اختلاط المفاهيم والأوراق

اختلاط المفاهيم والأوراق

اختلاط المفاهيم والأوراق

 العرب اليوم -

اختلاط المفاهيم والأوراق

بقلم : عريب الرنتاوي

يحدثونك عن “محور المقاومة” الممتد من طهران إلى بيروت، مروراً بدمشق وبغداد، عطفاً على صنعاء وصعدة والحديدة، لا مشكلة في ذلك على الإطلاق، وقد تضاف إليها العوامية والدراز ... “محور” وضع في صدارة أولوياته محاربة العدو “الصهيو-أمريكي”، وعما يسمونه صنائعه في المنطقة، من الإرهاب الداعشي والقاعدي، إلى أنظمة  و”كياناتها الوظيفية!” المرتبطة بواشنطن، لا مشكلة في ذلك أيضاً، حتى بعد استخدام هذه الكلمة المركبة، ذات الوقع الأثقل على النطق والسمع على حد سواء” 

أمس، كنت أتابع أخبار معركة تلعفر، استوقفتني التقارير المصورة لجنود وضباط أمريكيين وبلجيك ، وهم يوجهون نيران مدفعيتهم وصواريخهم الذكية ضد أهداف لداعش في المدينة العراقية المحاصرة منذ عدة أشهر ... تساءلت: كيف يعقل أن يقاتل جنود التحالف “الصهيو-أمريكي” جنباً إلى جنب وكتفاً إلى كتف، مع قوى “محور المقاومة” على الجبهة ذاتها، وضد العدو ذاته؟ ... كيف أمكن لمعركة يقودها على الأرض الجنرال الإيراني قاسم سليماني وفي السماء الجنرال الأمريكي ستيفن تاونسند، أن تندرج في سياق “المقاومة والممانعة”، وضد العدو “الصهيو-امريكي”؟
واشنطن أنفقت المليارات خلال السنوات الثلاث الماضية في العراق، وإسناداً لجيشه وأجهزته الأمنية في حربها على الإرهاب، مع ذلك، يندرج العراق في عداد “محور المقاومة”، كيف يتحول العراق بقدرة قادر إلى محور رئيس في “محور المقاومة والممانعة”.

“داعش” و”القاعدة” صنيعة أمريكية-غربية، قول شائع، وتحديداً من قبل منظري “المقاومة” والناطقين باسمها ... كيف أمكن التوفيق بين “مُسلّمة” كهذه من جهة، و”مُسلمة” أخرى ترددها الحكومة العراقية وتقول إنه من دون دعم واشنطن وتدريبها وتسليحها، ما كان للعراق أن ينتصر في حربه على داعش والإرهاب ... وكيف يمكن تفسير ضغوط واشنطن على المعارضة المسلحة في سوريا لقتال داعش فقط، من دون النظام، وكيف يمكن قراءة التسليح الأمريكي للجيش اللبناني وحفزه على الانخراط في المعركة ضد داعش في جرود راس بعلبك والقاع ... تساؤلات برسم أصحاب الرؤوس الحامية فقط.

في لبنان على سبيل المثال، يندلع الجدل حول “ثالوثين مقدسين”، الأول: الجيش والشعب والمقاومة، مقابل الثاني: الجيش والدولة والشعب، الجيش قاسم مشترك أعظم بين الثالوثين/المعادلتين، والجيش يتلقى التدريب والتسليح من قبل الولايات المتحدة، فيما الدولة موزعة على الطوائف الموزعة بدورها على المحاور، وكذا الشعب ... ولقد كان لافتاً حضور اليزابيث ريتشارد، السفيرة الأمريكية في بيروت، لمراسيم احتفالية بتسليم الجيش دفعة جديدة من الآليات، عشية صعوده إلى جرود القلمون الغربي، في مهمة تنتمي لفعل “المقاومة”، ودائماً ضد العدو “الصهيو-أمريكي” وصنائعه.

تركيا أضيفت هي الأخرى إلى قائمة “الدولة الوظيفية”، وحظيت بلقب دولة “ضامنة للإرهاب” بعد أن كانت راعية له، ورئيسها يتسول دوراً في الإقليم، بعد أن استنفذ أدواره، أما بقاؤه في الحكم فلا يعود لصناديق الاقتراع أبداً، بل لصناديق الرصاص التي كان يزود بها قوى الإرهاب في سوريا، هكذا تحدث الرئيس السوري باسم “المحور” بأكمله.

