تترقب الأوساط السياسية الليبية الإحاطة التي ستقدمها المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم، والتي يتوقع أن تتضمن «خريطة طريق» جديدة تهدف إلى إنهاء المراحل الانتقالية، وتهيئة البلاد لإجراء الانتخابات.
ورغم تحفظ البعثة على كشف تفاصيل هذه الخريطة، فقد انقسمت توقعات الشارع الليبي بشأنها بين متفائل يرى أنها قد تفتح نافذة أمل لإنهاء الجمود السياسي، ومتشائم يعدها حلقة جديدة في سلسلة المبادرات التي قادتها المنظمة الأممية.
وذهب عدد من السياسيين والمراقبين للشأن الليبي إلى أن الخريطة المرتقبة لن تخرج، بشكل أو بآخر، عن النتائج التي أعلنتها البعثة الأممية بناءً على استطلاع رأي إلكتروني أجرته مؤخراً حول 4 مقترحات رئيسية خلصت إليها «اللجنة الاستشارية». وقد شارك في الاستطلاع أكثر من 22 ألف شخص، أيّد 42 في المائة منهم المقترح الأول، الذي ينصّ على «إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة». فيما حصل المقترح الرابع على تأييد 23 في المائة من المشاركين، وينصّ على حلّ المؤسسات القائمة، وعقد منتدى حوار لتشكيل هيئة تنفيذية، واختيار جمعية تأسيسية تُقِرّ دستوراً مؤقتاً وقوانين انتخابية.
وتوقّع عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، أن «تعمل هانا تيتيه على إظهار قدر من التناغم بين ملامح خريطتها ونتائج هذا الاستطلاع، دون العمل على تبني تلك النتائج بشكل كامل، بالنظر للجدل المثار حول المنهجية، وحجم المشاركة بهذا الاستطلاع».
وقال الزرقاء: «نتوقع أن تدعو هانا تيتيه إلى تشكيل لجنة جديدة لتوحيد السلطة التنفيذية؛ وهذا مفتاح أي مسار انتخابي».
المبعوثة الأممية هانا تيتيه (البعثة)
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، والثانية بقيادة أسامة حماد، وهي مُكلفة من البرلمان، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.
وعدّ رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، أسعد زهيو، أن توقيت إعلان نتائج الاستطلاع «يعكس رغبة البعثة في أن تجد تلك النتائج طريقها لخريطة هانا تيتيه»، مشيراً إلى أن «غالبية الحوارات التي أجرتها المبعوثة مع الأحزاب والمجتمع المدني، وشرائح الشباب والنساء، كان الصوت الغالب فيها يدعو للمقترح الرابع، المتمثل في حل المؤسسات القائمة، وفي مقدمتهما مجلسا النواب و(الأعلى للدولة)».
وأوضح زهيو أن المقترح الأول «يعني عملياً مرحلة انتقالية جديدة، تمتد لعامين على الأقل، وليس انتخابات عاجلة، وإنهاء وضعية الجمود وفقاً لصياغة بيان البعثة عن نتائج الاستطلاع». متوقعاً أن «تتبنى هانا تيتيه الدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة، وتشكيل لجنة تضم ممثلين عن المجتمع المدني، وأعضاء من مجلسي النواب والدولة، ولا سيما من لجنة (6+6) ليضطلعوا معاً بمهام حسم خلافات الإطار القانوني للانتخابات، والعمل على تشكيل حكومة موحدة».
في المقابل، استبعد المحلل السياسي الليبي، عبد الحكيم فنوش، أن تدمج المبعوثة الأممية هذه المقترحات الواردة في نتائج الاستطلاع في خريطتها، مرجعاً ذلك إلى «غياب توافق دولي حول الانتخابات نفسها». وأوضح فنوش لـ«الشرق الأوسط» أن الدول الغربية الكبرى «لا تزال منقسمة حول شكل السلطة التنفيذية، التي يفترض أن تخلف حكومة الدبيبة، وكيفية إدارة المرحلة الانتقالية»، وقال موضحاً: «هم يخشون أن تفرز الانتخابات رئيساً لا يحظى بقبولهم، ويُهدد مصالحهم السياسية والاقتصادية في ليبيا، ما يجعل خيار الانتخابات مؤجلاً».
بدوره، شكك عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس، في إمكانية إجراء الانتخابات، بالنظر للانقسام الحكومي الراهن وتداعياته على الوضع الأمني.
وقال إن مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» «لا يعارضان إجراء الانتخابات، لكنها بالأساس غير قابلة للتحقق». مضيفاً أن مناطق واسعة في الشرق والجنوب «تخضع لسيطرة حفتر، ما يجعل أي انتخابات هناك عرضة للتشكيك في نزاهتها، والطعن في نتائجها»، مذكراً بأن انتخابات بلدية «مُنعت سابقاً في تلك المناطق، فيما واجهت العملية الانتخابية في بعض مدن الغرب الليبي عمليات تشويه وعرقلة، وإن كانت محدودة».
وشدد كرموس على أن «إجراء الانتخابات يستلزم توحيد السلطة التنفيذية، وخضوع كل المواطنين من مدنيين وعسكريين لها، وأن تضطلع وزارة الداخلية فيها بتأمين العملية الانتخابية بكامل مراحلها، وهو أمر لم يتحقق بعد».
واختتم كرموس موضحاً أن إجراء انتخابات في ليبيا «يستلزم توقف الدول الغربية المنخرطة في البلاد عملياً ـ على عكس ادعاءاتهاـ عن عرقلة أي مسار يقود لحلول ليبية-ليبية، تفضي إلى توافق خارج إرادتها».
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك