واشنطن ـ العرب اليوم
تكثف الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لإقرار هدنة إنسانية في السودان تمتد ما بين ثلاثة إلى تسعة أشهر، في محاولة لتهيئة الظروف لوقف الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، والتي تسببت في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. ويأتي هذا التحرك في إطار مساعٍ تقودها واشنطن بالتنسيق مع شركائها الإقليميين والدوليين، بهدف تمهيد الطريق أمام تسوية سياسية شاملة تنهي الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
بدأت الاتصالات الدبلوماسية خلال لقاء غير معلن عُقد في سويسرا بين رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان وكبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، حيث تناول اللقاء سبل إحياء مسار السلام وتهيئة المناخ لتفاهمات أوسع تشمل ملفات الأمن والسيادة والعلاقات الإقليمية ومستقبل الحكم في البلاد.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن واشنطن تسعى لإقناع الطرفين بقبول هدنة إنسانية مؤقتة تتيح وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وتفتح الباب أمام ترتيبات ميدانية تشمل فصل القوات ومراقبة الالتزام بالهدنة. وتتضمن الورقة الأميركية المقترحة إنشاء لجنة مشتركة للتنسيق والمتابعة ورصد أي خروقات محتملة، إلى جانب التأكيد على احترام وحدة السودان وسيادته.
ورغم أن الحكومة السودانية لم تعلن موقفاً حاسماً من المبادرة الأميركية، فإنها أبدت ترحيباً حذراً بأي جهد يهدف إلى إنهاء معاناة المدنيين، في وقت تسود فيه مخاوف من أن تؤدي التعقيدات الميدانية والسياسية إلى إبطاء مسار الهدنة. وتشير التقديرات إلى أن القيادة العسكرية السودانية تسعى لاستعادة بعض المناطق الاستراتيجية مثل مدينة "بارا" في شمال كردفان قبل الدخول في أي اتفاق ملزم، فيما لا تزال الأوضاع الميدانية متقلبة بعد خسارة الجيش لمدينة الفاشر في دارفور.
من جانبها، أبدت قوات الدعم السريع تجاوباً أولياً مع المقترح، بينما تجري في واشنطن مباحثات فنية بين وفدين يمثلان الجيش والدعم السريع حول تفاصيل الهدنة المقترحة ومدتها وآليات مراقبتها ودعمها اللوجستي. ويعكف الوسطاء الأميركيون على حشد دعم إقليمي لمساعي التسوية، وسط مؤشرات على تقارب في المواقف داخل "الرباعية الدولية" التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
ويؤكد مراقبون أن التحرك الأميركي يتجاوز فكرة الهدنة المؤقتة، إذ يهدف في جوهره إلى التمهيد لحل تفاوضي شامل ينهي الحرب ويعيد ترتيب المشهد السياسي في السودان. غير أن هذا المسار يواجه معارضة من بعض التيارات الإسلامية التي ترى أن أي تسوية تمنح قوات الدعم السريع دوراً سياسياً مستقبلاً تمثل تجاوزاً لما تصفه بـ"الانتهاكات الكبرى" التي ارتُكبت خلال الحرب.
في المقابل، ترتفع أصوات داخلية أخرى تدعو إلى القبول بوقف القتال باعتباره خطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار، معتبرة أن استمرار الحرب لن يؤدي إلا إلى تعميق المأساة الإنسانية وتفكيك ما تبقى من مؤسسات الدولة.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن واشنطن تراهن على اتفاق هدنة يوقف إطلاق النار فعلياً ويفتح الباب أمام مفاوضات سياسية أوسع، رغم إقرارها بصعوبة الوضع الميداني وتشابك المصالح الداخلية والإقليمية المرتبطة بالأزمة السودانية.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
البرهان يصدر قراراً بإخضاع جميع القوات المساندة للجيش لأحكام قانون القوات المسلحة
الجيش السوداني يصد هجوماً واسعاً لقوات الدعم السريع جنوب غربي الفاشر وواشنطن تندّد بانتهاكات ضد المدنيين
أرسل تعليقك