د.أبو الضاد سالم سالم*
التقارير الأخيرة التي تتحدث عن وجود حرب طائفية في سورية هو كلام حق يراد به باطل.
منذ انطلاق الثورة قبل أكثر من واحد وعشرون شهرا، حاول النظام اللعب على الورقة الطائفية ونجح إلى حد بعيد في ذلك وساعدته ظروف داخلية ( تركيبة مكونات الشعب السوري المتعددة ووجود أقليات لم تجد رسائل تطمينية من الأكثرية، وعدم وجود قيادة مركزية للثورة)، وظروف خارجية ( أعطاء اكثر من فرصة للنظام للقضاء على الحراك الثوري ووقوف كل من إيران وحزب الله كمحور شيعي مع وقوف قطر والسعودية كمحور سني فأصبحت الثورة تدار على أنها معركة بين شيعة وسنة وتغذت الروح الطائفية في المجتمع السوري ما أدى إلى تخوف الأقليات).
والأكيد أن النظام هو المسؤول الأول عن إدارة المعركة بهذا المنهج وقد خطط لذلك ونجح، ولكن دول الخليج العربي لعبت دور أكثر من سلبي، وللأسف الآن الاحتقان منتشر داخل المجتمع السوري.
وا ذا نظرنا نظرة أشمل وأوسع سنجد أن المستفيد الأول مما يحدث في سورية هو دولة اسرائيل وهنا لا يجب أن ننسى الدور الأميركي السلبي ، الذي بدل أن يضغط على الأسد كان يضغط على المعارضة رغم علمه بضعف قدرتها التمثيلية على ألأرض وهكذا أصبحت المعارضة منفصلة عن الواقع وأصبح أدائها متذبذب ومرتبط للأسف أما بدول الخليج أو بأميركا.
هدا لا يجعلنا ننسى أو ننكر الدور الروسي الإيراني والذ ي كان له ايضا قدر كبير من التأثير على مسار الثورة.
كل هده الظروف أدت لتسلح فوضوي ولوجود جماعات مسلحة متشددة، ما أصبح يشكل تهديدا حقيقيا للثورة بعد سقوط النظام.
الثورة السورية انطلقت وهدفها كان الحرية والكرامة، والحرية هي احترام الرأي الأخر، أن عدم المشاركة بالثورة ليس جريمة يحاسب عليها القانون، ولا يجب ان نكون مثل الطرف الأخر ( الأسد أو نحرق البلد، أو من ليس معنا فهو ضدنا )، معركتنا ضد نظام مجرم وأتباعه أيا كانوا، المجتمع المدني الذي لم يقف مع الثورة لا يجب اعتباره عدوا،
إذا كنا أغلبية فهدا لا يعطينا الحق أن نلغي رأي الأقلية أو نحاسبهم ( لا يحق لنا أن نطلب من قرية مسيحية أو درزية أن يطردوا الشبيحة المسلحين، وهل استطعنا طرد الشبيحة السنة إلا بعد قتال عنيف ).
ماذا ننتظر من اقليات تم تخويفهم من نظام مجرم وترهيبهم من جماعات مسلحة متطرفة، ا هذه هي سورية التي نبحث عنها.
نحن نريد سورية تتسع لكل السوريين إلا الذ ين شاركوا مع النظام في القتل والتشبيح، لا يجب أن نسمح للنظام باستخدام الورقة الطائفية، الشعب السوري رغم اتساع مكوناته فإن هذا المزيج وجد التعايش منذ آلاف السنين وسيبقى هكذا أن شاء الله.
الثورة السورية متجهة نحو الحسم والانتصار والنظام السوري إلى الزوال، ولكن كثرة الأيادي المتدخلة في هذه الثورة وعدم وجود جسم حقيقي ممثل لها يجعل المخاوف مشروعة بعد سقوط النظام.
نحن نريد بناء دولة مدنية تعددية ديمقراطية مبنية على المواطنة وتتسع لكل مكونات الشعب السوري، فهل سننجح ؟هذا هو السؤال الصعب الذي يجب طرحه وتحقيقه.
*كاتب سورى مقيم في الجزائر.
أرسل تعليقك