واشنطن ـ العرب اليوم
كشف تقرير صحفي جديد عن تفاصيل مثيرة للجدل تتعلق باستخدام رجل الأعمال إيلون ماسك لتقنيات الإخصاب الصناعي وفحص الأجنة الوراثي بهدف إنجاب أطفال يتمتعون بمواصفات بيولوجية وعقلية معينة، في خطوة يرى فيها البعض ملامح لمفهوم "تحسين النسل" بأسلوب عصري. وبحسب تقارير إعلامية موثوقة، فإن ماسك اعتمد خلال السنوات الأخيرة على التلقيح الصناعي (IVF) واختبارات ما قبل الزرع المعروفة باسم الفحص الوراثي للأجنة، لاختيار أجنة خالية من الأمراض الوراثية وربما تتمتع بقدرات ذهنية وبدنية مرتفعة.
ووفقًا لما ذكرته مصادر مطلعة، فإن عدداً من أبناء ماسك، سواء من علاقته مع المغنية الكندية "غرايمز" أو الموظفة التنفيذية في شركة "نيورالينك" شيفون زيليس، وُلدوا عن طريق التلقيح المخبري بعد اختيار دقيق للأجنة. وقد أُشير إلى أن ماسك يُشجّع على استخدام هذه التقنيات ليس فقط لأسباب صحية، وإنما بدافع "إنتاج نسل ذكي" على حد تعبيره، انطلاقًا من قناعته بأن العالم يُعاني من انخفاض معدلات الإنجاب في صفوف "الأشخاص الأذكياء"، مما يُهدّد مستقبل البشرية، حسب ما ورد في عدد من تصريحاته السابقة.
وبالرغم من أن هذه الممارسات تتم ضمن الإطار القانوني لتقنيات الإخصاب والفحص الوراثي، فإن الجدل تصاعد حول الدوافع الفلسفية والعلمية الكامنة وراءها، خصوصًا وأن ماسك لا يخفي اهتمامه برؤية مستقبلية للبشر "أكثر تطورًا"، ولا يخجل من الإفصاح عن رغبته في إنجاب عدد كبير من الأبناء ذوي قدرات عالية من التفكير والإبداع. وقد أشار مراقبون إلى أن هذه الرؤية تعكس تصورًا نخبويًا حول الوراثة والذكاء البشري، يذكّر بمفاهيم "تحسين النسل" التي لطالما أُدينت في التاريخ لأسباب أخلاقية وعلمية.
وقد طرحت صحيفة "واشنطن بوست" وعدة وسائل أخرى تساؤلات حول مدى مشروعية استخدام التكنولوجيا البيولوجية من أجل اختيار صفات الإنسان مسبقًا، مشيرة إلى أن هذه الممارسات قد تقود إلى خلق فجوة أخلاقية واجتماعية بين أولئك الذين يستطيعون الوصول إلى هذه التقنيات، وأولئك الذين لا يملكون القدرة على استخدامها، مما يُهدد بظهور شكل من أشكال "التمييز الجيني". كما نبّه باحثون إلى مخاطر تسليع الإنسان وتحويل صفاته الوراثية إلى مسألة اختيارية تحددها التكنولوجيا والمال.
من جهته، لم يُنكر ماسك اعتماده على هذه التقنيات، بل أعرب في أكثر من مناسبة عن إيمانه بضرورة أن يتكاثر "الأذكياء"، وعبّر عن قلقه العميق من انخفاض نسب الإنجاب بين العلماء والمبتكرين، معتبراً أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تدهور القدرات البشرية على المدى الطويل. وبينما يرى البعض أن ما يقوم به ماسك هو توظيف مشروع للتكنولوجيا المتاحة في سبيل ضمان نسل سليم ومتفوق، يرى آخرون أن الأمر يتجاوز ذلك إلى محاولة لصياغة شكل الإنسان المقبل، وفق معايير يضعها أفراد نافذون، وليس بناءً على تطور طبيعي أو اختيار فردي.
وتبقى هذه القضية مفتوحة على نقاشات واسعة في الأوساط العلمية والأخلاقية والاجتماعية، خاصة مع تطور أدوات التعديل الجيني وتقنيات الذكاء الاصطناعي المرتبطة بالصحة الإنجابية، وما يرافقها من تساؤلات عن حدود التدخل البشري في تشكيل حياة الإنسان من لحظة التكوين.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك