طهران - مهدي موسوي
تخوض إيران والقوى الأوروبية مفاوضات مكثفة في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في محاولة أخيرة لتفادي إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران، وسط أجواء من الترقب والتوتر بشأن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني. وتأتي هذه التحركات بعد أن أطلقت دول الترويكا الأوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عملية رسمية في 28 أغسطس تستمر لمدة 30 يوماً، تهدف إلى إعادة فرض العقوبات، متهمة إيران بعدم الالتزام ببنود الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
ونقلت وكالات انباء عن مسؤولين إيرانيين ودبلوماسيين غربيين، أن وزراء خارجية الدول الثلاث وإيران سيعقدون اجتماعاً حاسماً، الثلاثاء، لبحث مصير الاتفاق النووي وسبل تجنب العودة إلى العقوبات، في ظل ما وصفه المسؤولون بـ"فرص النجاح الضئيلة". وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن المحادثات تركز على الحصول على خطوات ملموسة من إيران، أبرزها السماح بزيارات تفتيش من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبعض المواقع النووية، وتقديم تقارير خاصة بشأن أنشطتها النووية الحساسة.
وبينما تصر طهران على أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، ترى القوى الأوروبية أن الإجراءات الإيرانية في تخصيب اليورانيوم وعدم التعاون مع مفتشي الوكالة تمثل خرقاً واضحاً للاتفاق النووي، وتستدعي تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات الدولية التي كانت قد رُفعت بعد توقيع الاتفاق.
وقال مسؤول إيراني رفيع المستوى إن إيران أجرت محادثات مباشرة مع مسؤولي الترويكا الأوروبية، وكذلك مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي. وأوضح المسؤول أن طهران طرحت أفكاراً متعددة للنقاش، في محاولة لإنقاذ الاتفاق.
وأكد دبلوماسيان أوروبيان أن الاجتماع المرتقب سيكون حاسماً، لكنهما أشارا إلى أن إيران لم تلبّ حتى الآن الشروط الأساسية التي وضعتها الدول الأوروبية، ما يجعل احتمالات التوصل إلى تفاهم ضئيلة. وأضاف أحد الدبلوماسيين أن الكرة الآن في ملعب إيران، وأن عليها أن تتخذ خطوات عملية وسريعة خلال الأيام القليلة المقبلة إذا أرادت تجنب العقوبات، مشدداً على أن البديل سيكون إعادة فرض العقوبات بالكامل.
في المقابل، حذر نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، من أن طهران لن ترضخ لأي ضغوط أو تهديدات، ودعا الدول الأوروبية إلى اختيار طريق "التعاون بدل المواجهة". وقال عراقجي في تصريحات للتلفزيون الإيراني من نيويورك: "اختبروا إيران مراراً، وأدركوا أننا لا نستجيب للغة الضغط. نأمل التوصل إلى حل دبلوماسي في الأيام المقبلة، وإلا ستتخذ إيران إجراءاتها المناسبة".
وأضاف عراقجي أن وجوده في نيويورك يهدف إلى استغلال الفرصة المتبقية من الوقت لإجراء مشاورات دبلوماسية مكثفة قد تؤدي إلى اتفاق يجنّب التصعيد.
وفي محاولة لفتح نافذة جديدة أمام الحوار، عرضت دول الترويكا الأوروبية تأجيل إعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر، بشرط أن تسمح إيران لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول مواقعها النووية، وأن تعالج بجدية المخاوف بشأن حجم مخزونها من اليورانيوم المخصب، إلى جانب استئناف المحادثات المتوقفة مع الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن تُفرض العقوبات تلقائياً إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق أو تمديد المهلة الحالية بحلول السابع والعشرين من سبتمبر الجاري، وهو ما يعني إعادة جميع العقوبات الأممية السابقة على إيران، والتي تشمل الحظر على الأسلحة، وتجميد الأصول، وقيوداً واسعة على التجارة والاستثمار.
ومع اقتراب هذا الموعد الحاسم، تزداد الضغوط على جميع الأطراف للتوصل إلى صيغة توافقية تمنع انهيار الاتفاق النووي بشكل كامل، وتجنب المنطقة مزيداً من التصعيد السياسي والاقتصادي.
قد يهمك أيضـــــــا
أرسل تعليقك