سيول ـ د.ب.أ
منح القدر الكثير لنجم كرة القدم البرازيلي السابق رونالدو وأخذ منه الكثير أيضًا.. منحه أولا قدرات بدنية مدهشة ومهارة بالكرة يحسد عليها وعينًا ثاقبة لحل أي موقف مع حراس المنافسين، لكنه بعد ذلك أرسل إليه سلسلة من سوء الحظ أو الكوارث التي أجبرته على العيش في الجانب المرير ليس فقط فيما يتعلق بكرة القدم، لكن أيضا في الحياة بشكل عام.
لذا ففي هذا الإطار كان فوزه ببطولة كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 انتصارًا شخصيًا في المقام الأول.
وأكد المهاجم المعتزل رونالدو البالغ «37 عامًا»، الذي يتمتع حاليا بعضوية اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل: «لم يمض الأمر على هذا النحو ولا في أجمل أحلامي.. كان حلما رائعا عشته، سعادتي كانت غامرة.. استوعبت كل ما حدث بشكل بطيء للغاية».
وعاش رونالدو شهرا من الأحلام في كوريا الجنوبية واليابان.. فلم يكتف مع زملائه بحصد اللقب، بل أيضا توج هدافًا للبطولة برصيد ثمانية أهداف، جاء من بينها هدفان في المباراة النهائية أمام ألمانيا.
وأصبح أول لاعب يتمكن من إحراز كل هذا العدد من الأهداف في بطولة واحدة منذ بطولة 1970 عندما أحرز الألماني جيرد مولر عشرة أهداف.
كما حل الهداف البرازيلي ثانيا في التصويت، الذي أجري قبل المباراة النهائية، لاختيار أفضل لاعب في البطولة خلف الحارس الألماني أوليفر كان، لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» أقر العدالة نهاية العام بمنحه ثالث جائزة له كأفضل لاعب في العالم، وإن كانت الأولى بعد إصاباته ومتاعبه البدنية الأخرى.
وقال «رونالدو»: «انتصاري الأكبر كان العودة إلى كرة القدم وإلى إحراز الأهداف.. الانتصار جاء تتويجًا لمجموعة رائعة صنعناها، لكنه كان تتويجا كذلك لكفاحي من أجل التعافي، أعتقد أننا حتى لو كنا خسرنا أمام ألمانيا، لكنت أحرزت كذلك انتصاري الشخصي».
وكانت حياة رونالدو تغيرت في مباراة نهائية أخرى، في فرنسا عام 1998. فقبل الليلة المنتظرة على ملعب «ستاد دو فرانس» كان كل شيء يؤكد على أمجاد رونالدو، فهو بطل العالم في الولايات المتحدة عام 1994 «رغم أنه لم يشارك ولو لدقيقة واحدة»، وأفضل لاعب في العالم عامي 1996 و1997، وصاحب الكرة الذهبية عام 1997 فضلًا عن جوائز أخرى عديدة.
ولكن خلال الليلة قبل المباراة الكبيرة أمام فرنسا، تعرض رونالدو لحالة من الاضطراب العصبي لم يتم توضيح طبيعتها قط تسببت في عدم تقديمه أي شيء في المباراة النهائية وخسر منتخب بلاده «صفر/3».
واعتبارا من ذلك اليوم بدأ ضوء النجم البرازيلي يخفت، حتى تعرض في نوفمبر عام 1999 خلال مشاركته مع فريقه إنتر ميلان لقطع جزئي في أربطة الركبة اليمنى، وبعد ستة شهور من ذلك، تحولت عودته المظفرة إلى ظلام تام من خلال الإصابة بقطع كامل في نفس المكان.
تلت ذلك 17 شهرا من العلاج الطويل وحده، وعندما جاءت بطولة كأس العالم عام 2002، كان رونالدو قد لعب 16 مباراة فقط مع فريقه طيلة الموسم، وخلال الموسم السابق لم يكن قد لعب شيئا.
وانتقل رونالدو من مكانة في السماء إلى أخرى تحت الأرض.. لذا فإن سعادته بعد المباراة النهائية في يوكوهاما كانت لا توصف.
وتحولت فرنسا 1998 حينها إلى مجرد ذكرى، وقال «رونالدو»: «لم أكن أرغب في تذكر ذلك، حاولت عدم التفكير في مونديال 1998 بفرنسا.. كانت قد مرت أربعة أعوام، واختلفت القصة».
ولكن الإصابات كانت أمرا لا ينسى، فكل مرة كان ينظر فيها إلى ركبته كان يرى الغرز الكبيرة.
وقال «رونالدو»: «انتهى الكابوس.. عدت إلى العدو وإلى إحراز الأهداف، لن أتحدث بالتفصيل عن عامين من المعاناة، بل عن سعادتي بالوجود في الملعب.. مع الفوز أو الخسارة (في المباراة النهائية) انتصاري الأكبر كان العودة إلى اللعب».
وكان أداؤه في البطولة رائعا، لذلك كان هو القائد لمنتخب برازيلي مفعم بالنجوم مثل ريفالدو ورونالدينيو وروبرتو كارلوس وكاكا ودينلسون وكافو.. بقصة شعره الغريبة (حليق الرأس تماما إلا من قليل من الشعر في مقدمة رأسه)، التي طلب منه نجله أن يحلقها بمجرد عودته إلى البلاد، سطّر رونالدو بلعبه نموذجا لما يجب أن يكون عليه المهاجم المتميز.
في الدور الأول، سجل رونالدو في مرمى تركيا «ليفوز 2/1» والصين ليحقق الفوز «4/صفر» وهدفين في مرمى كوستاريكا «ليفوز 5/2» وفي دور الستة عشر سجل من جديد في مرمى بلجيكا «2/ صفر».
وفشل في هز الشباك فقط في مباراة إنجلترا بدور الثمانية «2/1» والتي حالت دون أن يعادل الرقم القياسي لمواطنه جيرزينيو الذي أصبح في بطولة كأس العالم 1970 اللاعب الوحيد الذي يحرز هدفًا على الأقل في جميع المباريات التي يشارك فيها في إحدى بطولات كأس العالم.
وشدد: «لم أكن أفكر في تحطيم أي رقم.. فقط كنت أريد تسجيل الأهداف كي نفوز بالمباريات.. الأمر الرئيسي في ذهني كان تحقيق الرقم القياسي بالفوز بكأس العالم للمرة الخامسة».
وكأعظم لاعبي التاريخ، استدعى رونالدو كل سحره في اللحظات الحاسمة.. في الدور قبل النهائي سجل هدف الفوز على تركيا «1/صفر»، في لعبة رائعة حيث راوغ عددًا من اللاعبين في مساحة صغيرة جدًا قبل أن يطلق تسديدة ماكرة وخادعة لا تصد.
وأبرز: «كان هدفا على طريقة روماريو، إنه أستاذ في تلك التصويبات.. لم أحظ بدروس خاصة معه، لكنه صديق عزيز.. بالنسبة لي أقول إنه كان هدفا مهما جدا، بل إنني قد أقول أيضا إنه هدف جميل».
وباتت المكافأة النهائية في متناوله، لم يعد يتبقى سوى المباراة النهائية.. وهناك رد على طريقة الكبار بهدفين في شباك العملاق أوليفر كان، الرجل الذي يكاد قد حمل وحده تقريبا ألمانيا إلى النهائي.
وتوجت البرازيل بطلة وتم تسوية جميع الحسابات.. وعن ذلك يروي: «لن أقول إننا سددنا دينًا.. ولكننا نزعنا حملا عن كاهلنا، كنا نتحدث مع زملائنا الذين شاركوا في 1998 عن أننا لا يمكننا أن نعيش ما عشناه في ذلك النهائي.. ولكن القدر كان قد كتب علينا الانتظار حتى 2002».
أرسل تعليقك