في تقرير مطوّل لصحيفة الغارديان البريطانية، رأت الكاتبة نسرين مالك أن الهجوم الإسرائيلي على إيران، الذي وقع في 15 يونيو/حزيران 2025، ليس مجرد تصعيد عسكري بل محاولة سياسية من حكومة بنيامين نتنياهو لاستعادة مكانتها الدولية بعد الأضرار الجسيمة التي لحقت بسمعتها في حرب غزة.
وأكدت مالك أن المشهد في الشرق الأوسط على مدى العام ونصف الماضيين انقسم بين رؤيتين:
الأولى تعتبر أن الرد الإسرائيلي على هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان انتقامياً مفرطاً شمل إبادة جماعية في غزة، غزو جنوب لبنان، توسعًا في الضفة الغربية، وضربات جوية على سوريا وإيران.
أما الثانية، فترى أن ما يحدث هو انهيار متوقع لتوازن هشّ كان قائماً في المنطقة، في ظل قيادة إسرائيلية تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط دون اعتبار للتبعات.
وأضافت الكاتبة أن الحكومة الإسرائيلية، في سعيها لفرض أجندة داخلية قومية متطرفة، تصرفت بطريقة غير خاضعة للمحاسبة، مدعومة بصك مفتوح من الولايات المتحدة، تحت شعار "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
لكن، بحسب المقال، فإن تجارب الأشهر الماضية أثبتت أن هذا النهج لم يعزز أمن إسرائيل بل زعزعه، وفتح جبهات عدائية متعددة جعلتها هدفًا رئيسيًا لقوى إقليمية مثل إيران، ولوكالات المقاومة مثل حزب الله والحوثيين.
وتقول مالك إن ما تسميه إسرائيل بـ"الدفاع" تحول إلى عامل رئيسي في زعزعة استقرار المنطقة، وأدى إلى تآكل شرعيتها الدولية، خصوصًا بعد مشاهد المجاعة في غزة، والضغط الشعبي المتصاعد في الغرب، الذي أجبر بعض الحكومات على مراجعة مواقفها.
ترى الكاتبة أن فتح جبهة مع إيران يمثل محاولة أخيرة لإسرائيل لإعادة تعريف نفسها كضحية في وجه عدو خارجي، بدلاً من أن تكون دولة تمارس الاعتداء والاحتلال. وتضيف:
"قصف طهران يُبعد الأنظار مؤقتًا عن غزة، ويعيد ضبط الساعة السياسية، من الحديث عن وقف إطلاق النار والمساعدات إلى اللغة القديمة حول أمن إسرائيل وخطر إيران".
وتلفت الكاتبة إلى أن الدول الخليجية التي أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل في إطار "اتفاقات إبراهام"، تجد نفسها اليوم عاجزة عن لعب دور الوسيط الفاعل، في ظل حرج سياسي متزايد وازدواجية المواقف بين التحالف مع إسرائيل والارتباط الجغرافي والسياسي بإيران.
وتخلص الغارديان إلى أن الشرق الأوسط بات رهينة لرؤية إسرائيلية ضيقة تتعامل مع المنطقة كأنها ملك خاص، متجاهلة حقيقة أن هناك شعوباً لها أولوياتها وحقوقها وسيادتها، والتي باتت اليوم تُهدَّد بسبب هذا النهج الأحادي، على حد تعبير الكاتبة.
أما صحيفة وول ستريت جورنال، فنشرت مقالًا للسياسي الأمريكي المخضرم جون بولتون، قال فيه إن الرد الإيراني على عملية "الأسد الصاعد" الإسرائيلية كان "ضعيفًا ومتذبذبًا"، مؤكدًا أن طهران تعاني من انقسامات داخلية كبيرة واستياء شعبي متنامٍ.
يقول بولتون إن النظام الإيراني يمر بمرحلة ضعف غير مسبوقة، وإن غالبية الشعب، خصوصًا من هم دون سن الثلاثين، يطمحون لنظام سياسي مختلف، مشيرًا إلى أن الغارات على المنشآت العسكرية والنفطية الإيرانية فقدت تأثيرها التعبوي، ولم تولّد التفافًا شعبيًا خلف النظام كما كانت تأمل القيادة.
وأضاف أن الفرصة سانحة للولايات المتحدة لدعم المعارضة الإيرانية، وأن ضربات إسرائيل الأخيرة تسببت في "فوضى داخل القيادة"، خصوصًا مع غياب خليفة واضح للمرشد الأعلى علي خامنئي.
وحذر من أن تجاهل اللحظة الحالية قد يُفقد الغرب إمكانية إسقاط النظام الإيراني بوسائل سياسية واقتصادية، دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر.
وفي افتتاحية لصحيفة تشاينا ديلي الرسمية الصينية، أكدت بكين أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي، وقد يؤدي إلى دوامة من الانتقام تهدد بإشعال حرب إقليمية واسعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بكين، عبر مجلس الأمن الدولي، دعت جميع الأطراف إلى ضبط النفس، مؤكدة التزامها بحماية الاستقرار في المنطقة، ودعم إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.
وأضافت أن التعاون الأمريكي-الإسرائيلي في هذا التصعيد قد يجرّ واشنطن إلى حرب شاملة، وهو ما يخدم أهداف تل أبيب السياسية وليس مصالح الولايات المتحدة ولا الاستقرار العالمي.
أرسل تعليقك