الكوميديان بيبي غريللو بهلوان حكيم ينقذ إيطاليا عن طريق السخرية السياسية
آخر تحديث GMT11:12:07
 العرب اليوم -

الكاتب المسرحي الإيطالي الشهير الحائز على "نوبل" داريو فو:

الكوميديان بيبي غريللو بهلوان حكيم ينقذ إيطاليا عن طريق السخرية السياسية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الكوميديان بيبي غريللو بهلوان حكيم ينقذ إيطاليا عن طريق السخرية السياسية

داريو فو مع بيبي غريللو أثناء الحملة الانتخابية يوم 19 شباط 2013

روما ـ العرب اليوم قام ربع الإيطاليين بالتصويت لصالح الحركة السياسية التي يقودها الكوميديان الإيطالي بيبي غريللو، خلال الانتخابات الإيطالية التي جرت الأسبوع الماضي، فيما وجدت الأوساط السياسية في كل من إيطاليا ومنطقة اليورو نفسها مشغوله بالإجابة عن سؤال يطرح نفسه بشأن ما الذي يجعل من غريللو علامة، في حين وصف الكاتب المسرحي الإيطالي الشهير الحائز على "نوبل" داريو فو غريللو بأنه بهلوان حكيم ينقذ إيطاليا عن طريق السخرية السياسية.
ويجيب عن هذا السؤال داريو فو، 86 عامًا، أبرز كاتب مسرحي في إيطاليا والحاصل على جائزة نوبل بسبب أعماله الانتقادية لحياة القرون الوسطى والحياة المعاصرة في مسرحياته، وأحد أبرز أنصار غريللو، ويقول إن غريللو أشبه بشخصية من شخصياته المسرحية، وإنه خريج مدرسة كوميديا العصور الوسطى، الذي عزف على وتر التناقض واللامعقول.
ولعل أشهر أعمال فو المسرحية هي مسرحية (الموت المفاجئ لأحد دعاة الفوضى)، والتي استوحاها من وفاة أحد الذين كانت تعتقلهم الشرطة الإيطالية العام 1969، كما أنه أحد أبطال الجناح اليساري في إيطاليا. وهو من أنصار غريللو، ويقوم بتأليف كتاب عن حركته السياسية. ويرد غريللو، 64 سنة، على اقتراحه بتعيين فو ليكون الرئيس المقبل لإيطاليا، وهو اقتراح يستبعده فو.
وبعد أن حصل غريللو على 8.7 مليون صوت انتخابي باتت حركة هي أكبر حركة سياسية منفردة تحصل على هذا الكم من الأصوات، الأمر الذي يجعل منه صاحب يدٍ عليا داخل برلمان يفتقد إلى كتلة غالبية.
استطاع غريللو أن يحظى بهذا التأييد من خلال رفض سياسة التقشف التي كان يتبناها رئيس الوزراء التكنوقراطي السابق ماريو مونتي، ومن خلال وصف بيرلسكوني بـ"بائع البصاق"، و"القزم السيكوباتي"، الأمر الذي جعله في نظر الطبقة الوسطى أفضل من يعبر عن حالة اغترابهم عن الطبقة السياسية الإيطالية.
ويقوم الخبراء والمحللون منذ ذلك الحين، بدراسة النماذج السياسية الجديدة في إيطاليا، كما يحاول الصحافيون أيضًا جمع الخيوط كافة التي تفسر هذا اللغز السياسي، وحتى الآن يرفض غريللو عرض الحزب الديموقراطي وهو حزب يسار الوسط الإيطالي للائتلاف معًا داخل البرلمان، لا سيما وأنه يصف زعيم الحزب بيير لويجي بيرساني بأوصاف توحي بأنه غبي ومزعج، ولا يعرف رأسه من قدميه.
ومن وجهة نظر الكاتب المسرحي فو فإن المدخل لفهم شخصية غريللو ليس من منظور إيطاليا في القرن الواحد والعشرين، وإنما من منظور إيطاليا في القرن الثالث عشر، من خلال شخصية الراوية الذي كان يجوب إيطاليا منتقدًا حكام البلاد، وهذه الشخصية من منظور البعض شخصية بهلوانية، إلا أنها في إيطاليا كما يقول فو، معروفة بأنها شخصية تتلاعب بالألفاظ والسخرية والهجاء.
المعروف أن شهرة غريللو ترجع إلى خلطه بين الكوميديا والفضائح السياسية، تمامًا كما كان يفعل الراوية نظيره في العصور الوسطى الإيطالية، الذي كما يقول فو، كان يعرف كيف يخلط بين السيريالية والفانتازيا وتغيير الأوضاع نحو الأفضل، من خلال النطق بالكلمة المناسبة في اللحظة المناسبة، والتمكن من الناس من حوله حتى مع هطول الأمطار والثلوج.
وفي إحدى الحملات الانتخابية وأثناء هطول الأمطار كان غريللو في لاتسيو يطالب الجماهير بالتخلي عن المظلات الواقية من المطر، ويقول إنه يرغب في رؤية وجوههم. والمدهش أن الجماهير امتثلت لطلبه.
ويركز غريللو على شبكة الإنترنت في حملاته بعد أن رفضه تليفزيون الدولة الإيطالي لسبب سخريته من فساد السياسيين الاشتراكيين في إيطاليا خلال فترة الثمانينات.
ويقول فو إن الحظر التليفزيوني يُعَد بمثابة مصدر فخر بالنسبة إليه، ويقول أيضًا إنه لم يتغير شيء في إيطاليا منذ أن قام الإمبراطور فريدريك الثاني بإصدار مرسوم في القرن الثالث عشر يمنع الراوية والبهلوان الإيطالي من ممارسة النقد.
وسبق لداريو فو أن عانى من هذا الحظر التليفزيوني العام 1951 عندما قام بتحوير حكايات وردت في الكتاب المقدس لاستخدامها في السخرية السياسية، تحت تأثير حكم الفاشيست وتأثير الفاتيكان.
ويقول فو إنه في كل مرة يتعرض فيها بالنقد لهولاء الذين لهم نفوذهم على الإعلام كان يتعرض إلى محاولات إسكاته، وهو ما حدث في العام 2004 على يد أنصار بيرلسكوني.
ويعقد فو مقارنة بين هجوم غريللو على أصحاب النفوذ في السلطة السياسية وما كان يقوم به النشطاء الذين كان يعمل معهم خلال فترة الستينات.
ويقول إن الفارق يكمن في أن الفنانين في الماضي لم يحظوا بهذه السطوة داخل السلطة في إيطاليا، كما فعل غريللو بعد أن حصل على 162 مقعدًا داخل البرلمان. والآن بات غريللو يواجه امتحانًا صعبًا على أرض الواقع السياسي.
وقام الآلاف خلال الأسبوع الماضي بمطالبته بتشكيل حكومة قادرة مع بيرساني، الذي يحتاج إلى دعم في مجلس الشيوخ حتى يحقق الغالبية.
ويعلق فو على ذلك بقوله إن ذلك ليس من السهل بعد أن تعامل الحزب الديموقراطي مع غريللو بأسلوب غير محترم، ووصفوه بأنه فاشيستي ومهرج، ولكنه يشجع غريللو على التفاوض، الأمر الذي جعل غريللو وفو يتصدران العناونين السياسية خلال الأسبوع الماضي.
ويحذر داريو فو من أن الفخ الحقيقي الذي ينتظر غريللو هو أن ينخدع بالتزلف والمداهنة وبالمديح والثناء غير الحقيقي.
ومن المرجح بعد أن يجتمع البرلمان الإيطالي الجديد في 15 آذار/ مارس آذار الجاري، أن يقوم الرئيس الإيطالي الحالي جورجيو نابوليتاني بتكليف بيرساني بتشكيل حكومة تكون قادرة على كسب ثقة البرلمان، ولا بد من الانتهاء من ذلك قبل 15 نيسان/ أبريل، وهو الموعد المحدد لقيام البرلمان بانتخاب رئيس جديد لإيطاليا.
أما أبرز السيناريوهات المتوقعة في إيطاليا فهي تتمثل في أن يقوم بيرساني بضم غريللو في حكومة يسار وسط، في إطار برنامج محدود وضيق النطاق يتضمن قانونًا لمكافحة الفساد، إلا أن غريللو يرفض دعم بيرساني في اقتراع بالثقة.
أما السيناريو الثاني فهو أن يقوم يسار الوسط بتشكيل ائتلاف مع بيرلسكوني، وهو سيناريو غير مرجح نظرًا إلى أن يسار الوسط قد استبعد ذلك من قبل.
بينما يتمثل السيناريو الثالث في أن يتم تعيين حكومة تكنوقراط تعمل على إصلاح قانون الانتخابات الذي يتسم بالفوضى، وتقوم بتسيير الأعمال، والإعداد لانتخابات جديدة في حزيران/ يونيو المقبل. 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكوميديان بيبي غريللو بهلوان حكيم ينقذ إيطاليا عن طريق السخرية السياسية الكوميديان بيبي غريللو بهلوان حكيم ينقذ إيطاليا عن طريق السخرية السياسية



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:31 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

شهداء وجرحى في قصف جوي إسرائيلي على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab