في الثقافة السياسية الأميركية، يحمل تصريح الرئيس دونالد ترمب بأن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان «ليست مجرد اجتماع، بل إننا نكرّم السعودية وولي العهد» دلالات تتجاوز الصياغات البروتوكولية المألوفة في البيت الأبيض، ويعكس رغبة في إظهار مستوى استثنائي من الاحترام السياسي وتأكيد مكانة الرياض في حسابات واشنطن.
يقول المحلل السياسي السعودي فيصل الشمري إن هذا النوع من التصريحات في السياق الأميركي يحمل إشارة واضحة إلى أن الضيف ليس مجرد شريك سياسي، بل شخصية يُنظر إليها داخل واشنطن باعتبارها فاعلاً مركزياً في الملفات التي تهم الولايات المتحدة.
وأضاف الشمري الذي قضى أكثر من أربعة عقود في الولايات المتحدة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «حين يستخدم رئيس أميركي كلمة honor (وتعني الفخر) بهذا الشكل، فهو يضفي على الزيارة طابعاً احتفالياً يعكس تقديراً شخصياً وسياسياً، ويبعث رسالة للنخبة الأميركية بأن العلاقة مع الضيف تتجاوز التعاملات التقليدية إلى مستوى الشراكة الخاصة».
ومن المنتظر أن يحظى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحفل استقبال ضخم مع فرق موسيقية عسكرية، ويعقد اجتماعاً ثنائياً، في المكتب البيضاوي، وعشاء رسمياً مع بعض من أقوى المسؤولين التنفيذيين في أميركا، وفقاً لقناة «سي إن إن» الأميركية.
من جانبه، يؤكد الدكتور حمدان الشهري، المحلل السياسي السعودي، أن تصريح ترمب يبرز أهمية شخصية ولي العهد المحورية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن ذلك يعد «دليلاً على أهمية السعودية وولي العهد على المستويين الإقليمي والدولي».
وتابع: «التكريم يُظهر أيضاً أن هنالك عملاً كبيراً واتفاقيات عديدة سيتم توقيعها، بما يجعل المملكة نقطة بداية ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط، بل على المستوى العالمي».
تاريخياً، تنظر واشنطن إلى «لغة التكريم» باعتبارها أداة سياسية بقدر ما هي بروتوكولية، فهي تعطي الرئيس مساحة للتعبير عن اصطفافه مع شريك مهم، وتُظهر للجمهور الداخلي أن الإدارة الأميركية تتعامل مع الرياض كقوة إقليمية محورية، لا كدولة تستقبلها في إطار العلاقات الروتينية.
وعن كيفية تلقي السعوديين لهذا التكريم الرفيع من الإدارة الأميركية، يرى فيصل الشمري أن «هذا يندرج في إطار توكيد مكانة ولي العهد في العلاقات مع واشنطن، وإظهار أن الوزن السياسي للمملكة معترف به على أعلى المستويات».
وتابع بقوله: «كما يعزز صورة السعودية كشريك أساسي في الملفات الاقتصادية والأمنية، ويمنح الزيارة بعداً سياسياً يخدم أهدافها في إبراز الثقل الإقليمي والدولي للمملكة».
وبالنظر إلى تاريخ العلاقات السعودية – الأميركية الممتد لأكثر من ثمانية عقود، يتضح أن الرياض عكست الضيافة العربية العريقة عندما استقبلت الرئيس ترمب في أول زيارة خارجية له عام 2017، وذلك عبر مراسم استقبال تتجاوز البروتوكول المعتاد باعثة رسالة واضحة بأن المملكة تقدّر شريكها الاستراتيجي، وتعرف كيف تُظهر هذا التقدير بلغتها الثقافية الخاصة.
وبحسب مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابقة باربرا ليف، فإن الأمير محمد بن سلمان جعل بلاده «من أكثر الدول ديناميكية في الشرق الأوسط من حيث تفكيرها المستقبلي»، وهو «يهيئها لعقود، إن لم يكن لقرن».
وتعطي زيارة ولي العهد للولايات المتحدة التي تتكئ على إرث طويل من الشراكة التي تأسست منذ لقاء الملك عبد العزيز والرئيس روزفلت على متن «يو إس إس كوينسي» عام 1945، بُعداً جديداً لتحالف ظلّ قائماً رغم التحولات الدولية الكبرى.
ويعتقد مسؤولون من البلدين أن لغة التكريم الاستثنائية للأمير محمد بن سلمان تعكس نظرة واشنطن إلى الزيارة بوصفها محطة جديدة في مسار هذا التحالف، في وقت تستعد فيه الدولتان لمرحلة من التعاون تمتد إلى مجالات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة والاستثمار.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
زيارة رسمية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة
البيت الأبيض يعلن عن زيارة مرتقبة للأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن في 18 نوفمبر
أرسل تعليقك