غزة ـ العرب اليوم
حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مستويات كارثية، مشيرًا إلى أن ثلث الأُسَر في القطاع المحاصر لا تجد ما تأكله لأيام متتالية، في ظل حصار مستمر منذ شهور، وتراجع كبير في استجابة المجتمع الدولي، فيما لا تزال المفاوضات السياسية الرامية إلى وقف إطلاق النار غارقة في الغموض والتعثر.
وقال البرنامج الأممي، في بيان صدر الخميس، إن تقييماته الميدانية الأخيرة أظهرت أن مئات آلاف العائلات في غزة تمر بأوضاع غذائية "هي الأسوأ منذ بدء الحرب"، مشيرًا إلى أن بعض الأسر تمضي أيامًا دون تناول أي طعام، وأن غالبية سكان القطاع بالكاد ينجحون في تأمين وجبة واحدة يوميًا، لا تحتوي على الحد الأدنى من العناصر الغذائية الأساسية.
وأضاف البيان أن نحو 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم من هم بحاجة عاجلة لتدخلات طبية وغذائية طارئة، فيما يواجه أكثر من نصف مليون شخص خطر المجاعة الكاملة خلال الأسابيع المقبلة، إذا لم تُتخذ إجراءات فورية وجادة لتأمين دخول المساعدات الإنسانية.
وأشار البرنامج إلى أن منظومة الغذاء في غزة "تنهار بالكامل"، حيث تم تدمير أو تعطيل عدد كبير من المخابز والمخازن وسلاسل التوزيع، في وقت تُمنع فيه المساعدات من دخول القطاع منذ مارس الماضي. كما أكّد أن أكثر من 100 ألف طن من الإمدادات الغذائية محتجزة على المعابر دون السماح بإدخالها، ما يزيد من تفاقم الأزمة يومًا بعد آخر.
وفي ظل هذا التدهور، لا تزال المفاوضات السياسية بين إسرائيل وحركة حماس ترزح تحت وطأة الفشل والتعثر، رغم الوساطات المتكررة التي تبذلها دول إقليمية ودولية في مقدمتها مصر وقطر والولايات المتحدة. وكشفت مصادر مطلعة على مسار التفاوض أن آخر جولات المحادثات التي جرت في الدوحة شهدت انسحاب الوفود الإسرائيلية والأمريكية، وسط تبادل الاتهامات بين الأطراف بعدم الجدية والمرونة.
وتطالب حركة حماس بوقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وضمانات دولية بإعادة إعمار غزة ورفع الحصار، فيما تُصرّ إسرائيل على إطلاق سراح كافة أسراها قبل أي اتفاق شامل، وترفض تقديم التزامات واضحة بشأن مستقبل القطاع. وتسبّب هذا التباعد في تعميق أزمة الثقة بين الطرفين، وتعطيل المسار التفاوضي بشكل شبه كامل.
على الأرض، تتواصل معاناة المدنيين في غزة الذين يواجهون خطر المجاعة، إلى جانب انعدام الأمن، والانهيار الكامل للبنية التحتية الصحية والخدمية. وتقول منظمات الإغاثة إن العاملين الإنسانيين أنفسهم يعانون من نقص الغذاء، حيث أُبلغ عن حالات إغماء بين الموظفين بسبب الجوع والإرهاق، بينما يتواصل القصف والاشتباكات في مناطق مختلفة من القطاع.
في المقابل، تتصاعد الدعوات الدولية المطالِبة بوقف فوري للقتال والسماح بدخول المساعدات الإنسانية من دون قيود أو شروط سياسية، حيث عبّرت الأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية الكبرى عن "قلق بالغ" من تفاقم الكارثة في غزة، محذّرين من أن استمرار الحصار وغياب أي أفق للحل السياسي سيؤديان إلى انهيار اجتماعي وصحي شامل، لا يمكن احتواؤه في المستقبل القريب.
ورغم كل هذه التحذيرات، لا تزال الاستجابة الدولية دون مستوى التحدي، حيث يُتهم المجتمع الدولي بالعجز عن فرض وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار، أو تأمين الممرات الإنسانية اللازمة لإنقاذ ملايين المدنيين من الجوع والموت البطيء.
وتبقى غزة في عين العاصفة، بين واقع إنساني قاتم ومفاوضات غارقة في الشكوك والتعطيل، فيما يعلّق أكثر من مليوني فلسطيني آمالهم على تحرّك دولي حقيقي ينقذهم من أسوأ كارثة إنسانية يشهدها القطاع في تاريخه الحديث.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
أرسل تعليقك