أعلن رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني مساء الأربعاء أن ائتلاف "الإعمار والتنمية" الذي يقوده تصدّر نتائج الانتخابات التشريعية، بُعيد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نتائج أولية أظهرت حصده أكبر عدد من الأصوات.وتجمع مئات من مؤيدي السوداني في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، رافعين الأعلام العراقية ومطلقين الألعاب النارية، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.
وعقب إعلان النتائج الأولية، قال السوداني في خطاب بثه التلفزيون "نبارك لكم فوز ائتلافكم بالمرتبة الأولى في انتخابات مجلس النواب".
وأكّد السوداني أن "منهج عمل الائتلاف سيراعي في المرحلة القادمة إرادة كل الناخبين ومصلحة كل أبناء شعبنا، من ضمنهم من اختار المقاطعة، فالعراق للجميع أولاً وأخيراً".
ونشرت مفوضية الانتخابات نسب وأعداد التصويت لانتخابات مجلس النواب العراقي لسنة 2025، ووفقاً للمفوضية فإن نسب التصويت ارتفعت الى 56.11 في المئة.
وأظهرت النتائج الأولية تقدّم اللائحة التي يقودها السوداني، في حين نُشرت نتائج فرز الأصوات لكل محافظة على حدة، على أن يُعلن لاحقاً توزيع المقاعد في البرلمان.
وأوردت المفوضية في أحدث بياناتها أن عدد المصوتين الكلّي ليومَي الاقتراع العام والخاص قد بلغ تقريباً 12,009,453 من أصل 21,404,291 ناخباً، لتتجاوز نسبة التصويت 56 في المئة.
وبهذا تزيد نسبة المشاركة كثيراً عن نسبة 42.15 في المئة التي سجلتها المفوضية في الانتخابات الأخيرة عام 2021، رغم مقاطعة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للانتخابات هذه السنة، وفق المفوضية.
وكان العراقيون قد أدلوا بأصواتهم الثلاثاء لاختيار برلمان جديد، في انتخابات هي السادسة منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام صدام حسين في 2003، وسط استقرار نسبي يشهده العراق الغني بالموارد النفطية بعد عقود من نزاعات نسفت بنيته التحتية.
وعند الساعة 15 بتوقيت غرينتش، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات انتهاء عملية التصويت العام، وإغلاق صناديق الاقتراع في عموم العراق.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي لوكالة الأنباء العراقية، إن "العملية الانتخابية تكللت بالنجاح، ولم نُسجّل أي خروق فنية في عمل المفوضية خلال التصويت العام".
هذا وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الأربعاء، أن "عدد شكاوى يوم الاقتراع الخاص والعام 48 شكوى، فيما أشارت إلى أنه في حال استبعاد أي مرشح فإن أصواته تحجب عنه وعن حزبه"، وفقاً لما نقلت وكالة الأنباء العراقية "واع".
ومن جهته أكد رئيس اللجنة الأمنية العليا للانتخابات، الفريق أول الركن قيس المحمداوي لـ"واع" تجاوز المخالفات المسجلة 132 حالة، وصفها جميعها بغير المؤثرة على النتائج، مضيفاً أنه لم يُسجل أي خرق أمني، كما لم يفرض حظر تجوال أو إغلاق للمطارات والمنافذ، وهو "ما يعكس نجاح الخطة الأمنية والتنظيمية للانتخابات التي تعد من أنجح العمليات الانتخابية في تاريخ البلاد".
يكلف رئيس الجمهورية، الذي سيسميه البرلمان، رئيساً للحكومة بناء على ترشيح "الكتلة النيابية الأكبر عدداً" بحسب الدستور. وهو الممثل الفعلي للسلطة التنفيذية.
وفي ظلّ استحالة وجود غالبية مطلقة، يقوم أي ائتلاف قادر على التفاوض مع الحلفاء لتشكيل أكبر كتلة، بترشيح رئيس الحكومة المقبل.
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005، يكون رئيس الجمهورية كُردياً، وهو منصب رمزيّ بدرجة كبيرة، بينما يكون رئيس الوزراء شيعياً، ورئيس مجلس النواب سنياً، بناء على نظام محاصصة بين القوى السياسية النافذة.
وشهدت تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة عقب الانتخابات في السنوات الماضية الكثير من التعقيدات، واستغرق التوافق حول ذلك أشهراً عدّة.
ووصل السوداني إلى رئاسة الحكومة في 2022 بعد جمود استمرّ أكثر من عام نتيجة خلافات سياسية بين التيار الصدري و"الإطار التنسيقي" المؤلف من أحزاب شيعية موالية لإيران. وكان للإطار التنسيقي أكبر كتلة في البرلمان المنتهية ولايته.
وصرّح سياسي بارز لفرانس برس خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأن "الإطار التنسيقي" منقسم بشأن دعم السوداني لتولّي ولاية ثانية.
ويغيب عن السباق الانتخابي هذا العام الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر الذي يتمتّع بقاعدة شعبية كبيرة.
واعتبر الصدر أن العملية الانتخابية يشوبها "الفساد".
ودعا مناصريه إلى مقاطعة التصويت والترشح، مما قد يُسهم في أن تكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات منخفضة.
وقال صالح محمّد العراقي المعروف بقربه من الصدر، عبر حسابه "وزير القائد"، إن الزعيم الشيعي دعا أنصاره إلى ملازمة منازلهم والتعامل مع يوم الاقتراع على أنه "يوم العائلة وإجازة عن العمل".
وأكّد الصدر في بيان نشره عقب إغلاق مراكز الاقتراع مساء الثلاثاء "على الرغم أننا أمرنا بالمقاطعة... إلا أننا لم نحاول عرقلة العملية الانتخابية، فلسنا طلاب سلطة بل مشروع إنقاذ وطن".
وانتهت الانتخابات الأخيرة التي شهدت أدنى نسبة مشاركة (41 في المئة) في 2021، بفوز الصدر بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان (73 مقعداً)، لكنه انسحب منه جرّاء خلافات مع "الإطار التنسيقي" الذي يضمّ أحزاباً شيعية موالية لإيران، حول تشكيل الحكومة.
وأثارت الأزمة التي استمرت عدة أشهر أعمال عنف دامية.
ووصل السوداني إلى سدّة رئاسة الحكومة في 2022 بعد جمود استمرّ أكثر من عام نتيجة خلافات سياسية بين التيار الصدري و"الإطار التنسيقي" صاحب أكبر كتلة برلمانية حالياً.
ولطالما أشاد بجهود حكومته لإبقاء العراق بمنأى عن الاضطرابات التي شهدها الشرق الأوسط منذ استلامه منصبه.
ورغم خوضها الانتخابات بشكل منفصل، يُتوقّع أن تتّحد الأحزاب الشيعية المنضوية ضمن "الإطار التنسيقي" بعد الاقتراع لتشكيل أكبر كتلة.
في المقابل، تخوض الأحزاب السنية الانتخابات بشكل منفصل، ويُتوقّع أن يحقّق رئيس مجلس النواب السابق السياسي السنّي النافذ محمّد الحلبوسي مكاسب ملحوظة.
وتشمل الانتخابات إقليم كردستان حيث يستمرّ التنافس السياسي التاريخي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
وتزداد حالياً أهمية التوازن الذي يقيمه العراق منذ سنوات في علاقاته مع إيران من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثانية، في ظلّ التغيّرات في موازين القوى الإقليمية منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة عام 2023.
وفي خضم التوترات، حافظ العراق على استقرار نسبي، برغم أن فصائل مسلّحة موالية لطهران تبنّت إطلاق صواريخ ومسيّرات على مواقع تضم قوات أمريكية في سوريا والعراق، بينما قصفت واشنطن أهدافاً لهذه المجموعات في العراق.
وتمارس واشنطن ضغوطاً متزايدة على الحكومة العراقية من أجل نزع سلاح الفصائل الموالية لإيران.
وعيّنت مبعوثاً خاصاً إلى العراق هو مارك سافايا الذي شدد الشهر الماضي على ضرورة أن تكون البلاد "خالية من التدخل الخارجي الخبيث، بما فيه إيران ووكلاؤها".
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، تلقّى حلفاء الجمهورية الإسلامية، مثل حركة حماس وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، ضربات من إسرائيل التي شنّت كذلك حرباً على إيران في يونيو/حزيران طالت منشآت نووية وعسكرية.
كما فقدت طهران حليفاً رئيسياً مع سقوط حكم بشار الأسد في سوريا أواخر العام 2024.
وبعد الخسائر التي منيت بها، تسعى طهران حالياً للابقاء على مكتسباتها في العراق الذي شكّل منفذاً رئيسياً لتوسع دورها الإقليمي بعد الغزو الأمريكي عام 2003 .
قد يهمك أيضــــــــــــــا
السوداني يؤكد رفضه مبدأ "ثنائية السلاح" في العراق
السيسي والسوداني يتناولان جهود الإعداد لـ"قمة بغداد" ووفد من جامعة الدول العربية يزور العراق لمتابعة التحضيرات
أرسل تعليقك