تتجه أنظار العالم اليوم إلى القاهرة، حيث تُفتتح رسمياً أعمال المتحف المصري الكبير، أضخم متحف في العالم مخصص للحضارة المصرية القديمة، بعد تحضيرات مكثفة امتدت لسنوات، في احتفال يشارك فيه 79 وفداً رسمياً من مختلف دول العالم، بينهم 39 وفداً برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات، في مشهد يؤكد المكانة الفريدة لمصر كجسر حضاري بين الماضي المجيد والمستقبل الواعد.
ويشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي مراسم الافتتاح، وسط حضور رفيع المستوى من قادة العالم وممثلي الأسر الحاكمة من عدد من الدول، من بينها بلجيكا وإسبانيا والدنمارك والأردن والبحرين وسلطنة عمان والإمارات والسعودية ولوكسمبورج وموناكو واليابان وتايلاند، إلى جانب رؤساء دول أفريقية وأوروبية وآسيوية، وهو ما يعكس تقدير المجتمع الدولي للحضارة المصرية العريقة والدور الثقافي والإنساني الذي تؤديه مصر على الساحة العالمية.
ويُعد المتحف المصري الكبير صرحاً فريداً من نوعه، إذ يضم نحو 100 ألف قطعة أثرية تمثل سبعة آلاف عام من التاريخ المصري، منها المجموعة الكاملة لمقبرة الملك توت عنخ آمون التي تُعرض للمرة الأولى كاملة منذ اكتشافها على يد عالم المصريات هوارد كارتر، وتشمل القناع الذهبي الشهير والعرش والعربات الحربية ومقتنيات نادرة أخرى تجسد روعة الفن المصري القديم.
واستغرق تنفيذ المشروع أكثر من عشرين عاماً بتكلفة تجاوزت المليار دولار، ليصبح رمزاً عالمياً يجمع بين عبقرية المصري القديم وأحدث تقنيات العرض المتحفي الحديث، ويتوقع أن يستقطب نحو خمسة ملايين زائر سنوياً.
يقع المتحف على مساحة 117 فداناً قرب أهرامات الجيزة، ويمتد بناؤه على مساحة إجمالية تبلغ نحو 500 ألف متر مربع، بتصميم معماري حديث اختير بعد مسابقة دولية فازت بها شركة معمارية أيرلندية عام 2003. ويتميز المبنى بتصميمه المثلثي الذي يوازي خطوط الأهرامات، وبواجهته المكسوة بالحجر الجيري الشفاف والألباستر المصري، وتتوسط مدخله قاعة فسيحة يحتلها تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني بارتفاع 12 متراً ووزن 83 طناً.
يضم المتحف أيضاً الدَّرَج العظيم الذي يحتضن عدداً من التماثيل العملاقة لأشهر ملوك مصر القديمة، والمسلة المعلقة التي تُعد الأولى من نوعها في العالم، بالإضافة إلى قاعات عرض تمتد على مساحة 18 ألف متر مربع، وقاعة خاصة بمراكب الشمس بمساحة 1,400 متر مربع.
كما يحتوي المتحف على مركز ترميم هو الأكبر في الشرق الأوسط، مقام على عمق عشرة أمتار تحت الأرض بمساحة 12,300 متر مربع، مجهز بأحدث التقنيات لحفظ وصيانة الآثار، إلى جانب مخازن تستوعب نحو 50 ألف قطعة أثرية.
بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير عام 1992، ووُضع حجر الأساس للمشروع في عام 2002، لتتوالى بعدها مراحل البناء والتطوير حتى اكتملت بنيته التحتية والرقمية بالكامل خلال السنوات الأخيرة. وفي عام 2023 تم افتتاح “الدرج العظيم” بشكل جزئي، تلاه افتتاح محدود للقاعات الرئيسية عام 2024، وصولاً إلى الافتتاح الكامل هذا العام الذي يشكل تتويجاً لمسيرة عمل امتدت ثلاثة عقود.
ويُعد المتحف المصري الكبير نافذة مفتوحة على الحضارة المصرية الممتدة عبر أكثر من خمسة آلاف عام، إذ يروي قصة الإنسان المصري منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى نهاية العصرين اليوناني والروماني، جامعاً بين عبقرية الماضي وروح الحاضر، ليبقى شاهداً على مكانة مصر الأبدية كمنارة للحضارة الإنسانية ووجهة عالمية للثقافة والفنون.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
شاشات عملاقة تزين الميادين استعداداً لافتتاح المتحف المصري الكبير
السيسي يؤكد أن المتحف الكبير يجسد تواصل عبقرية المصري القديم مع إبداع المصري المعاصر
أرسل تعليقك