باريس ـ العرب اليوم
رغم شهرتها العالمية وصورها المتكررة في الذاكرة السياحية، لا تزال فرنسا قادرة على مفاجأة زائريها بتجارب جديدة تتجاوز المعالم التقليدية والمسارات المزدحمة. ففي عام 2026، تفتح البلاد أبوابها لرحلة مختلفة، لا تكتفي بزيارة الوجهات المعروفة، بل تغوص في تفاصيل أكثر هدوءًا وعمقًا، حيث القرى المعلقة، والسواحل الأنيقة، والحدائق الفنية، والجبال التي تجمع بين الجمال والمغامرة، والمدن التي تعرف كيف تمنح الزائر فرصة لإبطاء الزمن والاستمتاع بكل لحظة.
في شمال شرق فرنسا، تبرز منطقة لورين كوجهة غالبًا ما تُهمل في برامج السفر، رغم ما تتمتع به من جاذبية ثقافية ومعمارية معاصرة. ينجذب الزوار عادة إلى المسارات الممتدة على طول نهر السوم، إلا أن المنطقة تخفي كنوزًا أخرى، مثل مركز بومبيدو في مدينة ميتز، وروائع فن الآرت نوفو في نانسي، وساحتها المركزية ذات الطراز النيوكلاسيكي، التي تشكل مكانًا مثاليًا للاستمتاع بأجواء المقاهي في الهواء الطلق.
وعلى الساحل الأطلسي، تقدم مدينة أركاشون صورة للأناقة الساحلية الكلاسيكية، بشاطئها الرملي الذهبي وأحيائها الأربعة التي تحمل أسماء فصول السنة. تشتهر المدينة بمطاعم المأكولات البحرية، خصوصًا المحار المحلي، وتتيح لزوارها الجمع بين الاسترخاء على الشاطئ وركوب الدراجات على طول الساحل، أو زيارة كثيب بيلات، أعلى كثيب رملي في أوروبا، إضافة إلى الرحلات البحرية نحو كاب فيريت بشواطئه ذات رائحة الصنوبر وقراه التقليدية لزراعة المحار.
وفي جنوب غرب فرنسا، تبدو قرية روكامادور وكأنها مشهد خارج من كتاب تاريخ، معلّقة على جرف صخري وتتمتع بتاريخ عريق وموقع جغرافي فريد. إلى جانب سحرها البصري، تشتهر بإنتاج جبن يحمل اسمها، مصنوع في مزارع الماعز المحلية. كما توفر المنطقة أنشطة عائلية متنوعة، من القفز بين الأشجار إلى السباحة البرية في الأنهار المحيطة، ما يجعلها وجهة تجمع بين المتعة والطبيعة.
أما عشاق الجبال والمغامرة، فيجدون ضالتهم في منتزه فانواز الوطني، أقدم متنزه وطني في فرنسا، والذي يمتد على مساحة شاسعة من قمم جبال الألب والوديان والأنهار الجليدية. ورغم شهرة المنطقة بمنتجعات التزلج شتاءً، إلا أن سحرها الحقيقي يظهر صيفًا عبر مئات الكيلومترات من مسارات المشي وفرص مراقبة الحياة البرية، حيث تعيش أكبر مستعمرة للوعل البري في البلاد.
وعلى امتداد الساحل الجنوبي، تقدم منطقتا كوت دازور وبروفانس مشاهد تجمع بين زرقة البحر الداكنة وبساتين الفاكهة والمزارع الخضراء. الرحلة بالقطار البطيء على طول الساحل تكشف عن محطات ساحرة، من المدن الهادئة إلى القرى الجبلية، مرورًا بمدن عريقة ارتبطت بالفن والسينما. هنا يمكن الاستمتاع بأيام الشاطئ، وزيارة متاحف الفن الحديث، والتجول في الحدائق التاريخية والأسواق المفتوحة.
وفي البحر المتوسط، تبرز جزيرة كورسيكا، المعروفة بلقب “جزيرة الجمال”، كوجهة تقاس فيها الرحلات بالزمن لا بالمسافات. تتنوع مناظرها بين الشواطئ الذهبية، والخلجان الفيروزية، والصخور الحمراء، مع طرق ساحلية وجبلية تضفي على الرحلة قدرًا من الإثارة. بعيدًا عن ازدحام شهر أغسطس، تمنح الجزيرة زوارها فرصة مثالية للاسترخاء والاستمتاع بالطبيعة من خلال المشي وركوب الدراجات والتجديف.
وتبقى باريس، رغم كل ما كُتب وقيل عنها، مدينة لا تفقد سحرها أبدًا. شوارعها الواسعة، ومتاحفها الغنية بالروائع، ومشاهدها المتغيرة مع الفصول تجعلها وجهة متجددة في كل زيارة. من التجول على ضفاف نهر السين، إلى الاستمتاع بجمال كنيسة سانت شابيل، وصولًا إلى أجواء الربيع التي تزين الحدائق بأزهار الكرز، تظل العاصمة الفرنسية محطة أساسية لكل من يرغب في اكتشاف فرنسا بروح جديدة.
قــــــــــــــد يهمك أيـــــــــضًا :
صالات تزلج" تتحول إلى ثلاجات للموتى في فرنسا"
إجراءات حكومية لدعم السينما والمسارح في فرنسا
أرسل تعليقك