يعتبر الصيام من بين العادات والممارسات القديمة قدم التاريخ في مجموعة من الحضارات، إذ يرتبط عند البعض بممارسة الشعائر الدينية وعند البعض الآخر بتقاليد ثقافية ذات دلالات راسخة.
وأثبت العلم الحديث، عبر مجموعة من الدراسات والتجارب، فائدة الصيام على صحة الفرد ونفسيته على حد سواء. من خلال هذا المقال، ستتعرفين أكثر على فوائد الصوم المثبتة علمياً، وعلى كيفياته الناجعة.
فوائد الصوم:
للصوم عدة فوائد تعود بالنفع على الصحة، والروح والتفكير. فهو يساعد على تحسين قدرة الفكر على الاستيعاب والفهم، مما يجعل الذهن متقداً.
تسريع الاجابة. كما أنه يقوم بتحصين الجسم ضد الجراثيم والأمراض عبر تقوية جهاز المناعة. ليس هذا فحسب، بل إن الصوم يعمل أيضاً على حماية البشرة وإعادة تجديد خلايا الجلد عند الأشخاص الذين يعانون من الاكزيما وحب الشباب.
ويحارب الصيام مرض السكري حيث يساعد الأشخاص على تجنب آثاره السيئة وتفاقماته الوخيمة، كما أنه يبعد شبح الاكتئاب والاضطراب النفسي. وعند الأشخاص المصابين بالسرطان، يساهم الصيام في التقليل من وتيرة نمو وانتشار الخلايا السرطانية. كما يقدم الصوم حلا ً مثالياً للراغبين في التحكم بالشهية وزيادة الوزن.
تريدين خوض التجربة؟ إليك الخطوة الأولى:
سنتحدث عن الصوم الذي يمكنك تجربته خارج نطاق الشعائر الدينية. إذا كنت تودين في الدخول في هذا العالم، عليك أولاً وقبل كل شيء أن تحددي هدفك من الصيام، والمدة الزمنية التي سيستغرقها ، في نظرك، تحقيق هذه الأهداف.
بعد ذلك، تأتي مرحلة الاختبار والاختيار، لتحديد الكيفية المثلى التي تتماشى مع استعداداتك ومؤهلاتك الجسدية، وكذا النتائج التي ترغبين في بلوغها.
فطريقة الصيام التي يمكنك اتباعها لا تعني بالضرورة الامتناع كلياً عن الأكل والشرب، بل إنه يمكن الاستمرار في تناول بعض الأغذية في فترات محددة لضمان سير أنشطتك اليومية بشكل عادي من عمل ورياضة وغيرها.
يجب عليك إذن إيجاد الطريقة التي تجعلك تجنين فوائد الصيام بشكل أفضل.
كيف يمكنك تحديد الطريقة المثلى؟
سنشرح لك في ما يلي مجموعة من الطرق التي أثبتت نجاعتها في تحقيق مجموعة من النتائج المثالية عند العديد من الأشخاص.
تتمثل النصيحة الأولى في عدم التسرع والاقدام على الصوم المتتالي لمدة أسبوعين أو أكثر. ابدئي بصيام فترات متقطعة بشكل متناوب، حتى يتدرب جسدك قبل المرور إلى مدد زمنية طويلة. لكن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات غذائية مثل الشره المرضي أو فقدان الشهية العصبي لا ينصحون بهذا النوع من الصيام.
وقد بين الصوم لفترات متقطعة بشكل متناوب فائدته في الحالات التالية:
خسارة الوزن:
يعتبر هذا النوع من الصيام حلاً يضاهي في نتائجه أسلوب تقييد تناول السعرات الحرارية، في خسارة الوزن بشكل صحي، كما أنه يعمل على حماية القلب، ومحاربة النوع الثاني من مرض السكري. ويسمح هذا النوع من الصوم بأكل كميات قليلة من الأكل، وهو ما يقي من الشعور بالجوع.
التخفيف من آثار الربو:
يشعر المصابون بالربو والذين يعانون من زيادة في الوزن بتحسن ملحوظ إثر اتباعهم لهذا النوع من الصوم.
تأخير الشيخوخة:
أثبتت تجارب مخبرية أجريت على الفئران، على أن هذا النوع من الصيام يقي الدماغ ويعمل بالتالي على تأخير الشيخوخة.
الطرق الأكثر نجاعة للاستفادة من فوائد الصوم:
يقتضي الصوم المتقطع، صيام فترات محددة قصيرة نسبياً، بطريقة منتظمة ومتناوبة، وهو ما يجعل القيام به أمرا ميسراً وممكنا طوال السنة ودون آثار تذكرعلى النشاط اليومي، على عكس الصوم الكلي والمتواصل لعدة أيام.
ومن بين الأساليب الأكثر انتشاراً في العالم لهذا النوع من الصيام، والذي صار يشكل نمط عيش عند الكثيرين، يمكن ذكر الأصناف التالية..
صيام يومين أسبوعياً:
في هذا الأسلوب، يقوم الشخص بالأكل بصفة عادية لمدة 5 أيام، ويخصص يومين للصوم، حيث لا يتناول سوى وجبة خفيفة واحدة لا تتعدى قيمتها 500 كالوري، وذلك خلال اليوم كله.
ويمكن اختيار اليومين اللذين يناسبانك بشكل أفضل، الثلاثاء والجمعة مثلا أو يومين غيرهما.
ولتكوني فكرة عن طبيعة الوجبة التي يمكنك تناولها في يوم صيامك، يمكنك القيام ببحث سريع في الشبكة العنكبوتية. يمكنك مثلا تناول بيضتين وسلطة مرتين في اليوم.
صيام 16 ساعة يومياً:
في هذا النوع من الصيام، يقوم الأفراد بتقليص الحيز الزمني التي يتناول فيه وجباتهم إلى 8 ساعات، ويمتنعون عن الأكل في الثلثين الباقيين من اليوم (16 ساعة).
ويمكنك تناول وجبتين إلى 3 وجبات في الساعات الثمانية المسموح الأكل فيها، وفي الساعات 16 المتبقية، يمكن الاكتفاء بشرب الماء والقهوة والشاي لتجنب الشعور بالجوع.
ويجب عليك الأكل بشكل صحي وبكميات معقولة للحصول على نتائج جيدة، فلا تسرفي في الأكل في الساعات الثمانية خشية الشعور بالجوع، بل اتبعي نظاما غذائيا متوازنا وبكميات متزنة.
وإذا كانت تغذيتك لا تحتوي على الكثير من الكربوهيدرات، ستلاحظين أن هذا النوع من الصيام يلائمك.
صيام يوم أو يومين كاملين كل أسبوع:
تم اعتماد هذه الطريقة من طرف الكندي براد بيلون، وهو اختصاصي في علم التغذية. وتعتمد هذه الطريقة على صيام يوم كامل، من منتصف الليل إلى منتصف ليلة اليوم الموالي. وبصورة مبسطة، يبتدئ الصيام في هذه الحالة منذ نهاية آخر وجبة وينتهي عند بداية الوجبة الموالية، على أن تكون الفاصلة بين الوجبتين 24 ساعة كاملة.
وللحصول على الأهداف المسطرة، تجنبي مضاعفة كمية الأكل في اليوم الموالي، وتناولي وجباتك بصورة اعتيادية.
وتعد هذه الطريقة أكثر صعوبة من سابقتيها، خصوصاً بعد مرور الساعة العشرين من الصيام، لذا ينصح بالابتداء بالطريقة السابقة، أي صيام 16 ساعة يوميا، ثم زيادة الوقت تدريجياً حتى تصلي إلى يوم كامل من الصوم. ولتلافي الشعور بالجوع، تناولي جرعات من الماء من حين لآخر.
صيام يوم وإفطار اليوم الموالي:
بعد التمكن من القيام بالطريقة السابقة، يمكنك تجربة صيام يوم كامل يومين، ولا ننصحك بالبدء بهذه الطريقة منذ البداية، لأنها تحتاجا تدريبا وتوليفا للجسم حتى يتمكن من تحملها.
ولمساعدة الجسم على تحمل الأمر والقيام بالأنشطة الاعتيادية بشكل طبيعي، يمكن تناول بعض الأغذية على ألا تتجاوز كمية السعرات الحرارية اليومية 500 سعرة.
حمية المحارب:
تعتمد حمية المحارب على صيام النهار، ثم تناول وجبة عادية في المساء، حيث يكتفي متتبع هذا النظام بتناول بعض الخضر الطازجة في النهار(حوالي 20 ساعة)، ثم يتناول وجبة متكاملة في نهاية اليوم.
وقد تم اعتماد هذه الطريقة بعد تحليل استجابة الجسم وتفاعله مع الأوقات الصعبة، خصوصاَ في حالة المحاربين الذين لا يكون لديهم الوقت الكافي لتناول الوجبات على طول النهار.
وتمت مقارنة هذه النتائج مع الدراسات التي أجريت حول عادات المحاربين الغذائية في العصور القديمة، ليتم استنتاج هذا النظام في شكله النهائي.ويتم التركيز والتشديد على تناول الخضر على طبيعتها دون طبخ.
الصيام الفجائي:
إذا كنت من النوع الذي لا يخضع حياته لنظام دقيق، وتتنقلين لأوقات مختلفة، بصورة تجعل مواعيد وجباتك غير ثابتة وتتغير من يوم لآخر، فإن الطرق التي أسلفنا ذكرها قد تبدو غير مناسبة أو مستحيلة في نظرك.
تشير بعض الدراسات إلى الجسم في حالته العادية، يستطيع تحمل العيش دون أكل، مكتفيا بالشرب لمدة تقارب 3 أشهر.
إذن يمكن الاستغناء عن وجبة أو وجبتين من يوم لآخر، فمن شأن هذا أن يعطيك نتائج تشجعك. إذا كنت ممن يسافر ويتنقل كثيراً، يمكنك الاستغناء مثلاً عن تناول الوجبات الجاهزة على متن القطار أو الحافلة أو الطائرة، واكتفي بتناول بعض المشروبات لتجنب الإحساس بالجوع.
أيضا، إذا كنت تخططين لتناول عشاء دسم مع الأصدقاء، استغني عن الغذاء واللمجة اللتان تسبقانها.
الوسائل التي تعينك على الانخراط في موكب الصيام:
من بين الوسائل النافعة والناجعة، والتي تعينك على المضي قدماً في الاستفادة من فوائد الصيام، مصاحبة الماء واصطحاب قنينة معك أينما حللت وارتحلت. فإن ارتشاف جرعة واحدة كفيلة بدفع شبح الجوع وإغراء الاستسلام لتناول الأكل.
وهكذا، تدفعين بالجوع خارج نطاق تفكيرك، وتتمكنين من الاستمرار في نشاطك وصيامك بطريقة اعتيادية.
وتتمثل الطريقة الثانية في الحرص على جودة غذائك. لا تتعذري بكثرة المشاغل ولا تجعلي الصيام المفاجئ ذريعة لتناول كل ما يصل إليك من مأكولات. احرصي دوما على اختيار وجباتك بعناية، ولا تجعلي بطنك سلة مهملات تقبل أي طعام تجده، دون حسيب يحرسها ولا رقيب يذود عنها.
أرسل تعليقك