة تنام مجموعة من الأشخاص في الغرفة، أو الخيمة نفسها. فإذا كان أحد الأشخاص لا يستطيع أن يرتاح في نومه، أو طعامه، يصبح الموضوع معروفاً على نطاق واسع ومجالاً للنقاش العام. شخصياً وجدتُ أن هذا حالة متطرفة من التدخل في الخصوصيات. لكن حتى عهد قريب كنتُ أفترض على نحو غامض أنه يغلب على هذه المجتمعات أن تتخلى عن هذا السلوك حين تزداد ثراءً. ذلك أن الطابع العام للتاريخ يشير إلى أن معظم الثقافات تصبح أكثر ميلاً إلى الفردية مع مرور الزمن، لأن الثروة تعطي الناس حرية الانفصال عن المجموعة. لكن يمكن أن تؤدي الثورة الرقمية إلى زعزعة هذه الافتراضات. لا علينا من الحقيقة التي تقول إن جيل الشباب اليوم يشعر بهوس الحاجة إلى البقاء على اتصال من خلال "تويتر" و"فيسبوك"، أو نشر المعلومات على الإنترنت دون اعتبار يُذكَر للخصوصية. وإذا كان المهنيون الشباب يرون أن من "الجميل واللطيف" أن ينشروا أنماط نومهم فيما بينهم، فسيبدو أن مفهوم التقدم الثقافي عاد إلى نقطة البداية. إذ نجد أننا جميعاً قد عدنا فجأة إلى خيمة إلكترونية عملاقة – أو على الأقل عاد إليها أندي وأصدقاؤه الأثرياء من النخبة. بطبيعة الحال، وهو أمر تواصل الشركات نفسها تأكيده، هناك اختلاف جوهري واحد: هؤلاء المدمنون على اللياقة البدنية ويرتدون الأساور لديهم خيار حول بقائهم، أو عدم بقائهم مكشوفين. لكن على الأقل أجد أن انتشار "جوبون يو بي" أو "نايْك فيول باد" هو علامة أخرى على الدرجة التي يريد معظمنا فيها أن نبقى داخل مجموعة اجتماعية – حتى (أو خصوصاً) في عصرنا الإلكتروني المتفكك – حين يصبح النوم واحداً من أثمن وأندر السلع على الإطلاق.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أساور إلكترونية تراقب نومك وأكلك وتمارينك الرياضية أساور إلكترونية تراقب نومك وأكلك وتمارينك الرياضية



GMT 15:26 2025 السبت ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

جيميني ينافس شات جي بي تي بقوة في سوق الذكاء الاصطناعي

GMT 18:47 2025 الجمعة ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

شات جي بي تي يدخل عالم المحادثات الجماعية لأول مرة

GMT 21:41 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

انتشار المسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين

إطلالات هنا الزاهد بالأبيص أناقة هادئة تزداد حضوراً في الصباح والسهرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:52 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أضيفي لمسة القفازات لإطلالاتك على خطى النجمة درة
 العرب اليوم - أضيفي لمسة القفازات لإطلالاتك على خطى النجمة درة

GMT 08:12 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

البحر الأسود في تركيا جوهرة خضراء تنتظرك بعيداً عن الزحام
 العرب اليوم - البحر الأسود في تركيا جوهرة خضراء تنتظرك بعيداً عن الزحام

GMT 21:07 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس مجلس النواب الأميركي يعلق على صلة ترامب بقضية إبستين
 العرب اليوم - رئيس مجلس النواب الأميركي يعلق على صلة ترامب بقضية إبستين

GMT 18:06 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بي بي سي تؤكد عدم وجود أساس قانوني لدعوى ترامب
 العرب اليوم - بي بي سي تؤكد عدم وجود أساس قانوني لدعوى ترامب

GMT 07:00 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد اختيار وتنسيق النباتات الاصطناعية داخل المنزل
 العرب اليوم - قواعد اختيار وتنسيق النباتات الاصطناعية داخل المنزل

GMT 00:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تغرم غوغل 665 مليون دولار بسبب الاحتكار

GMT 07:52 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أضيفي لمسة القفازات لإطلالاتك على خطى النجمة درة

GMT 09:58 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يبدأ تطبيق نظام الحجز المسبق للزوار

GMT 06:31 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سلسلة مؤهلات

GMT 16:24 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

البابا يحث قادة العالم على الاستماع إلى صرخة الفقراء

GMT 08:33 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أناقة المطبخ بين الأبيض والخشب في التصاميم العصرية

GMT 04:41 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 12 وإصابة 10 في حادث حافلة بالإكوادور

GMT 06:32 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة مفاجئة لاعب أوكراني سابق بعد مباراة خيرية

GMT 23:42 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل في الجزائر بعد أداء طلاب طب القسم بالفرنسية

GMT 17:38 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرع 32 عاملا في انهيار منجم كوبالت بجنوب الكونغو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab