كشفت شبكة «بي بي سي البريطانية» عن تصاعد حالة من التوتر بين النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور ومدرب ريال مدريد تشابي ألونسو، بعد المشهد الغاضب الذي أبداه اللاعب خلال كلاسيكو أكتوبر (تشرين الأول) أمام برشلونة، حين عبّر بوضوح عن امتعاضه عند استبداله في الدقيقة الـ72 من المباراة التي انتهت بفوز فريقه 2 - 1.
ورغم تأكيد مقربين من اللاعب أن تصرفه لا يعكس تمرداً أو رغبة فورية في الرحيل، فإن ما حدث كشف عن شرخٍ متنامٍ في العلاقة بين الطرفين يحتاج إلى إدارة هادئة لتفادي تصعيده خلال المرحلة المقبلة.
فقدان الشعور بالمكانة
حسب التقرير، لم تكن عبارة فينيسيوس «سأغادر هذا الفريق»، التي التقطتها الكاميرات أثناء خروجه من الملعب، فكرة عابرة. فقد راودته منذ نهاية فترة الانتقالات الصيفية الماضية، حين شعر بأن موقعه في الفريق لم يعد مضموناً كما كان في عهد المدرب السابق كارلو أنشيلوتي.
ففي تلك الفترة، كان يتمتع بحرية مطلقة في التحرك والإبداع، وكان محوراً رئيسياً لهجوم ريال مدريد. أما مع تشابي ألونسو، فالأجواء أكثر انضباطاً وصرامة؛ إذ يسعى المدرب الباسكي إلى فرض نظام تكتيكي منضبط قائم على الالتزام بالمراكز وتوزيع المسؤوليات؛ ما جعل بعض اللاعبين، وعلى رأسهم فينيسيوس، يجدون صعوبة في التأقلم مع القيود الجديدة التي تحد من عفويتهم داخل الملعب.
اختلاف في الأسلوب وفجوة إنسانية
تؤكد «بي بي سي» أن العلاقة بين الطرفين شهدت توترات متكررة خلال الأسابيع الماضية، أبرزها قبل نصف نهائي كأس العالم للأندية يوليو (تموز) أمام باريس سان جيرمان، حين علم فينيسيوس أنه سيجلس على مقاعد البدلاء رغم مشاركته أساسياً في جميع المباريات السابقة، فاعترض بشدة، لكن ألونسو أصر على قراره لإيصال رسالة بأن «لا أحد فوق النظام».
ومنذ ذلك الوقت، بدأ المدرب في التناوب بين فينيسيوس ورودريغو في الجهة اليسرى، مع منحه فترات راحة متكررة. ويرى ألونسو أن هذا التوجه ضروري للحفاظ على التوازن البدني والتكتيكي للفريق، بينما يشعر فينيسيوس بأنه فقد الثقة التي كان يحظى بها سابقاً.
ويصف التقرير العلاقة الحالية بأنها احترافية وباردة، بخلاف ما كانت عليه مع أنشيلوتي، الذي كان أكثر قرباً من لاعبيه، ويجيد احتواء النجوم والتعامل معهم إنسانياً قبل فنياً.
تحول مركز القوة داخل النادي
تشير «بي بي سي» إلى أن مركز الثقل في مشروع ريال مدريد الفني تغيّر؛ إذ انتقلت الأضواء من فينيسيوس إلى الفرنسي كيليان مبابي، الذي أصبح محور الرهان الرياضي في النادي.
ويُذكر أن اللاعب البرازيلي أوقف مفاوضات تجديد عقده حتى عام 2030، عادَّاً أن الإدارة لم تقدّم له الحماية الكافية من الانتقادات الإعلامية أو القرارات التحكيمية المثيرة للجدل، كما أنه لا يشعر بالتقدير الذي كان يحظى به سابقاً.
ونقلت الشبكة عن مصادر مطلعة أن فينيسيوس «لن يوقّع حالياً على أي تمديد للعقد»، ما لم تتحسن علاقته بالمدرب ويستعيد مكانته المعنوية داخل الفريق.
جذور نفسية وردّات فعل اندفاعية
لشرح حساسية فينيسيوس، يستعرض التقرير خلفيته الاجتماعية في ساو غونسالو، إحدى ضواحي ريو دي جانيرو، حيث نشأ في بيئة فقيرة جعلته يرى الحياة معركةً دائمة لإثبات الذات. هذا التكوين رسّخ فيه قوة الشخصية وردّ الفعل السريع تجاه أي شعور بالإهانة أو التقليل من شأنه.
ويصفه زملاؤه بأنه «ليس شخصاً عدوانياً، لكنه سريع التأثر»؛ إذ يأخذ الأمور على محمل شخصي، ثم يهدأ سريعاً بعد أن يُعبّر عن انفعاله.
هدنة مؤقتة بين الطرفين
بعد ما حدث في الكلاسيكو، بادر فينيسيوس إلى الاعتذار علناً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما قدّم اعتذاراً لزملائه في غرفة الملابس، لكن اللافت أنه لم يذكر اسم ألونسو في بيانه؛ ما فُسّر على أنه اعتذار للجمهور والنادي وليس للمدرب. ومع ذلك، قبل ألونسو الاعتذار وفضّل تهدئة الأجواء.
يدرك المدرب أنه في حاجة إلى طاقة وإبداع لاعبه البرازيلي، بينما يعلم فينيسيوس أن أي مواجهة مباشرة مع مدربه ستضر بمستقبله وتضعه في مواجهة مع إدارة النادي والجماهير.
ويرى التقرير أن ما يجري الآن هدنة مؤقتة لا تسوية نهائية، وأن مستقبل العلاقة سيتحدد بناءً على المباريات المقبلة. فإذا شارك فينيسيوس وتألق، ستنحسر الأزمة تدريجياً، أما إذا استمر في الجلوس على مقاعد البدلاء، فقد تتجدد الخلافات.
في الوقت الراهن، تبدو الأجواء داخل ريال مدريد تحت السيطرة؛ فالإدارة تتعامل بهدوء، وألونسو متمسك بانضباطه، في حين يسعى فينيسيوس إلى استعادة تركيزه داخل الملعب.
ورغم أن الاعتذار لم يُنهِ الخلاف نهائياً، فإنه منح الجميع فترة هدوء مؤقتة قبل أي مواجهة جديدة قد تُعيد التوتر إلى السطح.
فغرفة ملابس ريال مدريد اعتادت العواصف الكبرى عبر تاريخه الطويل، ويبدو أن هذه الأزمة حتى الآن لا تزال قابلة للاحتواء.
قد يهمك أيضا
 
 
 
 
 
 
أرسل تعليقك