القاهرة ـ العرب اليوم
قبل ما يقرب من ستة عقود، انطلقت تجربة استثنائية في عالم الحُلي العربي من قلب ورش خان الخليلي بالقاهرة، حين اختارت عزة فهمي أن تنقل الزخارف التاريخية والرموز الثقافية من الكتب والمتاحف إلى مجوهرات تُرتدى بروح معاصرة، لتبدأ رحلة أعادت صياغة العلاقة بين التراث والابتكار. ومع انتقال الدار إلى الجيل الثاني، لعبت ابنتاها فاطمة وأمينة غالي دورًا محوريًا في تحويل المشروع من تجربة محلية إلى علامة تحظى بحضور عالمي.
وتكشف أمينة، رئيسة قسم التصميم في الدار، عن رؤيتها في إدارة الإرث الذي أسسته والدتها، مؤكدة أن العلاقة بين التراث والتجديد ليست صراعًا بين قديم وجديد، بل حوارًا مستمرًا يضيف فيه كل جيل بصمته الخاصة. وتقول إن نشأتها في ورشة والدتها جعلت الهوية الثقافية نقطة الانطلاق الطبيعية لأي تصميم، وأن الحكاية، وليس الرسمة الأولى، هي الأصل الذي تبنى عليه كل مجموعة، سواء استلهمت من الشعر أو العمارة أو الزخارف الإسلامية أو القصص الشعبية. وبالنسبة لها، فإن الهدف ليس استنساخ الماضي بل إعادة تفسيره في صياغات تجعل القطعة معاصرة وقابلة للارتداء.
وتوضح أمينة أن ما تعلّمته من والدتها لا يقتصر على تقنيات الصناعة، بل يمتد إلى طريقة النظر إلى العالم، بدءًا من الأقواس في العمارة القديمة، وحتى زخارف السجاد والأنماط الموجودة في الطبيعة، وهي عناصر تتحول في يد المصمم إلى خطوط معدنية وأحجار وأحجام مدروسة. وعلى الرغم من التطور الهائل في تقنيات الصناعة، تظل الحرفة اليدوية جوهر هوية الدار، حيث يجري تدريب الحرفيين باستمرار على الجمع بين الأساليب التقليدية والتقنيات الحديثة دون فقدان البصمة الإنسانية التي تميّز القطع اليدوية.
وفي تصميماتها الخاصة، تميل أمينة إلى الدمج بين الفن والهندسة، وهو ما يظهر في مجموعات مستوحاة من العمارة المملوكية، حيث تُترجم الأقواس والأنماط الهندسية إلى تفاصيل معدنية دقيقة. أما في مجموعات المجوهرات الراقية، فتبدأ عملية التصميم من الحجر نفسه، إذ ترى أن الحجر الاستثنائي يفرض على المصمم احترام طبيعته بدلاً من فرض شكل محدد عليه.
ومن بين اللحظات التي تعتبرها مؤثرة في مسيرة الدار، ظهور النجمة الأمريكية ليدي غاغا وهي ترتدي طوق "Lotus Pectoral"، واختيار بيلا حديد بعض القطع الراقية، وظهور كيت هدسون بأقراط مرصعة بالزمرد من مجموعة "Tales of the Nile". وتشير أمينة إلى أن قيمة هذه اللحظات لا تكمن في الشهرة بحد ذاتها، بل في أن تختار شخصية عالمية قطعة لأنها تشعر بارتباط بقصتها.
وعن الشخصيات التي تتمنى التعاون معها مستقبلًا، تذكر أسماء مثل آن هاثاواي وزندايا وكيت بلانشيت، وترى أن ما يجمعهن هو الحضور القوي والقدرة على التعبير بأسلوب شخصي. وتشير إلى أن عالم المجوهرات لا يخضع لدورات الموضة التقليدية، رغم ملاحظة ميل متزايد نحو القطع الجريئة وتكديس المجوهرات، إلى جانب صعود الألوان الباستيلية. وتؤكد أن تنسيق المجوهرات الجريئة لا يتعلق بالقواعد بقدر ما يرتبط بالعلاقة الشخصية مع القطعة، فالأكثر قوة هو ما يشعر به الشخص كامتداد لذاته.
وتختم أمينة بالتأكيد على رغبتها في توسيع حضور الدار عالميًا مع الحفاظ على أصالتها وروحها الأولى، مشددة على أن الحرفة اليدوية ستظل في صميم كل ما تقدمه الدار، وأن هدفها هو إيصال القصص التي تحملها القطع إلى جمهور جديد مع الحفاظ على جوهر الهوية التي بدأت في خان الخليلي قبل عشرات السنين.
وقد يهمك أيضا:
برق ورعد يُجبران ليدي غاغا على إنهاء حفلها في ميامي
ليدي غاغا طلبت من الراحل توني بينيت رسمه لتتذكره بصورة دائمة
أرسل تعليقك