نشرت محطة البي بي سي التلفزيونية البريطانية تقريراً إخباريا عن إنتهاك السلطات الإسرائيلية لأراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية تمهيداً لمصادرتها من قبل المستوطنين وقالت مراسلة بي بي سي لوسي ويليامسون التي كانت برفقة فريقها " بين بقايا أشجار الزيتون المحطمة التي يمتلكها إبراهيم حمايل، في الضفة الغربية المحتلة، رأينا الرجال الملثمين يقتربون.
كان هناك نحو عشرة مستوطنين، ينزلون من البؤرة الاستيطانية غير القانونية الرابضة فوق مزرعته وعبر الحقل نحونا، يتحركون بسرعة ويحملون عصياً ضخمة.
كان هجوماً مفاجئاً ولم يكن رداً على أي استفزاز.
كان إبراهيم يطلعنا على الأشجار، التي قال إن المستوطنين من البؤرة الاستيطانية قطعوها أشلاءً هذا الأسبوع.
لأجيال، تقوم عائلة إبراهيم بزراعة الزيتون هنا على أراضٍ قريبة من بلدة ترمسعيا، ما يجعلها هدفاً للمستوطنين المتطرفين، الذين يعتقدون أن تدمير الأشجار وقتل المواشي الفلسطينية سيقضي أيضاً على فكرة الدولة الفلسطينية، من خلال إجبار سكان مثل إبراهيم على مغادرة أراضيهم.
"الخوف أمر طبيعي"، قال لي إبراهيم، وهو ينظر إلى التل حيث ترفرف قطعة قماش مشمع على نقطة مراقبة للمستوطنين أمام بضع كرفانات ومنازل مؤقتة. "لكن هناك شيء أقوى من الخوف يدفعني للبقاء هنا – رائحة أجدادي وارتباطي الذي يعود إلى مئات السنين – حتى لو دفعت الثمن من دمي".
عندما يركض الرجال الملثمون نحونا، نتراجع إلى الطريق ونبتعد لمسافة آمنة.
في غضون دقائق، يتجمع بعض جيران إبراهيم من المزارع والقرى المجاورة حاملين المقاليع والحجارة لمواجهة المهاجمين
اشتعلت النيران في النباتات على جانب الطريق، ودخانها يشير إلى موقع المواجهة، بينما يطارد المستوطنون على دراجات رباعية طاقم طوارئ متطوع يحاول الوصول إلى منزل ريفي في وسط الحقل.
أصبح هذا الآن مشهداً مألوفاً. يقول الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه القرى جنوب نابلس إن هناك هجمات ومواجهات على أراضيهم كل أسبوع، وإن المستوطنين يستخدمون هذا النوع من التكتيكات للاستيلاء على الأراضي، حقلاً حقلاً.
لكن سرعة وانتشار هذا الهجوم مذهلان.
في أقل من ساعة، انتشر العشرات من المستوطنين عبر التلال. شاهدناهم وهم يقتحمون مبنى معزولاً، ويشعلون النار بشكل منهجي في السيارات والمنازل.
اندفع الرعاة على الحافة الأبعد للتلال وهم يسوقون قطعانهم بعيداً، بينما اندلعت النيران في التلة خلفهم، وتصاعد الدخان من عدة مواقع.
بحلول ذلك الوقت، وجد الفلسطينيون الذين وصلوا من جميع أنحاء المنطقة لمساعدة جيرانهم أن الطريق الرئيسي مغلق من قبل الجيش الإسرائيلي، بينما استمرت أعمال التدمير.
وأفادت التقارير أن أحد الفلسطينيين تعرض للضرب على يد المستوطنين، وأخبرنا الجيش لاحقاً أن كلا الجانبين تبادلا إلقاء الحجارة على بعضهما البعض، وأن الفلسطينيين أحرقوا الإطارات. وقال إن أربعة مدنيين إسرائيليين تلقوا العلاج الطبي في مكان الحادث.
من بين الحشد الذي كان ينتظر بالقرب من حاجز الجيش، وجدنا رفعة سعيد حميل، التي استبدلت إيماءاتها المضطربة بابتسامة دافئة وعناق عندما تحدثنا إليها.
أخبرتنا رفعة أن زوجها محاصر في منزلهم الريفي بالقرب من مزرعة الزيتون خاصة إبراهيم، ومحاط بالمستوطنين، لكن الجيش لم يسمح لها بالمرور.
وقالت: "يفعل المستوطنون هذا بنا كل يومين – يهاجموننا ويقطعون أشجار الزيتون ويحرقون المزارع. هذه ليست حياة. لا أحد يستطيع إيقافهم. ليس لدينا ما نقاومهم به. لديهم أسلحة، ونحن لا نملك شيئاً".
علمنا لاحقاً أن المستوطنين أحرقوا جزءاً من ممتلكاتهم، وأن زوج رفعة أصيب بجروح في وجهه وساقه بعد أن ضربوه بالحجارة.
تقول منظمة السلام الآن الإسرائيلية، التي تراقب انتشار المستوطنات في الضفة الغربية، إن عدد البؤر الاستيطانية – وعدوان المستوطنين – تضاعف منذ هجمات حماس على إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، وحرب غزة التي تلت ذلك.
وتقول المنظمة إنه منذ بداية عام 2024، ظهرت حوالي 100 مستوطنة في الضفة الغربية. كما وجدت أن المستوطنين استولوا على مئات الكيلومترات المربعة من الأراضي، في السنوات القليلة الماضية، باستخدام نفس نمط الترهيب العنيف - الذي يشجعه، حسبما تقول، دعم الحكومة وعدم تطبيق القانون بشكل سليم من قبل إسرائيل.
في الأسبوع الماضي، أعلن وزير المالية الإسرائيلي، اليميني بتسلئيل سموتريتش، عن إنشاء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في كتلة استيطانية كبيرة في الضفة الغربية جنوباً، قائلاً إن ذلك "سيدفن فكرة الدولة الفلسطينية".
بين 5 و11 أغسطس/آب 2025، وثق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ما لا يقل عن 27 هجوماً، شنها المستوطنون ضد الفلسطينيين وأسفرت عن وقوع إصابات أو أضرار في الممتلكات أو كليهما، في أكثر من عشرين مجتمعاً محلياً مختلفاً.
وقال المكتب إن هذه الهجمات أدت إلى نزوح 18 أسرة.
لم نتمكن من التحدث إلى أي من المستوطنين المتورطين في الهجوم الذي شهدناه. أخبرنا مجلس المستوطنين المحلي أن هناك عناصر من كلا الجانبين تسعى إلى الاستفزاز، وهو ما أدانه بشدة.
أرسل تعليقك