يسود الترقب والقلق مناطق شاسعة من السواحل المطلة على المحيط الهادئ، بعد أن تسبب زلزال عنيف وقع قبالة سواحل شبه جزيرة كامتشاتكا الروسية في موجات تسونامي امتدت إلى سواحل عدد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان، ودفع السلطات إلى إصدار أوامر إجلاء واسعة وتحذيرات من موجات قد تكون مدمّرة.
الزلزال، الذي بلغت قوته 8.8 درجات على مقياس ريختر، وُصف بأنه من بين أقوى الزلازل المسجلة على الإطلاق. ووقع على بعد نحو 126 كيلومترًا من مدينة بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي في منطقة مأهولة بالسكان. وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن مركز الزلزال كان قريبًا نسبيًا من سطح الأرض، حيث سُجل على عمق 18 كيلومترًا فقط، ما زاد من احتمال توليد موجات تسونامي قوية.
في روسيا، أكد وزير الطوارئ في إقليم كامتشاتكا أن موجات تسونامي بلغ ارتفاعها ما بين 3 و4 أمتار ضربت بعض المناطق، وتسببت في أضرار بالموانئ والبنية التحتية، كما جرفت الموجات بعض السفن إلى عرض البحر. وأفادت وكالة "تاس" بأن الموجة الثالثة كانت الأشدّ، وأن سكان المنطقة شعروا بهزات قوية، فيما تُواصل السلطات عمليات الإجلاء في المناطق الساحلية. وحذرت أكاديمية العلوم الروسية من احتمال استمرار الهزات الارتدادية لشهر على الأقل، قد تبلغ شدتها 7.5 درجات.
في اليابان، وصلت أولى موجات التسونامي إلى شمال شرق البلاد، وتحديدًا إلى مدينة نيمورو في جزيرة هوكايدو، حيث بلغ ارتفاعها نحو 30 سنتيمترًا. إلا أن وكالة الأرصاد الجوية اليابانية حذّرت من موجات قد تصل إلى ثلاثة أمتار في الساعات التالية. وقد أُصدرت أوامر بإجلاء ما يقرب من مليوني شخص من مناطق تمتد من شمال البلاد حتى محافظة واكاياما جنوبًا، كإجراء احترازي. وأعلنت شركة طوكيو للطاقة الكهربائية، المشغلة لمحطة فوكوشيما دايتشي النووية، إجلاء العاملين من المحطة دون تسجيل أي مؤشرات غير طبيعية حتى الآن.
وفي الولايات المتحدة، بدأت موجات التسونامي تضرب جزر هاواي، ما دفع السلطات إلى إصدار أوامر إجلاء في بعض المناطق المنخفضة. وأعلن حاكم هاواي، جوش غرين، حالة الطوارئ محذرًا السكان من الاقتراب من الشواطئ، وداعيًا إلى الصعود إلى أماكن مرتفعة. كما وصلت الموجات إلى سواحل شمال كاليفورنيا، وأفادت هيئة الأرصاد الأمريكية بأن تسونامي صغير ضرب منطقتي خليج أرينا ومونتيري، مع توقعات بحدوث تيارات بحرية قوية وخطرة في الساعات المقبلة. كما صدرت تحذيرات في ولايات أوريغون وواشنطن، إضافة إلى ألاسكا، مع بقاء حالة التأهب مرتفعة.
وامتدت التحذيرات إلى دول أخرى مطلة على المحيط الهادئ، من بينها كندا، الإكوادور، بيرو، كولومبيا، إندونيسيا، وتايوان، مع تفاوت في درجات الإنذار وفقًا للموقع الجغرافي وقربه من مركز الزلزال. وفي الصين، تم رفع التحذير في شنغهاي وتشجيانغ، فيما لا تزال تايوان في حالة استنفار.
وقد أثار الزلزال والموجات المصاحبة له ذكريات مأساوية لدى سكان اليابان، حيث لا تزال البلاد تتعافى من تبعات زلزال وتسونامي 2011، الذي أدى إلى كارثة نووية في محطة فوكوشيما. وعلى الرغم من أن الزلزال الحالي أقل شدة من زلزال 2011 الذي بلغ 9.0 درجات، إلا أن قربه النسبي من السطح، وسرعة انتشاره، جعلاه يثير قلق السلطات والخبراء.
وأشارت عالمة الزلازل الأمريكية، لوسي جونز، إلى أن موجات التسونامي الحالية قد تُلحق أضرارًا بالبنية التحتية القريبة من الساحل في هاواي وربما كاليفورنيا، لكنها لا تتوقع أن تسفر عن خسائر كارثية في الأرواح في الأميركيتين. وأوضحت أن ارتفاع الأمواج المتوقع في هاواي قد يصل إلى ثلاثة أمتار، بينما يُتوقع أن تتراوح في كاليفورنيا بين 30 و60 سنتيمترًا.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعا الأمريكيين إلى البقاء في أماكن آمنة، وكتب على منصتي "تروث سوشال" و"إكس": "ابقوا أقوياء وآمنين!". في حين تواصل السلطات المحلية في مختلف الدول جهود الإجلاء والتأهب، وسط تحذيرات من هزات ارتدادية قد تؤدي إلى موجات جديدة.
ويُصنَّف هذا الزلزال كواحد من أقوى الزلازل المسجلة تاريخيًا، ويعادِل في شدته زلزال تشيلي عام 2010 وزلزال الإكوادور عام 1906، ما يثير مخاوف من تأثيرات بيئية واقتصادية قد تمتد لأيام وأسابيع قادمة على امتداد سواحل المحيط الهادئ.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
زلزال بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر يضرب جزيرة لوزون في الفلبين
زلزال بقوة 7.3 درجات يضرب قبالة سواحل ألاسكا وتحذير من تسونامي
أرسل تعليقك