نيويورك ـ العرب اليوم
في تحوّل سياسي اعتبره كثيرون تاريخيًا، تستعد بلجيكا اليوم للإعلان الرسمي عن اعترافها بدولة فلسطين، لتنضم إلى سلسلة من الدول الغربية التي غيّرت موقفها التقليدي في الأيام القليلة الماضية، وفي مقدمتها بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال. وتأتي هذه الاعترافات المتتالية في توقيت حساس، مع اقتراب انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يتوقع أن يكون ملف "حل الدولتين" حاضراً بقوة على طاولة النقاشات الدولية.
وصف السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، هذه التحركات بأنها "لحظات تاريخية"، مؤكدًا أن الموجة الحالية من الاعترافات تمثل دعمًا سياسيًا ومعنويًا بالغ الأهمية للشعب الفلسطيني، خصوصًا بعد عامين من اندلاع الحرب الدامية في قطاع غزة وما تبعها من تدهور إنساني حاد.
إلا أن هذه الخطوة لم تمر بهدوء. فقد عبّرت إسرائيل عن غضبها الشديد من الاعترافات المتوالية، حيث صرّح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في رسالة مصورة وجهها إلى قادة بريطانيا وأستراليا وكندا، بأن "لن تكون هناك دولة فلسطينية"، مؤكدًا أن حكومته لن تسمح بقيام كيان فلسطيني مستقل، معتبراً أن ذلك يشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل. وأضاف أن إسرائيل ستخوض معركة سياسية في أروقة الأمم المتحدة لمواجهة هذه التطورات.
من جانبها، وصفت الولايات المتحدة الموقف الأوروبي الأخير بأنه "استعراضي"، في تعبير عن استيائها من الخطوة، حيث قال متحدث باسم الخارجية الأميركية - لم يتم الكشف عن هويته - إن واشنطن لا تزال ترى أن "التركيز يجب أن ينصب على الدبلوماسية الجادة وحماية أمن إسرائيل"، ما يعكس استمرار الانحياز الأمريكي التقليدي تجاه الموقف الإسرائيلي.
وتزامن هذا الحراك السياسي مع تصعيد عسكري ميداني في قطاع غزة، حيث كثفت إسرائيل هجماتها، ووسّعت عملياتها البرية بهدف السيطرة على مدينة غزة. وتأتي هذه العمليات في ظل اتهامات دولية متزايدة، كان آخرها من لجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة، التي اتهمت إسرائيل الأسبوع الماضي بارتكاب "إبادة جماعية" في القطاع. وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد أعلن رسميًا في أغسطس الماضي حالة المجاعة في غزة، مما زاد الضغوط على المجتمع الدولي للتحرك.
ومن المنتظر أن تشهد القمة التي تعقدها السعودية وفرنسا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تركيزًا كبيرًا على مستقبل "حل الدولتين"، وسط توقعات باعترافات إضافية من دول أخرى بدولة فلسطين، ما قد يزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسيًا، ويضع واشنطن في موقف حرج أمام حلفائها الأوروبيين.
يشار إلى أن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين ارتفع إلى 147 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، منذ أن أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية قيام الدولة في عام 1988. ومع الاعترافات الغربية الأخيرة، يبدو أن الكفة الدبلوماسية تميل أكثر لصالح الفلسطينيين، في مشهد يعكس تحوّلاً متزايداً في الرؤية الدولية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ماكرون يعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في خطاب أمام الأمم المتحدة
الأمم المتحدة تحذر من تدهور الوضع فى قطاع غزة وتطالب بحماية المدنيين الفلسطينيين
أرسل تعليقك