روح الفراشة لطلعت رضوان تفوح بعبق المشاعر الإنسانية
آخر تحديث GMT09:05:48
 العرب اليوم -

"روح الفراشة" لطلعت رضوان تفوح بعبق المشاعر الإنسانية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "روح الفراشة" لطلعت رضوان تفوح بعبق المشاعر الإنسانية

القاهرة - أ.ش.أ

يقول الناقد عز الدين نجيب في تقديمه للمجموعة: "كثير من أبطال قصصه، يستدعى طلعت رضوان رحيق اللحظات الفارقة في حياته، وومضات الشعر من الزمن الضائع، فيستعيد عبر قصصه القصيرة ما أخذته منه الدراسات التاريخية والسياسية والحضارية، حتى تفوح القصص بعبق المشاعر الإنسانية وبدهشة الإنسان أمام مفارقات الوجود في لحظات الكشف عن معنى – أو لا معنى – الحياة بعيدًا عن الأحكام القاطعة والإجابات اليقينية لأسئلة تـُفرّق ولا تـُوحّد أبناء الوطن الواحد أمام مصير مشترك". في البدء كان طلعت رضوان قاصًا، ووُلدتْ عطاءاته الأولى في القصة القصيرة وفى مشروعات رواياته غير المُكتملة أوائل الثمانينيات، مُبشرة بأديب ذى نكهة مُتميزة، لكن الشأن العام والبحث في القضايا الفكرية والسياسية والحضارية زاحما هذا الأديب بشدة، فانساق مع الباحث بدافع من ضمير"ماعت" رمز الحق والحقيقة، ومن إحساس قوى بالمسئولية لكشف الظلم والظلمات عن حضارتنا القديمة التي طمستها عصور الغزو والتصحر الحضارى والتسلط الاستبدادى والتمدد الدينى "الثيوقراطى" الذي طمس ملامح هوية الوطن "مصر"، فاستمر يكتب في هذا السياق داعيًا للعودة إلى هذه الجذور. ومواجهًا لرياح المد الصحراوى المُحمّل بقيم البداوة، وكاشفـًا عما رآه بديكتاتورية نظام يوليو1952 الذي قضى على الديمقراطية، حتى صار كل ذلك قضيته الأولى، وكاد الأديب ينزوى مهمشًا في قوقعة موهبته، حتى ولو أصدر أكثر من مجموعة قصصية جيدة عبر أكثر من ربع قرن مضى. لكن ها هو يستقطر من سنوات العمر الفائتة لحظات طازجة مُتوهجة بصدق الفن وبريق الإبداع، ويصيغها في هذه المجموعة القصصية الجديدة، فيعود بها شابًا بنبض الحيوية الشعورية التي تـُعاند زحف الزمن، لكنها ترشح بمسحة من التأمل الوجودى الهادئ حول مفارقة الحياة، إذْ يُدرك الإنسان – متأخرًا – أنه لم يعش "الحياة الحقيقية"، فيُحاول أنْ يتشبث بآخر خيوطها كما يتشبث الطير بخيوط النهار قبل غروب الشمس، ويُصبح هذا التشبث بالذاكرة الباهتة هو آخر أمل وآخر فرصة للحاق بقطار الحياة الحقيقية قبل أنْ يُغادر محطته الأخيرة، ولمواجهة الوحدة الإنسانية الزاحفة التي تبدو وكأنها حصاد العمر وقدر لا فكاك منه. ويستطرد عز الدين نجيب قائلا: "في هذه المجموعة نرى غير مرة انطباق الدائرة العبثية لأقدار البشر، إذْ يكتشفون، ودائمًا في خريف العمر، أنّ الكون اللانهائى الذي تاهوا في شعابه طوال عمرهم صغير للغاية، هكذا تلتقى – بالصدفة- النفوس التائهة التي سُرق عمرها، وتستيقظ المشاعر المُرهفة مُحمّلة بالعاطفة والحب والحنان والتراحم، وتتشبث بفرصة اللحظات الأخيرة لاستعادة معنى الحياة، لكنها تلتقى على أرصفة لا تـُوصّل لمحطات، وفى عربات مترو أو أتوبيس لا تنتهى لغايات، إنما تنتهى لمزيد من مشاعر الوحدة واكتشاف عبث الوجود، مع تصاعد الشهقات الأخيرة – في ذات الوقت- لحب الحياة. وتأتى الفرص الأخيرة "للحياة من جديد" مُتأخرة كثيرًا وإنْ لم يفتر الشوق إليها، لكن كثيرًا ما يجبن الأبطال عن اقتناصها، وكأنما استلّ منهم عبوس الأيام شجاعة المُبادرة والفعل، فباتوا أسرى التردد والخوف من الحياة، وانتهوا إلى الهروب من تلبية الدعوة الأخيرة منها وإليها، بالرغم من فيض مشاعرهم الدافئة نحوها. وسط غبار الزمن وسطوة النسيان تبقى متوهجة لحظات الحب ووشائج عاطفة قوية بين عاشقيْن تتحدى الزمن والملل والاعتياد والاغتراب، فنراهما في شيخوختهما أكثر إخلاصًا ووفاءً وخوفـًا على بعضهما البعض، وكأنما تلبستهما روح واحدة انقسمتْ في جسديْن، فبات غياب أحدهما غيابًا لروح الآخر، ويسعى أحدهما لبعث الروح في الحبيب كما فعلتْ إيزيس في أوزوريس.. هذا ما ينفى أي شبهة لفكر العدمية واللا معنى في منظور هذه المجموعة، وما يُعيد للحب قيمته وجوهره الأسمى في الوجود. تتغوّل قسوة الواقع على قدرة الإنسان للتعايش مع القبح، حتى أنه يفضل التعايش مع العمى ليحمى نفسه من رؤية العالم القبيح، وقد تبدو هذه رؤية تشاؤمية، وهذا ما نجده في قصتيْن من قصص المجموعة، غير أنّ الأديب هنا يرى أنّ العمى بديل لدى بطليهما عن اليأس والهزيمة، وأنه يُنير البصيرة ويُزيح العتمة المعنوية في واقع كابوسى، ويخلق رؤية افتراضية للحق والجمال، تتحقق بالخيال حين تعجز الرؤية الفيزيقية عن تحقيقها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روح الفراشة لطلعت رضوان تفوح بعبق المشاعر الإنسانية روح الفراشة لطلعت رضوان تفوح بعبق المشاعر الإنسانية



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab