في وقتٍ تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط ترتيبات دولية حساسة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) عن افتتاح مركز تنسيق مدني-عسكري في إسرائيل، يهدف إلى تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ودعم جهود الاستقرار، وذلك تزامنًا مع تصريحات مثيرة للجدل أطلقها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوّح فيها باستخدام القوة ضد حركة حماس إذا لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن بإمكان واشنطن "إنهاء الأمر بدقيقتين".
جاء إعلان افتتاح مركز التنسيق في بيان رسمي صدر عن القيادة المركزية الأمريكية، يوم الثلاثاء، حيث أكدت فيه أن المركز بدأ عمله فعليًا منذ يوم الجمعة الماضي، بعد خمسة أيام من توقيع قادة دوليين في قمة شرم الشيخ بمصر على خطة بوساطة أمريكية لإنهاء الحرب بشكل دائم بين إسرائيل وحركة حماس.
وأوضحت سنتكوم أن المركز، الذي أُنشئ داخل إسرائيل، يمثل "الإطلاق الرسمي لمركز التنسيق الرئيسي للمساعدات إلى غزة"، وأنه صُمم لدعم جهود إعادة الاستقرار في القطاع دون وجود مباشر للقوات الأمريكية داخله. وأكد البيان أن واشنطن لن تنشر قواتها داخل غزة، بل سيقتصر الدور الأمريكي على التنسيق وتسهيل المساعدات الإنسانية واللوجستية والأمنية من الشركاء الدوليين.
ويعمل في المركز نحو 200 عنصر من القوات الأمريكية المتخصصة في مجالات التخطيط، والنقل، واللوجستيات، والأمن، والهندسة، تحت قيادة الجنرال باتريك فرانك، قائد القوات البرية في القيادة المركزية الأمريكية. وتم تجهيز المركز بقاعة عمليات حديثة لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، إضافة إلى مكاتب وقاعات اجتماعات لتعزيز التنسيق المشترك بين ممثلي الدول والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، الذين من المتوقع أن يندمجوا في عمل المركز خلال الأسبوعين المقبلين.
وقال الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إن جمع الأطراف المعنية التي تتشارك هدف تحقيق استقرار ناجح في غزة "أمر أساسي من أجل انتقال سلمي"، مشيرًا إلى أن ما تم إنشاؤه هو "بنية تحتية حيوية لتمكين الانتقال إلى الحكم المدني في غزة".
بالتزامن مع هذه التطورات، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة واسعة من الجدل والتفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، إثر تصريحاته الحادة بشأن حركة حماس، والتي أدلى بها في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، حيث قال: "وضع حماس، هم أناس عنيفون للغاية، يمكنني القول إننا قادرون على إنهاء هذا الأمر في دقيقتين. نحن نعطيهم فرصة، لقد وافقوا على أن يكونوا جيدين ومستقيمين، وألا يقتلوا أشخاصًا. لكنهم قتلوا أشخاصًا، وهذا لم يكن جزءًا من الاتفاق الذي قمنا به".
وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي في حال خُرق الاتفاق، قائلاً: "إذا لم يحترموا الاتفاق، سيتم التعامل مع الأمر بسرعة كبيرة للغاية، ولا أفضل القيام بذلك، لكنه خيار مطروح".
وفي منشور له على منصته "تروث سوشال"، كشف ترامب عن تلقيه دعمًا من عدد من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مشيرًا إلى أنهم أبدوا "حماسة كبيرة" واستعدادًا للتدخل عسكريًا في غزة لـ"تأديب حماس"، حسب وصفه، إذا استمرت في سلوكها العدائي. لكنه أشار إلى أنه أبلغ هؤلاء الحلفاء بأن الوقت لم يحن بعد لاتخاذ هذه الخطوة.
تصريحات ترامب، التي جاءت بالتوازي مع المساعي الأمريكية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار وتعزيز الاستقرار، أثارت ردود فعل متباينة، إذ اعتبرها البعض تصعيدًا غير مسؤول من شأنه زعزعة المسار السياسي الهش، في حين رأى فيها آخرون ورقة ضغط إضافية لدفع حركة حماس إلى الالتزام الصارم باتفاق التهدئة.
ويأتي هذا كله في وقت بالغ التعقيد، حيث يتابع العالم تطورات ما بعد الحرب في غزة، ويترقّب مستقبل القطاع في ظل ترتيبات سياسية وأمنية دولية واسعة، تهدف إلى إعادة إعماره، وتمكين سلطة مدنية من إدارته، وسط جدل داخلي فلسطيني وإقليمي حول الجهة التي ستتولى الحكم في المرحلة المقبلة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي على رفح إلى 30 فلسطينياً و150 مصاباً
السويد والنرويج تنتقدان إسرائيل بسبب الوضع الإنساني في غزة
أرسل تعليقك