نيويورك ـ سناء المرّ
في خطوة غير مسبوقة ومتزامنة، أعلنت كندا وأستراليا وبريطانيا، يوم الأحد، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، ما شكل دفعة دبلوماسية قوية للمساعي الدولية نحو حل الدولتين، وأثار في المقابل ردود فعل غاضبة واستنفاراً واسعاً في إسرائيل، التي توعدت بالرد واتهمت هذه الخطوة بأنها "مكافأة للإرهاب".
وجاء هذا الإعلان قبل يوم من المؤتمر الدولي المرتقب في نيويورك برعاية سعودية-فرنسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمتوقع أن يشهد انضمام مزيد من الدول إلى هذا المسار، وعلى رأسها فرنسا.
رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أكد أن حكومته ترى أن إسرائيل تعمل بشكل ممنهج على منع قيام دولة فلسطينية، بينما أعلن نظيره البريطاني كير ستارمر أن الاعتراف يأتي لإحياء آمال السلام، مؤكداً رفض بلاده لأي دور لحركة حماس في مستقبل فلسطين. الموقف ذاته تبنّته الحكومة الأسترالية، التي شددت على أن حماس منظمة إرهابية لا ينبغي أن يكون لها أي دور في الدولة الفلسطينية الوليدة.
في تطور نوعي، أعلنت الخارجية البريطانية رفع مستوى بعثتها في القدس إلى سفارة، تمهيداً لتبادل السفراء مع دولة فلسطين، في خطوة رمزية لها بعد تاريخي خاص، بالنظر إلى الدور البريطاني في إطلاق وعد بلفور عام 1917.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس رحّب بالاعتراف، واصفاً الخطوة بأنها "هامة نحو سلام دائم"، مؤكداً التزام السلطة الفلسطينية بكافة الإصلاحات والالتزامات المطلوبة. بينما وصف نائب الرئيس حسين الشيخ اليوم بأنه "تاريخي"، معبراً عن شكره العميق للدول الثلاث.
لكن في المقابل، عبّرت إسرائيل عن غضبها الشديد. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر أن إقامة دولة فلسطينية "تعرض وجود إسرائيل للخطر" وتمثل "جائزة عبثية للإرهاب". بينما دعا وزراء في الحكومة اليمينية المتطرفة إلى ردود فعل حازمة، حيث طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فوراً وسحق السلطة الفلسطينية، فيما قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن "أيام تحديد بريطانيا وغيرها لمستقبل إسرائيل قد ولّت"، ملوحاً بخطوات أحادية الجانب.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا العالم إلى عدم الخشية من ردود الفعل الإسرائيلية، مشدداً على أن الاعتراف بفلسطين خطوة ضرورية نحو تحقيق حل الدولتين، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"السياسات التدميرية التي تنتهجها إسرائيل في غزة والضفة الغربية".
الاعتراف الأخير يرفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 150 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة. وتتمتع فلسطين حالياً بصفة "دولة مراقبة دائمة"، ما يسمح لها بالمشاركة في أنشطة المنظمة الدولية دون حق التصويت، وسط مساعٍ متجددة لترسيخ هذا الاعتراف على الأرض في ظل الدعم المتزايد لحل الدولتين الذي تُعيد المبادرة السعودية-الفرنسية إحياءه بعد سنوات من الجمود السياسي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
بين الاعتراف الرمزي والمقعد الكامل الطريق الطويل لفلسطين نحو عضوية الأمم المتحدة
الدعم الإسباني التاريخي للفلسطينيين بين الإرث السياسي والتضامن الشعبي وتصاعد التوتر مع إسرائيل
أرسل تعليقك