بدأت حركة حماس، اليوم الثلاثاء، سلسلة مشاورات داخلية شاملة بين قياداتها السياسية والعسكرية، داخل قطاع غزة وخارجه، بهدف دراسة المقترح الأميركي الذي قدمه الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة، وسط مؤشرات على انخراط إقليمي ودولي واسع لدعم المبادرة.
ويُعقد في العاصمة التركية أنقرة اجتماع يضم وفدًا من قيادة حماس مع مسؤولين أتراك، بحضور ممثلين عن الوساطة القطرية، لبحث تفاصيل المقترح الأمريكي، الذي ينص على وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن خلال 72 ساعة، ونزع سلاح حماس بشكل كامل، وبدء انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع، تمهيدًا لتشكيل سلطة انتقالية برئاسة ترامب نفسه.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لوكالة الأنباء الفرنسية إن النقاشات الداخلية لحماس "بدأت فعلاً لكنها قد تستمر لأيام بسبب تعقيد بنود المقترح وتشعباته"، مؤكداً أن الاجتماع في أنقرة يأتي في سياق هذه المداولات.
من جانبها، قالت الخارجية القطرية إن حماس وعدت بـ"دراسة المقترح بمسؤولية"، وإنها ستواصل التنسيق مع تركيا وشركاء دوليين لتهيئة الظروف أمام حل شامل. وصرح المتحدث باسم الوزارة، ماجد الأنصاري، أن "من المبكر الحديث عن رد نهائي من الحركة، لكننا نرى إشارات إيجابية ونتفائل بإمكانية التوصل إلى تفاهم".
وفي الوقت نفسه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعمه للخطة الأمريكية، لكنه شدد على أن "الجيش الإسرائيلي سيبقى في معظم أراضي قطاع غزة"، مضيفاً أن إسرائيل "لن تقبل بعودة حماس إلى الحكم بأي شكل"، وأنه لم يوافق خلال محادثاته مع ترامب على إقامة دولة فلسطينية.
الخطة التي قدمها ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو في واشنطن، تنص على نزع سلاح حماس بشكل كامل، واستبعادها من أي دور سياسي مستقبلي، مع منح عفو شامل للمقاتلين الذين يلقون السلاح ويلتزمون بـ"العيش السلمي"، كما تنص على نشر "قوة استقرار دولية مؤقتة" خلال المرحلة الانتقالية.
وتتضمن الخطة أيضاً تشكيل سلطة انتقالية يقودها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نفسه، بمشاركة شخصيات دولية بينها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي وصف المبادرة بأنها "جريئة وذكية"، وأشاد بدور ترامب في التوصل إليها.
ورغم موافقته الرسمية على الخطة، أبدى نتنياهو تحفظاً على إشراك السلطة الفلسطينية في أي ترتيبات مقبلة داخل القطاع، بينما ترك ترامب الباب مفتوحاً أمام إمكانية التفاوض لاحقاً بشأن مستقبل الدولة الفلسطينية، مشيراً إلى أن أي حل دائم يجب أن يحقق "الأمن الكامل لإسرائيل".
وفي تسجيل مصور على قناته في تلغرام، قال نتنياهو: "سنعيد جميع رهائننا أحياء، بينما سيبقى الجيش الإسرائيلي في معظم قطاع غزة حتى تحقيق أهدافنا العسكرية كاملة"، مضيفاً أن إسرائيل "لن تسمح لحماس بالمراوغة أو استغلال الهدنة"، محذراً من أن تل أبيب "مستعدة لمواصلة الحرب بمفردها إذا اقتضى الأمر".
وفي تعليقات أكثر حدة، وصف وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش الخطة بأنها "فشل دبلوماسي مدوٍ"، واعتبر أنها "ستنتهي بالدموع"، على حد تعبيره، مدعياً أن أبناء إسرائيل "سيُجبَرون على العودة للقتال في غزة مستقبلاً إذا تم تمرير الخطة".
وفي قطاع غزة، تواصل القصف الإسرائيلي على مناطق متعددة من القطاع، خاصة في مدينة غزة، حيث يشن الجيش الإسرائيلي منذ أسابيع هجمات عنيفة قال إنها استهدفت "أكثر من 160 موقعاً عسكرياً لحماس خلال الساعات الماضية"، بما في ذلك مخازن أسلحة وبنى تحتية.
في المقابل، تسلم عشرات المدنيين طرود مساعدات إنسانية عبر "ممر نتساريم" في منطقة النصيرات وسط القطاع، من مركز توزيع تديره مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل. وتأتي هذه المساعدات ضمن ما وصفته واشنطن بأنه "جزء من جهود تخفيف المعاناة في ظل الترتيبات الانتقالية المقترحة".
وقد توالت ردود الفعل الدولية المرحبة بالخطة الأمريكية، حيث أعلنت مصر وقطر دعمهما لـ"الجهود الصادقة" التي يقودها ترامب بعد محادثات مطولة بينهما وبين واشنطن. كما أعلنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا دعمها الكامل للمقترح، في حين عبّرت الصين وروسيا عن تأييدهما لأي مساعٍ لوقف الحرب.
السلطة الفلسطينية رحبت من جهتها بـ"المبادرة الأمريكية"، معتبرة أنها خطوة في الاتجاه الصحيح، بينما رفضت حركة الجهاد الإسلامي الخطة، ووصفتها بأنها "محاولة أمريكية لفرض أمر واقع جديد يخدم مصالح إسرائيل".
من جانبه، أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمبادرة ترامب، مشيراً إلى أنها "تعكس رغبة صادقة في إنهاء الحرب والمعاناة في غزة"، في حين قالت المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي "مستعد للمساهمة في تنفيذ الخطة"، وشددت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين على ضرورة "وقف فوري للقتال، وتقديم الإغاثة العاجلة لسكان غزة، وضمان الإفراج عن الرهائن".
أما الكرملين، فعبر عن أمله بأن تسهم الخطة الأمريكية في "الوصول إلى تسوية سلمية في الشرق الأوسط"، مؤكداً أن موسكو "تدعم أي جهد جاد لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة".
وفي إسرائيل، تواصلت الاحتجاجات الشعبية في تل أبيب، حيث تظاهر الآلاف مطالبين بإنهاء الحرب وإعادة الرهائن، بالإضافة إلى استقالة حكومة نتنياهو، في اليوم 722 منذ بدء الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
حماس ترفض زيارة توني بلير وتؤكد عدم تلقي مقترحات لوقف اطلاق النار في غزة
قصف إسرائيلي مكثف يوقع قتلى وجرحى في غزة وسط دراسة إسرائيلية لتوفير ممر آمن لخروج قادة حماس
أرسل تعليقك