لكن لرئيس الاركان جيوش دولة المركز في محور “المقاومة”الجنرال محمد باقري رأي آخر في تركيا، بعد أن زارها لأول مرة منذ العام 1979، فبلاده تنسق مع تركيا بخصوص سوريا، ولديها الرؤية ذاتها بخصوص استفتاء كردستان، والعلاقات تتطور معها باطراد، فيما الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، يصف الزيارة بالتاريخية ونقطة التحول، ويبدو أنها فعلاً كذلك، بدلالة أن الرئيس التركي المعروف بتعليقاته وردود أفعاله ، لم يتردد عن البوح بأن بلاده قد تخوض حرباً مشتركة مع إيران ضد حزب العمال الكردستاني ... “محور المقاومة” قد يخوض معركة جديدة، مع “ضامن الإرهاب” و”متسولي الأدوار”، ودائماً بالطبع، في سياق التصدي للعدو “الصهيو-أمريكي”.

ولأننا مسكونون بهاجس تقسيم المنطقة، على يد المحور “الصهيو-أمريكي”، فإن من الطبيعي أن تبقى قرون الاستشعار موجهة صوب مؤامراته، لكشفها وإسقاطها أولاً بأول ... مع أن أول مشروع رسمي أو شبه رسمي، لتقسيم سوريا إلى فيدراليات، جاءنا من الحليف الدولي الأكبر والأفعل لمحور “المقاومة”، وأعني به روسيا التي تقدمت بدستور قائم على فكرة الفدرلة، هذا ليس مهماً، فهو لا يزيد عن كونه خلافا داخل البيت الواحد، الخطر الماحق يأتي دائماً من العدو “الصهيو-امريكي”، حتى وإن كان بنيامين نتنياهو زار موسكو وسوتشي بأكثر مما زار واشنطن ونيويورك، وحتى وإن كانت موسكو معنية بتقديم ضمانات لإسرائيل، أكثر قوة ووضوحاً من تلك المتصلة بوحدة سوريا أو أمن “الدولة الوظيفية الجنوبية”: الأردن.

علي عبد الله صالح، الدكتور حيدر العبادي، السيد مقتدى الصدر، هؤلاء كانوا حتى الأمس القريب، أركاناً ركينة في محور المقاومة ... راقبوا المشهد بدقة، فعمّا قريب سيعلن عن هؤلاء بوصفهم “أحصنة طروادة” لاختراق “المحور” من داخله، وسيضافون إلى قائمة الخونة والعملاء والقاعدين والمتخاذلين، وسيكونون حلفاء طبيعيين لفريق 14 آذار ولكل “الدول الوظيفية” في المنطقة.

محور المقاومة والممانعة، الذي يمتد على خريطة المذهب الشيعي في الإقليم، سيأخذ بالتقلص والانكماش، فالشيعة أنفسهم، معرضون للإصابة بفيروس التخاذل والتواطؤ والعمالة، فهناك “شيعة السفارة”، وهناك “شيعة الرياض”، وقد تمتد القائمة فتطال شخصيات وكيانات إضافية، أما سنة هذا المحور وأشباههم، أو “خرزته الزرقاء”، فيتساقطون تباعاً من حماس في فلسطين حتى الزيدي علي عبد الله صالح في اليمن.

arabstoday

GMT 01:37 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

ريادة أعمال دينية!

GMT 01:33 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

في ذكرى ابن رشد

GMT 01:30 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

قائمة شندلر

GMT 01:28 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

فرق توقيت

GMT 01:25 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الذهب الأبيض كيف يستعيد عرشه؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختلاط المفاهيم والأوراق اختلاط المفاهيم والأوراق



هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - العرب اليوم
 العرب اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 02:14 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إيران
 العرب اليوم - الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إيران

GMT 14:31 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين
 العرب اليوم - أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 16:50 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

نيقولا معوض بطل النسخة العربية لمسلسل امرأة
 العرب اليوم - نيقولا معوض بطل النسخة العربية لمسلسل امرأة

GMT 14:16 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
 العرب اليوم - "فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

سقوط صواريخ على جبل ميرون في الجليل الأعلى

GMT 20:20 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 3 أشخاص في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 15:21 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

يسرا تكشف موقفها من دراما رمضان المقبل

GMT 00:24 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الجيش الأميركي يشتبك مع مسيّرتين للحوثي في اليمن

GMT 20:02 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نيران ضخمة تلتهم مبنى بورصة كوبنهاغن التاريخي

GMT 23:57 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

الإمارات تشهد أكبر كميات أمطار خلال 75 عاماً

GMT 01:05 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

سقوط 6 صواريخ على شمال إسرائيل دون إصابات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab