الصين تطمح إلى التحول لقوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي
آخر تحديث GMT05:01:07
 العرب اليوم -

الصين تطمح إلى التحول لقوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الصين تطمح إلى التحول لقوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي

بكين -العرب اليوم

تتبنّى بكين نهجاً في السياسات الصناعية لمساعدة شركات الذكاء الاصطناعي التابعة لها على سد الفجوة بينها وبين نظيراتها في الولايات المتحدة.

عقد من الزمن لسد الفجوة الصناعية

كيف تسدّ السياسات الصناعية الفجوة مع الولايات المتحدة؟ في السنوات الأخيرة، انطلقت الصين في رحلة طموحة لتحويل نفسها إلى قوة عظمى عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. هذه الخطوة ليست تطوراً بين عشية وضحاها، بل هي نتيجة جهد حكومي استمر عقداً من الزمن، متجذراً في تقاليد السياسة الصناعية الصينية الأوسع. ومن خلال الاستفادة من نهج شامل للتكنولوجيا والابتكار، تهدف بكين إلى تضييق الفجوة بين قطاع الذكاء الاصطناعي المحلي والولايات المتحدة، الرائدة عالمياً حالياً، وسدها في نهاية المطاف.

استثمارات وطنية استراتيجية

تعتمد استراتيجية الصين للتفوق في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على تجاربها الناجحة في صناعات استراتيجية أخرى؛ مثل: السيارات الكهربائية، والبطاريات، والألواح الشمسية. كما أن نهج الحكومة متعدد الطبقات ومنهجي؛ ويشمل ضخ مليارات الدولارات في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، ودعم الشركات في بناء قدرات التصنيع المحلية، وضمان الوصول إلى كامل حزمة التكنولوجيا اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي المتطور.

وبينما تواصل شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة؛ مثل: «غوغل»، و«ميتا»، ضخ استثمارات خاصة ضخمة في مراكز البيانات والبنية التحتية للحوسبة، فقد تولت الحكومة الصينية نفسها دوراً رائداً في تمويل وتوجيه نمو نظامها البيئي للذكاء الاصطناعي. ويشمل ذلك بناء وتحديث مراكز البيانات، وشراء خوادم عالية السعة، وتطوير قدرات أشباه الموصلات المحلية.

والهدف واضح: تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، لا سيما في مواجهة الرياح الجيوسياسية المعاكسة وقيود التصدير التي تفرضها واشنطن.

التغلّب على القيود الخارجية

لم تكن الرحلة خالية من العقبات. فمع اتضاح طموحات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي ردّت الولايات المتحدة بإجراءات لتقييد مبيعات الأجهزة المتقدمة، وأبرزها الرقائق عالية الأداء التي تُنتجها «إنفيديا»، الشركة الرائدة في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي.

وهذه الرقاقات ضرورية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق وتشغيل خوارزميات التعلم الآلي المعقدة. ومع ذلك، لم تدع بكين هذه القيود تثنيها عن خططها. وبدلاً من ذلك، ضاعفت دعمها للشركات الصينية، مثل «هواوي»، وشجعتها على إيجاد بدائل محلية لمنتجات «إنفيديا». وعلى الرغم من أن الحكومة الأميركية وافقت أخيراً على مبيعات رقاقة متخصصة للصين فقط (H20)، فإن الاتجاه الأوسع يشير إلى مستقبل تسعى فيه الصين جاهدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي الكامل في أجهزة الذكاء الاصطناعي.

بناء الأسس: المواهب والبحث والبنية التحتية

إحدى الركائز الأساسية لاستراتيجية الصين هي الرعاية المكثفة للمواهب الهندسية والعلمية. وقد موّلت الحكومة شبكة واسعة من مختبرات الأبحاث، يعمل العديد منها عند تقاطع الأوساط الأكاديمية والصناعية والحكومية. وقد أصبحت هذه المختبرات مراكز للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تُنتج أبحاثاً أساسية وتطبيقات عملية على حد سواء. وتشارك شركات التكنولوجيا الكبرى؛ مثل: «علي بابا» و«بايت دانس»، بشكل متكرر في مشاريع مشتركة مع هذه المؤسسات الممولة حكومياً، مما يُسهم في ترجمة الإنجازات المخبرية إلى منتجات وخدمات تجارية.

إلى جانب المواهب، تُشدّد السياسة الصناعية الصينية على أهمية التحكم الكامل في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وهذا لا يعني التركيز على الخوارزميات والبرمجيات فحسب، بل أيضاً على ضمان إمداد محلي قوي بالمكونات الخام للذكاء الاصطناعي الحديث: قوة الحوسبة (من خلال الرقائق والخوادم المتقدمة)، ومجموعات البيانات الضخمة (التي غالباً ما تُجمع بدعم من الدولة)، والبنية التحتية المادية اللازمة لمواكبة القادة العالميين.

عقد من اتساق السياسات

ما يُميّز نهج الصين هو اتساق سياستها الصناعية ونطاقها. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، لم تكتفِ الحكومة المركزية بوضع أهداف طموحة، بل وفّرت أيضاً الموارد اللازمة لتحقيقها بشكل منهجي. فمن دعم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق، والاستثمار المباشر في البحث والتطوير؛ يتسم نهج بكين بالشمولية والتنسيق.

وقد حقّق هذا الالتزام طويل الأمد نتائج ملموسة في مجالات أخرى؛ إذ تُنتج الصين الآن ثلث السلع المصنّعة في العالم، وأصبحت رائدةً عالمياً في الكثير من التقنيات الخضراء. ويُطبّق الآن المزيج نفسه من التوجيه الحكومي والدعم المالي والتنسيق الصناعي بكامل قوته في مجال الذكاء الاصطناعي.

النتائج: تقدم سريع ومنافسة عالمية

تؤكد التطورات الأخيرة فاعلية هذه الاستراتيجية. فبينما كانت الشركات الصينية تعتمد في السابق على المنصات والتقنيات الأميركية، تعمل اليوم شركات؛ مثل: «ديب سيك» (DeepSeek) و«علي بابا» (Alibaba)، على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر تُصنّف من بين الأفضل أداءً في العالم. لقد تحوّل المشهد جذرياً في عام واحد فقط، حيث بدأت الأنظمة الصينية في التنافس المباشر مع تلك المُنتجة في وادي السيليكون وخارجه.

أصبح السباق العالمي لتطوير الذكاء الاصطناعي المتقدم أكثر تنافسية من أي وقت مضى.

وصعود الصين ليس محض صدفة، فبفضل الاستثمارات الحكومية الضخمة والتخطيط الاستراتيجي والتركيز على النظام البيئي التكنولوجي بأكمله؛ تُقلّص بكين الفجوة بسرعة مع الولايات المتحدة. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا المسار سيستمر أم سيواجه عوائق جديدة؛ لكن العالم يشهد منافسة تاريخية ذات آثار عميقة على التكنولوجيا والاقتصاد والجغرافيا السياسية.

قد يهمك أيضــــــــــــــا

 OpenAI تبرم صفقة ضخمة بقيمة 30 مليار دولار سنويًا مع أوراكل لتوسيع قدراتها في الذكاء الاصطناعي

 غوغل تواجه خطر التراجع أمام صعود بيربلكسيتي وتشات جي بي تي

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين تطمح إلى التحول لقوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي الصين تطمح إلى التحول لقوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي



هيفاء وهبي تمزج الأناقة بالرياضة وتحوّل الإطلالات الكاجوال إلى لوحات فنية

بيروت ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - 5 أمثلة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

GMT 09:43 2025 الأحد ,20 تموز / يوليو

ستارمر وأصوات المراهقين

GMT 16:35 2025 الخميس ,17 تموز / يوليو

ميانمار تتعرض لزلزال شدته 3.7 درجة

GMT 18:33 2025 الخميس ,17 تموز / يوليو

ترامب يعتزم إبلاغ 150 دولة بفرض رسوم جمركية 15%
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab