البريكي روح الأنس سائدة في الجلسات الجماعية
آخر تحديث GMT11:30:28
 العرب اليوم -

البريكي: روح الأنس سائدة في الجلسات الجماعية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - البريكي: روح الأنس سائدة في الجلسات الجماعية

الشاعر الإماراتي محمد البريكي
أبو ظبي ـ سعيد المهيري

يتمكن الشاعر الإماراتي محمد البريكي، واعتماداً على ذاكرته أن يستقرئ خط سير شهر رمضان الفضيل، بين مرحلتين،أولاهما: طفولته، وثانيتهما معطيات اللحظة الرمضانية، حيث البون الشاسع بين كلتا المحطتين، وهو فرق يتجلى في مفردات كثيرة، منها ما هو متعلق بالبيئة نفسها .
هذه البيئة التي تلحظ تطورات هائلة، وما يدل على هذا الكلام أن أية مقارنة بين تكوينات البيت القديم الذي يعتمد القش وسعف النخل، والبيت الحالي وهو في حضن أحد الأبراج العملاقة، أوفي "فيللا" مستقلة، أو بيت عصري، تدل على مدى شساعة الفروق، لاسيما أن البيت القديم كان ذا مقاومة محدودة أمام حر الشمس المضني، بينما البيت الجديد مزود بكل متطلبات الرفاهية، وفي مقدمة كل ذلك التكييف الذي ينسى، خارج أبواب أية عمارة درجة الحرارة المئوية العالية التي يبدو أنها- هي الأخرى- باتت تهرم، قياساً للسنوات الماضية، وهو ما يمكن استنتاجه عبر لغة الأرقام .
ولا يتوقف أمر قطار تحولات الحياة بين الأمس واليوم، ضمن فضاء نقلة المنزل من مرحلته الغارقة في البساطة إلى مرحلته المتخمة بما بعد حداثيتها، بل إن مفردات الحياة برمتها-ومنها المفردات الرمضانية- باتت جميعها تتغير عما كانت عليه، إلى تلك الدرجة التي يمكننا من خلالها الحكم أننا أمام حياتين مختلفتين، وإن كنا لنجد بعض هذه المفردات موجوداً، كما هو حال توزيع "الأطباق الرمضانية" والتي أطلق عليها الشاعر البريكي قبل الآن، تسمية "الأطباق الطائرة" .
قال الشاعر البريكي: حتى الأطعمة-آنذاك- كانت جد بسيطة، وغير متوافرة، كما هي متوافرة الآن، ورغم ذلك فإن نساء الحي كن يطفن بصحونهن في بيوت الحارة . ورغم أن أطعمة تلك الفترة كانت بسيطة، فإنها كانت تتمتع بلذة كبيرة، ربما بدأنا نفتقدها في زمن الوفرة الكبيرة .
وأضاف البريكي: الآن، أستطيع أن أخمن بعض أسرار تلك المتعة التي كنا نستشعرها في طفولاتنا، فهي تعود لأسباب عديدة، منها سحر تلك اللحظة، وروح الأنس التي كانت سائدة في جلساتنا الجماعية، هذه الجلسات التي كانت عفوية، وإن كنا نجد "الخيم الرمضانية" منتشرة في الأحياء، بيد أن هناك ما هو مفتقد في كل ما نجده من حولنا الآن .
وتابع البريكي: الأطفال كانوا ينتظرون بين العام والعام طقوس شهر رمضان الفضيل، حيث يشاركون الكبار الصوم، بشكل جزئي أو كامل، بل كانوا يساعدون الأمهات والأخوات، وكانوا يتجولون في الحي، يزورون بيوته، بالتوازي مع ما يفعله الآباء . ومثلما كنا ننتظر لحظة الإفطار، ونزغرد فرحين لها، فإننا كنا نبتهج في الوقت نفسه ونحن نستيقظ في الأسحار، بعد أن كنا نلح على آبائنا وأمهاتنا . أما ألعابنا، فقد كانت تأخذ مساحة واسعة من وقت ما بعد الإفطار إلى اللحظة التي كان يهدنا فيها التعب، وننتهي من جولاتنا، فنضطر إلى النوم .
لم نكن كأطفال بعيدين عن أجواء تلاوة القرآن الكريم، بل كنا نشارك الكبار في ذلك، سواء في بيوتنا أو في الجوامع، ولا تزال أصداء تلاواتنا في أذني، وقد كان لهذا الطقس تحديداً الأثر الكبير في نفسي، بل في نفوس أبناء جيلي .
وقال البريكي: الناس لم يكونوا لينقطعوا عن الأعمال التي كانوا يقومون بها، فإذا كانت الأمهات في بيوتهن طوال فترة النهار، يعددن لطعام الإفطار، فإن الآباء كانوا يواصلون أعمالهم الشاقة، بجلد وصبر، في تلك الأجواء الملتهبة، تحت أشعة الشمس الساطعة، ودرجات الحرارة العالية .
وأضاف البريكي: شهر رمضان فرصة روحية لكل منا، كي يستقرئ تضاريس روحه، يمضي في عالم الروحانيات، يغتسل من منغصات أحد عشر شهراً مَضتْ، ورغم كل سبل تطور الحياة، نجد أن الروابط الحميمة التي كانت سائدة من قبل، باتت تتراجع عما هي عليه من قبل، وهو ما يجب علينا الآن-ونحن في مواقعنا الثقافية- أن نطرح أسئلتنا، من أجل استعادة ألقها، هذا الألق الذي هو رصيد اجتماعي جد كبير لا غنى عنه البتة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البريكي روح الأنس سائدة في الجلسات الجماعية البريكي روح الأنس سائدة في الجلسات الجماعية



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:07 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

سماع دوي انفجار في رفح جنوب قطاع غزة

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

شهيد في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب لبنان

GMT 16:30 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

رئيس الإمارات يستقبل سلطان عمان في أبوظبي

GMT 10:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

219 مستوطنا إسرائيليا يقتحمون المسجد الأقصى

GMT 18:53 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

اعتقال 3 ألمان للاشتباه في تجسسهم لصالح الصين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab