في 31 أغسطس، تحلّ الذكرى السنوية لوفاة الأميرة ديانا، التي فارقت الحياة في حادث مأساوي بالعاصمة الفرنسية باريس عام 1997، عن عمر لم يتجاوز 36 عامًا. هذا الرحيل المفاجئ والمفجع لم يكن مجرد خسارة شخصية للعائلة المالكة البريطانية، بل كان صدمة عالمية لا تزال أصداؤها تتردد في وجدان الشعوب حتى اليوم. جنازتها، التي أقيمت في دير وستمنستر بلندن في 6 سبتمبر من العام نفسه، شكّلت واحدة من أضخم لحظات الحداد في التاريخ الحديث، بعدما تحولت الأميرة من شخصية ملكية محبوبة إلى رمز إنساني خالد.
رغم مرور السنوات، لم تغب ديانا عن الشاشة؛ فقد بقيت سيرتها حاضرة بقوة في الأعمال السينمائية والدرامية، التي حاولت أن تسلط الضوء على حياتها العاطفية والإنسانية، وتعقيداتها داخل المؤسسة الملكية. حضورها في السينما والتلفزيون لم يكن استحضارًا لذكرى، بل ترجمة دائمة لتأثيرها، حيث تحولت إلى مصدر إلهام لصناع الفن حول العالم، ممن رأوا فيها شخصية درامية بامتياز، توازن بين البذخ الملكي والألم الإنساني.
ويأتي في طليعة هذه الأعمال فيلم "Spencer"، الذي شارك ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ73، محققًا إشادات نقدية كبيرة عند عرضه، ليس فقط بسبب معالجته البصرية، بل أيضاً بفضل أداء كريستين ستيوارت الذي أعاد إلى الأذهان روح الأميرة المتألمة، بأسلوب درامي واقعي بعيد عن التنميط. الفيلم من تأليف ستيفن نايت وإخراج بابلو لارين، وبلغت إيراداته 21.7 مليون دولار مقابل ميزانية إنتاج قُدرت بـ15 مليون دولار.
"Spencer" لم يكن سيرة ذاتية تقليدية، بل عمل درامي يتناول ثلاثة أيام حاسمة في حياة الأميرة ديانا، وتحديدًا خلال عطلة عيد الميلاد الأخيرة التي قضتها مع العائلة المالكة قبل قرار الطلاق من الأمير تشارلز. وقد جسّد الفيلم ببراعة تلك الفترة التي شكّلت منعطفًا محورياً في حياتها، حيث بدأت فيها تتخذ خطواتها الأخيرة نحو التحرر من القيود الملكية، متسلحة بإرادتها ومشاعرها وألمها الداخلي. ذات المقاربة استخدمها المخرج بابلو لارين سابقًا في فيلم "جاكي"، الذي تناول حياة جاكلين كينيدي، مركّزًا على الأبعاد النفسية للشخصية أكثر من الجوانب الحدثية.
وقد سبقت فيلم "Spencer" العديد من الأعمال التي حاولت أن ترسم ملامح مختلفة من حياة الأميرة الراحلة. من أوائل تلك الأعمال فيلم "Charles & Diana: A Royal Love Story" الذي صدر عام 1982، بعد عام واحد فقط من زواجها من الأمير تشارلز، وجسدت فيه الممثلة كارولين بليس شخصية ديانا. وركّز العمل على قصة الحب التي جمعت بينهما، ومهدت لدخولهما العائلة الملكية البريطانية.
وفي عام 1992، جاء فيلم "The Women of Windsor" ليعرض قصتها جنبًا إلى جنب مع سارة فيرغسون، زوجة الأمير أندرو، كاشفًا التحديات التي واجهتها السيدتان داخل القصر الملكي. لاحقًا، صدر فيلم "Diana: Her True Story" عام 1993، مستندًا إلى كتاب مثير للجدل بنفس الاسم، تناول بشكل مباشر أزمات ديانا النفسية ومعاناتها العاطفية.
أما عام 1997، فقد شهد عرض فيلم "Princess In Love"، الذي استند إلى رواية تستعرض قصة علاقتها بضابط في الجيش البريطاني، في فترة انفصالها عن الأمير تشارلز، بينما كانت لا تزال على قيد الحياة.
وفي الذكرى العاشرة لوفاتها، قدّمت السينما مجموعة من الأعمال الوثائقية والدرامية، أبرزها "Diana: A Tribute to the People’s Princess"، الذي تناول حياتها كأم، وشغفها بالعمل الإنساني، وصولًا إلى علاقتها بدودي الفايد، ونهاية حياتها التراجيدية. كما صدر فيلم "Diana: Last Days of a Princess" بنفس العام، وهو إنتاج مشترك استخدم لقطات أرشيفية حقيقية، وشهادات من مقربين، إلى جانب مشاهد تمثيلية، لاستعراض الساعات الأخيرة في حياة ديانا قبل الحادث في نفق باريس.
ومن أبرز الأعمال التي تناولت نظرية المؤامرة المحيطة بوفاتها، فيلم "The Murder of Princess Diana"، الذي تخيل تحقيقًا صحفيًا في ملابسات الحادث، وتبنّى وجهة نظر مختلفة حول أسباب الوفاة.
وفي عام 2013، عادت شخصية ديانا إلى الشاشة من خلال فيلم "Diana"، من بطولة نعومي واتس، والذي استند إلى كتاب "ديانا: حبها الأخير"، وركّز على علاقتها بالطبيب حسنات خان، وما واجهته من عزلة بعد الطلاق من الأمير تشارلز، وحتى لحظة وفاتها.
لم تكن هذه الأعمال مجرّد سرد لحياة أميرة انتهت مأساتها مبكرًا، بل كانت محاولات متعددة للاقتراب من شخصية شغلت العالم بإنسانيتها وجرأتها وحضورها الفريد. وفي كل مرة تُستحضر فيها ديانا في فيلم أو مسلسل، تكون المسافة بينها وبين جمهورها أقصر، لأنها بقيت حاضرة كرمز للمرأة القوية والحساسة في آن، التي تحدت مؤسسة عريقة، وتكلمت عن الحب، والضعف، والكرامة بصوت لم يُشبه أحدًا.
وبرغم اختلاف الرؤى والأساليب في تقديمها على الشاشة، فإن الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو أن ديانا لم تكن أميرة إنكلترا فقط، بل كانت "أميرة القلوب" التي لم تغب يوماً عن الذاكرة الجماعية.
قد يهمك أيضــــاً:
الأمير ويليام والأمير هاري يتجنبان الظهور معًا في حفل توزيع جوائز الأميرة ديانا
كيت ميدلتون تعود للظهور الملكي بملامح صارمة ومجوهرات تحمل ذكريات الأميرة ديانا
أرسل تعليقك