غزة - كمال اليازجي
تصاعدت التحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة في مدينة غزة بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أمراً بإخلاء شامل لسكان المدينة، في خطوة تهدف إلى التمهيد لعملية عسكرية برية أوسع داخل أكبر مدن القطاع. وطالب الجيش السكان بالتوجه جنوباً عبر محور الرشيد إلى المنطقة الإنسانية المحددة في المواصي، وذلك وسط تكثيف للغارات الجوية على المدينة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا الفلسطينيين إلى مغادرة المدينة، مؤكداً على نية الجيش فرض السيطرة عليها بالكامل. في المقابل، حذرت وزارة الصحة الفلسطينية التابعة لحركة حماس من أن إخلاء المدينة يعرض حياة آلاف المرضى والجرحى للخطر، مطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بتوفير الحماية الفورية للمستشفيات والطواقم الطبية، وفتح ممرات آمنة للوصول إليها في محافظة غزة.
في سياق متصل، أفادت وسائل إعلام مصرية وإسرائيلية بوجود تغير في موقف حركة حماس خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، حيث تراجعت الحركة عن بعض مطالبها السابقة واقتربت من المقترحات التي طرحها الوسطاء، وذلك عقب لقاءات مع مسؤولين مصريين في القاهرة. ويأتي هذا التحول بعد ضغوط مارسها ممثلو سبعة فصائل فلسطينية مقربة من حماس على قيادتها السياسية، بهدف تفادي هجوم عسكري واسع على القطاع، بحسب تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست".
وبحسب الصحيفة، فإن رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية حسن رشاد بعث برسالة حازمة إلى قيادة حماس، مفادها أن القاهرة لن تتسامح مع المزيد من المماطلة، وأن وقف إطلاق النار بات ضرورة ملحة. كما أشار التقرير إلى أن بعض القيادات في الجناح العسكري لحماس، وعلى رأسهم محمد الضيف (الحداد)، لا يزالون مترددين، حيث حذر الحداد من أن كتائب عز الدين القسام سترفض أي اتفاق لا يتضمن جدولاً زمنياً واضحاً وخريطة طريق لإنهاء الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة.
في هذه الأثناء، توقف "أسطول الصمود العالمي"، وهو مبادرة دولية لكسر الحصار عن غزة عبر البحر، بعد اندلاع حريق في السفينة الرئيسية للأسطول قبالة السواحل التونسية. وقال تياغو أفيلا، عضو إدارة الأسطول، إن السفينة "فاميلي" التي كانت ترفع علم البرتغال وتقل اللجنة التوجيهية للأسطول، تعرضت لهجوم محتمل بطائرة مسيرة حارقة، مشيراً إلى أن الحريق اشتعل في سترات النجاة ومساحة التخزين، دون تسجيل إصابات بين من كانوا على متنها.
ونشرت اللجنة الإعلامية للأسطول مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت إنه يوثق لحظة "الاستهداف"، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن الأسطول سيواصل مهمته الإنسانية نحو غزة، رغم الحادث. من جهتها، نفت السلطات التونسية وجود أي عمل عدائي، وأوضحت أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحريق نشب في سترات النجاة على متن السفينة أثناء رسوها على بعد نحو 50 ميلاً من ميناء سيدي بوسعيد، قادمة من إسبانيا، وأن الأبحاث لا تزال جارية دون العثور على دليل على وجود مسيّرات في الموقع.
وفي تطور ثقافي يعكس تصاعد حملة التضامن مع الفلسطينيين، وقع مئات من الفنانين والمخرجين والكتّاب العالميين تعهداً بمقاطعة المؤسسات السينمائية الإسرائيلية، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الممارسات العنصرية والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين". وأطلقت مجموعة تُدعى "عاملون في مجال السينما من أجل فلسطين" هذه المبادرة، التي شملت مقاطعة مهرجانات كبرى مثل مهرجان القدس السينمائي، ومهرجان حيفا الدولي، ودوك أفيف، ومهرجان تل أبيب السينمائي.
ومن بين الموقعين على التعهد أسماء معروفة في عالم الفن، مثل الممثلة البريطانية أوليفيا كولمان، والممثلة تيلدا سوينتون، والممثل الإسباني خافيير بارديم، والمخرج اليوناني يورجوس لانثيموس، والمخرجة الأمريكية أفا دوفيرناي، وغيرهم من نجوم السينما المستقلين والصاعدين. ويأتي هذا التعهد في أعقاب فوز فيلم وثائقي درامي يتناول مقتل الطفلة الغزية هند رجب بجائزة كبرى في مهرجان البندقية السينمائي، ما يعكس تزايد الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية من خلال الفنون والثقافة.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك