في تصعيد غير مسبوق وخطير، شنّت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، ضربة جوية دقيقة استهدفت اجتماعاً لوفد حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، أثناء مناقشته للمقترح الأميركي الأخير بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وأسفرت الضربة عن اغتيال عدد من قيادات الصف الأول في الحركة، بينهم خليل الحية وزاهر جبارين، وفق ما أكّدته مصادر متعددة.
الانفجار وقع تحديداً في حي كتارا الدبلوماسي الراقي، حيث كانت تجتمع قيادة حماس المفاوضة مع وسطاء قطريين ودوليين، لبحث المقترح الأميركي الذي يُعتقد أن واشنطن صاغته بالتنسيق مع القاهرة والدوحة، ويشمل وقفاً لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وتسهيلات إنسانية واسعة لغزة.
ووفق بيان مشترك صدر عن المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي والمتحدث باسم جهاز الأمن العام (الشاباك)، فقد تم تنفيذ الهجوم "بدقة عالية" من خلال سلاح الجو الإسرائيلي، "وبناء على معلومات استخباراتية دقيقة"، وأكد البيان أن "قادة القيادة الذين تم استهدافهم قادوا نشاط منظمة الإرهاب لسنوات، وهم مسؤولون بشكل مباشر عن تنفيذ مذبحة 7 أكتوبر وإدارة الحرب ضد إسرائيل".
وأشار البيان إلى أن "الجيش اتخذ خطوات لتقليل الأضرار على غير المتورطين، بما في ذلك استخدام تسليح دقيق"، في إشارة إلى محاولة تجنب وقوع إصابات بين المدنيين أو في المنشآت القطرية المحيطة.
الاستهداف يأتي بعد أقل من 24 ساعة على تحذيرات نقلتها "رويترز" عن مصادر دبلوماسية، مفادها أن قطر طلبت من قيادة حماس ضرورة قبول العرض الأميركي وعدم تضييع الفرصة. كما أفادت تقارير بأن المقترح الأميركي كان يحمل ضمانة شخصية من الرئيس السابق دونالد ترامب، وأن واشنطن سعت لحشد دعم إقليمي للاتفاق، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة عامين في قطاع غزة.
وتحدثت قناة "حدشوت للوتسنزورا" الإسرائيلية عن أن الضربة قد تكون جزءًا من "فخ استخباراتي" نُصب لقيادات حماس، وأن الولايات المتحدة زودت إسرائيل بمعلومات عن الاجتماع بعد أن تم إرسال عرض تفاوضي "مزيف"، هدفه جمع أكبر عدد من قيادات الحركة في مكان واحد.
هذا الهجوم يُعد الأول من نوعه داخل الأراضي القطرية منذ بداية الحرب، ويُحتمل أن يُحدث صدمة دبلوماسية واسعة، لا سيما أن قطر لطالما لعبت دور الوسيط المحوري بين حماس وإسرائيل، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر.
ولم يصدر بعد أي تعليق رسمي من الحكومة القطرية حول الاستهداف، كما لم تُعرف بعد تفاصيل الخسائر البشرية بشكل كامل، وسط حالة من التعتيم الإعلامي الشديد.
من جانبها، توعدت حركة حماس بالرد، وقالت في بيان مقتضب: "ما جرى هو جريمة اغتيال سياسية ستمتد نيرانها خارج قطر وفلسطين".
يتزامن هذا التطور الخطير مع تصعيد ميداني في مدينة غزة، حيث أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء شاملة لجميع سكان المدينة صباح اليوم، ودعاهم إلى التوجه عبر محور الرشيد إلى منطقة المواصي في جنوب القطاع، تمهيداً لهجوم شامل للسيطرة على المدينة بالكامل.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن مؤخراً عن تدمير 50 برجاً سكنياً في غزة، مشيراً إلى أن ما جرى "مجرد مقدمة" للعملية الأوسع، ومكرراً أن "إسرائيل ستكمل المهمة".
وفي ضوء هذا السياق، يُرجّح أن الهجوم في قطر يأتي ضمن استراتيجية إسرائيلية شاملة لإسقاط قيادة حماس سواء في الداخل أو الخارج، بعد سيطرتها الميدانية على نحو 75% من قطاع غزة.
الضربة في قطر قد تُعقّد جهود الوساطة، وتفتح جبهة دبلوماسية جديدة بين إسرائيل والدول الراعية للوساطة، وعلى رأسها قطر. كما تأتي في وقت حرج، حيث تحذر الأمم المتحدة من مجاعة كارثية في غزة تهدد حياة نصف مليون فلسطيني، بينما لا تزال الجهود الأميركية والقطرية والمصرية تراوح مكانها في التوصل لاتفاق شامل.
وتشير التقديرات إلى أن 20 من أصل 48 رهينة إسرائيلية لا يزالون على قيد الحياة في غزة، بحسب بيانات الجيش الإسرائيلي، في حين تخشى عائلاتهم أن ينعكس التصعيد الأخير سلباً على فرص الإفراج عنهم.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك