دار للكفر ودار للإيمان

دار للكفر ودار للإيمان

دار للكفر ودار للإيمان

 العرب اليوم -

دار للكفر ودار للإيمان

بقلم : مكرم محمد أحمد

يكمن أحد التحديات المهمة للخطاب الدينى فى فض العلاقة بين النص الدينى وحق الإنسان الفرد فى استخدام العنف لتقويم سلوك إنسان آخر وإلزامه قيم الصلاح والدين، باعتبار ذلك بات من مسئوليات الدولة التى اصطلح غالبية المسلمين على أنها دولتهم، التى تحفظ أمن المجتمع واستقراره وتنشئ الدستور والقانون، وتعهد بتنفيذهما الى سلطة العدالة التى تتمثل فى قضاء ناجز ومستقل يصدر أحكاما عادلة تقوم على تنفيذها مؤسسات الردع المتمثلة فى الأمن والشرطة، بحيث يمتنع على الإنسان الفرد أو أى من جماعاته المشروعة أن تأخذ ناصية القانون فى يدها لأن هذا الاختصاص لم يعد معقودا لها منذ أن أصبحت هناك دولة يرى غالبية المسلمين أنها دولتهم، وضاق اختصاص الفرد فى تقويم سلوك الناس والجماعة عند حدود الجهر بالحق والدعوة الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، هذا حساب بين العبد وربه. 

وأظن أن إسقاط النص الدينى لتكليف الجهاد عن الإنسان الفرد منذ أن أصبحت هناك دولة اكتفاء بالحكمة والموعة الحسنة، يعنى أن نطاق التكليف بالجهاد بات وقفا على مخاطبة وعى الانسان المسلم وتربية عقله، وتمكينه من حق إختيار الطريق الذى يسلكه وتعمل مسئولية هذا الاختيار أمام ربه، ليصبح المعنى الحقيقى لجهاد الإنسان المسلم هو جهاد النفس يروضها ويقومها لأن صلاح الأمة من صلاح أفرادها. وإذا كان النص الدينى قد أسقط عن الإنسان الفرد وجماعاته حق الجهاد باسم الجماعة المسلمة كى يحمى المجتمع من سوء تأويل النص الدينى وسوء استخدامه، وعهد بهذا الواجب، المهم الى سلطة مدنية يحكمها الدستور والقانون ضمانا لسلامة المقاصد والأفعال، فإن الخروج على مقتضيات هذا الحال يمثل خروجا على التفسير الصحيح للنص الدينى فى إطار الوسطية التى ينحاز لها النص الديني، وتحرم الحرب على الانسان المسلم على نحو قاطع إلا أن تكون ردا للعدوان ودفاعا عن النفس، وكما نظم النص الدينى حق استخدام العنف قصاصا من المعصية والشر وأوكل هذه المهمة للدولة محددة للدولة أساسا راسخا للاستمرار ، يتمثل فى الحفاظ على العدل الذى يعنى بالنسبة للدولة تطبيق حكم القانون على الجميع دون أى من صور التمييز كى لا يصح الخروج على الدولة مباحا سداحا مداحا دون ضوابط تحميها من شرور الفتن وسوء التأويل الذى يمكن أن يجلب مفاسد أكبر تقود الى الفوضى والضياع. 

وبذلك نضمن توافق الشريعة ومقاصد العباد وانتفاء التناقض بين تعاليم الدين الصحيحة وأحكام القانون الدولي، وانعدام أى من صور القضاء بين إعمال الشريعة وإعمال العقل، لأن المهم فى التكليف الدينى فى كل صورة أن يخدم حق البشرية فى البقاء، وحق الإنسان فى أن يكون إنسانا، وحق كل إنسان فى المواطنة دون تمييز، وحق كل من يدب على كوكبنا الأرضى فى أن يتمتع بالأمن والسلام ابتداء من الشجرة الطيبة التى يحرم الاسلام اقتلاعها الى الآخر الذى يشاركك حق الحياة والوجود على كوكبنا الأرضى وماله حق التعايش والعيش المشترك..، وما يحدث على الأفراد يحدث على الشعوب والأمم التى من واجبها طبقا للنص الدينى أن تتعارف وتتواصل وتتبادل المعارف والمصالح، لأنه ليس صحيحا أن العالم ينقسم الى دار كفر ودار إيمان تستعر الحرب بينهما الى يوم الدين!. هذه حماقة كبري، وانما هناك مجتمع إنسانى تداخلت علاقاته وتشابكت مصالحه وسقطت عنه موانع الاتصال وحواجز الجغرافيا ليصبح مجرد قرية صغيرة يحكمها المصير المشترك.

arabstoday

GMT 08:43 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

ترامب فى آخر طبعة تغيير جذرى فى المواقف!

GMT 09:11 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أمريكا تدعم حفتر فى حربه على الإرهاب

GMT 08:27 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أمريكا تُعزز وجودها العسكرى

GMT 07:30 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هل يحارب أردوغان قبرص؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دار للكفر ودار للإيمان دار للكفر ودار للإيمان



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:30 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

إسرائيل تعتقل 40 فلسطينيا في الضفة الغربية

GMT 18:04 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.6 يضرب ولاية توكات شمال تركيا

GMT 02:31 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

سماع دوى انفجارات في أصفهان وسط إيران

GMT 06:26 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تحطم طائرة في إحدى أقاليم جنوب روسيا

GMT 14:32 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

الحرس الثوري يهدد بمراجعة عقيدة إيران النووية

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تركيا ترفع حالة التأهب بعد ضربة الزلزال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab