كثّفت القوات الإسرائيلية قصفها العنيف والمكثف على مناطق شرق مدينة غزة، حيث استهدفت المدفعية والطيران الحربي والمروحي عدداً من الأحياء والمواقع، أبرزها محيط محور نتساريم وشرق مخيم البريج في وسط القطاع. كما شنت الزوارق الحربية الإسرائيلية قصفاً على المناطق الغربية من مخيم النصيرات. ووفقاً للمعلومات الميدانية، أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 66 فلسطينياً خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، من بينهم 29 مدنياً من طالبي المساعدات، في مشهد يتكرر بشكل شبه يومي وسط دمار واسع في البنى التحتية والأحياء السكنية.
تأتي هذه التطورات العسكرية في وقت كشفت فيه مصادر عسكرية إسرائيلية عن أن الهجوم البري الكبير على مدينة غزة لن يبدأ قبل نهاية شهر أغسطس الجاري، وذلك بسبب ما وصفته بـ "تعقيدات مختلفة" لوجستية وسياسية. وذكرت المصادر، في تصريحات نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن التحضيرات العسكرية للعملية ستستمر حتى فصل الخريف، مع إمكانية بدء "قتال شامل في المناطق الحضرية" في مرحلة لاحقة.
وأوضحت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حدد تاريخ السابع من أكتوبر 2025 كموعد نهائي لانطلاق الهجوم، فيما يحرص رئيس الأركان إيال زمير على منح القوات العاملة في غزة فترات راحة منتظمة، حتى وإن أدى ذلك إلى إطالة أمد العملية إلى ما بين أربعة وستة أشهر، في ضوء ظروف القتال وتعقيداته.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطة العسكرية المعدة لغزة ستكون بطيئة وتدريجية، بهدف زيادة الضغط على حركة حماس، وإفساح المجال أمام الوسطاء الدوليين – وعلى رأسهم الولايات المتحدة وقطر ومصر – لفتح نوافذ جديدة للمفاوضات المتعلقة بالمحتجزين الإسرائيليين لدى الحركة.
وفيما يخص التعبئة العسكرية، أكدت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي لا يعتزم حالياً تعبئة 250 ألف جندي احتياط كما ورد في تقارير سابقة، وذلك بسبب انخفاض معدلات الاستجابة لأوامر الاستدعاء، والتي تراوحت هذا العام بين 60 و70 بالمئة، نتيجة الإرهاق المتراكم والتحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه جنود الاحتياط.
ويواجه الجيش الإسرائيلي قرارات حاسمة بشأن توقيت وعدد أفراد الاحتياط الذين سيتم استدعاؤهم للمشاركة في العملية البرية المرتقبة، وسط إصرار من رئيس الأركان على تجنب شن أي هجمات في المناطق التي يُعتقد أن الرهائن الإسرائيليين محتجزون فيها، حيث يواصل المخططون العسكريون مراجعة الخطط الميدانية ببطء وحذر.
وبحسب المصادر العسكرية، من المنتظر أن يتلقى رئيس الأركان الخطوط العريضة للعملية من قيادة المنطقة الجنوبية بحلول نهاية الأسبوع الجاري، تمهيداً لعرضها على المجلس الوزاري للمصادقة النهائية. وتشمل الخطة التي لا تزال قيد المراجعة إجلاء نحو 800 ألف فلسطيني من شمال مدينة غزة، في واحدة من أكبر عمليات الإخلاء المرتقبة خلال الحرب.
وتلفت التقديرات الإسرائيلية إلى وجود تحديات كبيرة تواجه تنفيذ العملية، أبرزها الضغوط الدبلوماسية المتزايدة من عدد من الدول، إضافة إلى قضايا تتعلق بجاهزية المعدات العسكرية من دبابات وناقلات جند مدرعة ومخزونات الذخيرة، فضلاً عن احتمالات فرض قيود عسكرية من قبل دول حليفة مثل ألمانيا بسبب الأوضاع الإنسانية في القطاع.
وتُعد سلامة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس من أبرز الاعتبارات التي تؤثر في مسار العملية. وتشير المعلومات إلى أن حماس تقوم حالياً بإعادة توزيع المحتجزين على مناطق مختلفة، وتعزيز المواقع التي يُحتمل أنهم يوجدون فيها، ما يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي تنفيذ ضربات جوية أو عمليات برية في تلك المواقع.
في غضون ذلك، تواصلت التنديدات الدولية بالتصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، حيث حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن خطة إسرائيل لاحتلال القطاع بالكامل "مقلقة للغاية" وتعرض مزيداً من الأطفال الفلسطينيين للخطر، في ظل تدهور الوضع الإنساني الحاد في القطاع. وأشارت المنظمة إلى أن المزيد من التصعيد سيؤدي إلى تفاقم معاناة السكان، خاصة مع تفشي سوء التغذية، وانهيار النظام الصحي، ونقص حاد في الأدوية والرعاية الصحية، بما في ذلك خدمات الطوارئ والإنقاذ.
وبينما تتجه الأنظار إلى ما قد تحمله الأسابيع المقبلة من تطورات ميدانية، لا تزال التحذيرات الأممية تتصاعد بشأن الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، مع استمرار القصف اليومي وسقوط المزيد من الضحايا، وغياب أي أفق سياسي أو إنساني واضح لوقف النزيف المتواصل.
قد يهمك أيضــــاً:
غارات عنيفة على صور والبلدات المحيطة بها والجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء إلى 15 بلدة
الجيش الإسرائيلي يحتمي بالقوات الدولية للتوغّل في جنوب لبنان و برّي يكشف جديد المفاوضات
أرسل تعليقك